رجل الظل المطارد 30 عامًا: من هو محمد السنوار العقل العسكري الغامض

تاريخ النشر: 30 ديسمبر 2025 - 06:15 GMT
_

في أعقاب إعلان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، استشهاد محمد السنوار الذي تولّى رئاسة أركانها خلال الحرب على غزة خلفًا للشهيد محمد الضيف، بدأت تتكشف ملامح الرجل الذي بقي متواريًا عن الأنظار لأكثر من ثلاثة عقود في مواجهة مطاردة الاحتلال الإسرائيلي.

وبرز اسم محمد السنوار خلال عملية طوفان الأقصى باعتباره الهدف الأول لدى تل أبيب، بوصفه ثاني قائد يحمل مسمى رئيس أركان كتائب القسام منذ انطلاق العمل المسلح عام 1987. وزعم الاحتلال الإسرائيلي اغتياله عقب تنفيذ حزام ناري كثيف في محيط المستشفى الأوروبي شرق مدينة خان يونس في 13 مايو/أيار 2025.

ومنذ التحاقه بكتائب القسام عام 1992، التزم السنوار، البالغ من العمر 51 عامًا، بنهج التخفي الذي عُرف به رفيقه محمد الضيف، إذ لم يُسجَّل له أي ظهور علني أو إعلامي مكشوف، ما أسهم في شح المعلومات الاستخبارية عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي. وقبيل عملية طوفان الأقصى بنحو عام، التقى السنوار، الذي كان يشغل آنذاك رئاسة ركن العمليات، بعدد من الكُتّاب السياسيين في غزة، واطلعهم على تطورات المشهد الميداني، مؤكدًا أن تحرير الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيلي لن يتحقق إلا بوسائل غير تقليدية، في إشارة لم تتضح دلالاتها إلا لاحقًا.

ومع انطلاق المعركة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تكشفت ملامح الدور الذي اضطلع به القائد الغامض، الذي يعاني من انحناءة في ظهره نتيجة إصابة تعرض لها خلال محاولة اغتيال في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع صيف عام 2014.

وبحسب معلومات نقلتها الجزيرة نت عن مرافقين له خلال مهامه العسكرية، كان السنوار مطلعًا على أدق تفاصيل العمل الميداني، ويشرف بنفسه على تنفيذ العمليات، مع التزامه بإجراءات أمنية مشددة أثناء تنقله داخل القطاع. واستخدم في أوقات مختلفة سيارات قديمة أو مركبات شبيهة بوسائل النقل العام للتمويه، كما اعتمد أساليب خاصة عند الدخول والخروج من منزله في مخيم خان يونس جنوب القطاع، لا سيما خلال فترات التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وفي سياق التحضيرات لعملية طوفان الأقصى، أشرف السنوار على طلب تصنيع صواريخ بمديات محددة وبكميات كبيرة، دون الكشف عن الغاية منها، قبل أن يتضح لاحقًا استخدامها ضمن منظومة “رجوم” لقصف مستوطنات غلاف غزة، في تغطية نارية واسعة للهجوم. وتشير الشهادات إلى حضوره المباشر في تفاصيل الملفات التي تابعها، وجرأته الميدانية التي دفعته إلى زيارة الحدود الشرقية مع الاحتلال الإسرائيلي.

كما شارك السنوار بنفسه في المعارك التي شهدتها المناطق الشرقية من خان يونس خلال التوغل البري للاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 2014، حين كان قائدًا للواء خان يونس، وأسفرت تلك المواجهات عن مقتل وإصابة أكثر من 70 جنديًا من قوات الاحتلال، وهو الرقم الأكبر في تلك الحرب.

وتولى لاحقًا الإشراف المباشر على عمليات الإمداد وخطوط وصول السلاح إلى الكتائب المقاتلة عام 2015، خلفًا للشهيد محمد أبو شمالة الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان 2014. ونسج علاقات مع جهات خارجية تتحكم بمسارات إمداد المقاومة، مستفيدًا من قدراته في التواصل والإقناع، فيما كان يقضي فترات طويلة داخل شبكة الأنفاق ضمن خطط الجهوزية لمواجهة الاحتلال.

وشملت العمليات التي أشرف عليها عملية “ثقب في القلب” التي نُفذت عام 2005، وتأمين الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة عام 2006 واحتُجز خمس سنوات دون أن تنجح أجهزة استخبارات الاحتلال الإسرائيلي في الوصول إليه. كما قاد التحقيقات عقب كشف قوة خاصة للاحتلال شرق خان يونس عام 2018، وأشرف على الرد باستهداف حافلة عسكرية للاحتلال في شمال القطاع.

وحرص محمد السنوار على إتقان اللغة العبرية ومتابعة تفاصيل الشأن الإسرائيلي، وخلال مسيرته العسكرية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عامًا، أسهم في تأسيس شبكة اتصالات داخلية آمنة لكتائب القسام، وأشرف في السنوات الأخيرة على إنشاء وحدة الإدارة والتنظيم وهيئة ضبط الجودة في الصناعات العسكرية.