صد الجيش المالي الاحد هجوما جديدا شنه المتمردون الطوارق في شمال البلاد في اعقاب الانقلاب الذي يسعى زعماؤه الى استعادة النظام بعد الاطاحة برئيس البلد في غرب افريقيا.
وصرح المتمردون في وقت سابق انهم يتقدمون نحو مدينة كيدال الشمالية الرئيسية، الا ان مسؤولا في الجيش في المدينة صرح لوكالة فرانس برس انه تم صد المتمردين.
وقال المسؤول العسكري الذي طلب عدم الكشف عن هويته "اليوم قمنا بصد هجوم للمتمردين الاسلاميين"، في اشارة الى احدى الحركتين المتمردتين اللتين تقاتلان من اجل استقلال موطن الطوارق في المثلث الشمالي من البلاد.
ويعتبر الطوارق وهم قبائل صحراوية تسكن شمال مالي، اقلية في هذا البلد المترامي الاطراف. وقاموا بالعديد من الانتفاضات في العقود الاخيرة احتجاجا على ما يصفونه باهمال الحكومة لهم.
وفي 17 كانون الثاني/يناير شنوا اول تمرد لهم منذ العام 2009، ساعدهم في ذلك عودة المقاتلين المدججين بالسلاح والمتدربين على المعارك من ليبيا حيث كانوا يقاتلون لحساب الزعيم السابق معمر القذافي.
واستولت قواتهم على العديد من البلدات واسرت عشرات الجنود الذين تردد انهم اما محتجزون او قتلى، ما اثار غضب قوات الجيش من طريقة تعامل الحكومة مع النزاع.
وتمرد الجنود الغاضبون على الحكومة في باماكو الاربعاء، واعلن قائدهم الكابتن امادو سانوغو الخميس انهم اطاحوا بالرئيس امادو توماني توري وحلوا جميع مؤسسات البلاد وعلقوا العمل بالدستور بعد مواجهات مع الموالين للنظام حول مقر الرئاسة.
واتهموا الرئيس توري وقادتهم بالعجز عن مكافحة حركة تمرد الطوارق والمجموعات الاسلامية وخصوصا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.
ودعا سانوغو المتمردين الى اجراء محادثات لبدء "عملية سلام" في محاولته لاستعادة النظام.
وساد التوتر العاصمة باماكو الاحد ولم يخرج سوى عدد قليل من الناس فيما قامت قوات الامن بدوريات في الشوارع.
واغلقت البنوك ومعظم المتاجر ابوابها في العاصمة التي عادة ما تكون مزدحمة، رغم ان بعض محطات الوقود فتحت ابوابها بعد ان طلب منها الانقلابيون ذلك.
ولم يتضح بعد مصير الرئيس توري وهل يحظى بحماية عسكريين موالين في مكان مجهول وما اذا كان يعد لهجوم مضاد كما اكد الخميس مقربون منه، او انه اسير الانقلابيين.
وهدد 14 من اعضاء الحكومة الذين احتجزهم الانقلابيون بالاضراب عن الطعام.
وجاء في رسالة بعثها احد المسؤولين الى وكالة فرانس برس "يوجد 14 منا في غرفة مساحتها 12 مترا مربعا، وننام كل ثلاثة على فراش واحد".
ويحتجز هؤلاء في ثكنات كاتي العسكرية على مشارف باماكو حيث يسعى سانوغو الى تعزيز الانطباع بانه يسيطر على الوضع، ويعقد اجتماعات ويصدر العديد من الاعلانات العامة.
واجرى سانوغو من مقره في ثكنة كاتي بالقرب من باماكو سلسلة من اللقاءات خصوصا مع السفير الفرنسي كريستان رواييه، حسبما افاد التلفزيون الرسمي "او ار تي ام" الذي يسيطر عليه الانقلابيون.
والاحد اعلنت نيروبي اجلاء وزيري خارجية كينيا وزيمبابوي بطائرة مستاجرة بعد ان علقا في مالي بعد الانقلاب.
ودان الانقلابيون عمليات النهب الواسعة في العاصمة، ويحاولون فرض النظام ودعوا "جميع الجنود الى العودة الى ثكناتهم"، مذكرين قادة الوحدات بانهم مسؤولون عن رجالهم.
وقالت جماعة "انصار الدين" من الطوارق المتمردين ان مقاتليها حاصروا واحدة من اهم البلدات الشمالية مؤكدين انهم سيطبقون الشريعة الاسلامية.
وذكرت الجماعة في بيان "بفضل الله تعالى وبركاته، سنتمكن قريبا من السيطرة على ارضنا في كيدال"، احدى اهم مدن شمال شرق مالي، بعد اربعة ايام على الانقلاب العسكري.
وجماعة "انصار الدين" هي تنظيم اسلامي قاتل الى جانب حركة ازاواد القومية للتحرير من اجل استقلال موطن الطوارق الرحل في المثلث الشمالي من البلاد.
الا انه فيما تدعو "انصار الدين" الى تطبيق الشريعة الاسلامية، نأت حركة ازاواد بنفسها عن اي توجه ديني.
وستحيي مالي الاثنين الذكرى ال21 لاخر انقلاب، عندما قاد توري عملية الانقلاب على الديكتاتور موسى تراوري وقاد البلاد الى اول انتخابات ديموقراطية بعد ذلك بعام.
وبعد تقدم مالي نحو الديموقراطية خلال العقدين الماضيين، جاء انقلاب الخميس ليثير قلق المجتمع الدولي الذي سارع الى ادانته.
وعلق الاتحاد الافريقي عضوية مالي مؤقتا، فيما جمدت كل من اوروبا وكندا المساعدات، وهددت الولايات المتحدة بالشيء نفسه.
وافادت مصادر متطابقة ان وفدا من المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا قام بزيارة قصيرة الجمعة الى باماكو.
واوضح دبلوماسي افريقي ان الوفد تباحث هاتفيا مع الكابتن سانوغو الذي لم يحضر الى المدينة لاسباب امنية، لكنه لم يفصح عن فحوى المباحثات.
وسيعقد رؤساء المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) اجتماعا طارئا في ابيدجان الثلاثاء.