ماذا الذي يجعل الشخص يغير تفكيره من مجرد التفكير بشأن الانتحار إلى محاولة الانتحار؟ يقول الدكتور ديفيد شافير، مدير مركز العلوم النفسية للأطفال والمراهقين في جامعة كولومبيا، وخبير قيادي في السلوك الانتحاري، " قد تكون الأسباب معقدةَ، لكن الأنماط عادة تكون بسيطة".
يوضح الدكتور شافير، بأنه إذا تم تحديد المؤشرات مبكرا، فقد تستطيع العائلة والأصدقاء أن يقدموا المساعدة المراهق ويمنعوا الانتحار.
في أي عمر يفكر الشخص بالانتحار؟
حاليا لا توجد معلومات كثيرة حول حالات الانتحار عند الأطفال قبل سن الدخول إلى المدرسة، إلا انه يعتقد بأن الأفكار الانتحارية تبدأ مباشرة قبل سن البلوغ أو حول سن البلوغ. ولكننا أحيانا نصادف أطفالاً يقولون بأنهم يتمنون الموت، أو يرغبون في إنهاء حياتهم أو شيء من هذا القبيل. ولكن من النادر جداً أن ينفذ الأطفال هذه التهديدات.
ماذا يدفع الأطفال للتفكير بهذه الطريقة الانتحارية؟
من الواضح أن التَفكير الانتحاري معقد جدا. فهناك أطفال يهددون به لمجرد التأثير على الوالدين. وهناك أطفال يقولونه في لحظة غضب وحزن. وهناك أطفال يقولونه ويعنون ما يقولون. ولأنه أمر شائع جداً، فليس من الضروري أن يكون مؤشرا على ما يجري حقيقة داخل عقل الطفل.
هل تؤدي هذه الأفكار عادة إلى تنفيذ الانتحار؟
محاولات الانتحار شائعة جداً، خصوصا عند الأطفال المكتئبين، الذين ينتهي المطاف بهم في المعالجة، وعادة ما تكون نسبة الأطفال الذين يفكرون بالانتحار 40 إلى 50 بالمائة، بينما الأطفال الذي حاولوا الانتحار حوالي 30 بالمائة.
من هي الشريحة التي تعتبر في خطر أكثر؟
أولاً، تزيد نسبة انتحار الأطفال كلما اقتربوا من مرحلة المراهقة. لذا، فالمراهقون الذين يقومون بالانتحار هم على الأغلب ما بين 18 و 19 عاما فقط. ويشكلون نصف عدد المنتحرين الشباب.
ثانياً، يحدث الانتحار أكثر بين الذكور. فالانتحار شائع حوالي خمس مرات أكثر عند الذكور من الإناث.
ثالثاً، التاريخ العائلي للانتحار قد يشكل عاملاً مهماً جداً في نسبة تكراره. تزيد نسبة الانتحار حوالي مرتين أكثر إذا كان هناك تاريخ عائلي للانتحار في العائلة.
أما الأشخاص الذين يكونون عرضة أكثر للانتحار، فهم الأطفال العصبيون، سريعو الغضب، والذين يتمتعون مشاعر متطرفة جداً، والذي يعانون من حالات كآبة، أو حزن شديد. وهناك نوعان من المشاعر التي تميز الانتحار: الأول عدم السيطرة على المشاعر، والأحاسيس، والأفعال، والثاني الشعور بعدم وجود أمل.
ما الذي يسبب تفكير المراهق بالانتحار، والقيام به؟
تقسم الأحداث إلى قسمان، وهي غالبا مواقف عادية يصادفها ملايين الأطفال كل يوم، ونادرا ما تسبب التفكير في الانتحار. وأهمها الوقوع في المتاعب وعدم معرفة الخروج منها، مثلا، القيام بكسر زجاج أحد النوافذ، الغش في الامتحانات، السرقة من طفل أخر. وغالبا ما يفكر الطفل في إنهاء حياته كحل لورطته، حتى قبل أن يعرف ما هي عواقب فعلته.
وخلال تلك الفترة المحيرة التي تلي القيام بالفعل السيء، يقع الطفل ضحية للتفكير السلبي، والقلق، والخوف الشديد من العواقب التي قد تجعله يفكر جديا في مسألة أنهاء حياته. فهم يريدون التخلص من مشاعر الذنب، والخوف والقلق بسرعة، وسهولة.
ومن المسببات الأخرى التي تدفع المراهقين للانتحار، مواجهة مواقف عادية في الحياة مثل الانفصال عن شخص يحبه، التعرض للإذلال أمام طلاب صفه، خسارة مبارزة أمام احد زملائه، أو التعرض للإهانة.
يجب على الآباء والأصدقاء مراقبة المؤشرات التحذيرية؟
بعض الأعراض قد تكون واضحة جداً، مثل أعراض الكآبة، أو كتابة وصية، وهذه شائعة جداً بين الأطفال، حيث نادرا ما تحدث قبل الانتحار. أما الميزات الكلاسيكية فهي انسحاب الطفل من المجتمع، وانعزاله عن الأصدقاء، وعدم خروجه من البيت. التوقف عن ممارسة النشاطات التي كان يحبها, وأحياناً قد يقول الأطفال بأنهم لا يردون الخروج لأنهم قبيحون، أو لأن الأطفال الآخرين لا يحبونهم، أو لا يرغبون في التحدث معهم. وأحيانا يصبح الطفل عصبيا، ومتوترا، ويرد على أهله بعصبية، وغضب.
هل يستطيع المراهقون الخروج من هذه الحالة؟
غالبا ما تزداد نسبة الانتحار بين المراهقين الأكبر سنا، ثم تتلاشى تدريجيا مع مرحلة النضج. وغالبا ما يتغير مفهوم الانتحار مع هذا التطور الفكري.
كيف يستطيع الآباء والأصدقاء منع الانتحار الوشيك؟
اعتقد بأن أول وأسهل الحلول هو عدم ترك الطفل يصاب بالكآبة، والانتباه إلى أعراض الكآبة إن وجدت. فالعديد من الأطفال، والمراهقين لا يعرفون حتى ما هي الكآبة، فهم يشعرون بالسوء، وبأنهم غير مرغوب بهم. ولا يعتقدون بأنهم مصابون بالكآبة. بينما من جهة أخرى، ينكر بعض الآباء كآبة الأطفال ويعتبرونها طبيعية في سن الانتقال إلى المراهقة. ويمكنك القراءة أكثر عن هذا الموضوع، وتوعية الأطفال، وإرشادهم إلى التحدث معك عن ما يدور في ذهنهم من أفكار، ومخاوف.
إن وجود الوالدين معاً بجانب الطفل في هذه المرحلة الانتقالية أمر ضروري، والاستماع إلى الطفل يعتبر أجدى طريقة للخروج من هذه المرحلة بشخصية قوية، وثابتة، ومستقرة.