أفادت القناة الإسرائيلية "i24" بوجود ما وصفته بـ"تفاصيل جديدة ومقلقة" حول تجربة إطلاق صاروخ فلسطيني محلي الصنع من نوع "قسام" في محيط مدينة رام الله، في خطوة قد تُنذر ببدء مرحلة جديدة من العمل المقاوم في الضفة الغربية، تحاكي تجربة المقاومة في قطاع غزة.
وبحسب التقرير، جرت تجربة الإطلاق في ساعة متأخرة من الليل الأسبوع الماضي، قرب قرية كفر نعمة، الواقعة على بُعد حوالي 4 كيلومترات من مستوطنة "موديعين عيليت". وأوضحت القناة أن الصاروخ لم يُضبط خلال مراحل التصنيع أو التخزين، بل أُطلق بالفعل وارتفع في الجو قبل أن يتفكك ويسقط على مسافة من منصة الإطلاق.
وتمكنت أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي من العثور على بقايا الصاروخ والمنصة، ما أكد نجاح عملية الإطلاق، رغم أن الرأس الحربي الذي كان يحمله كان صغير الحجم نسبياً، وفق التقديرات الأولية. وأشارت القناة إلى أن التحقيقات الأمنية ما تزال جارية لتحديد طبيعة المواد المستخدمة ومدى تطور عملية التصنيع.
ووفقًا لتقديرات خبراء عسكريين إسرائيليين استندت إليهم القناة، فإن الصاروخ الذي تم إطلاقه يصل مداه إلى نحو 10 كيلومترات، ما يجعله قادرًا نظريًا على تهديد المستوطنات المحيطة بمناطق الضفة، في حال تم تطويره أو تكرار التجربة.
أثارت الحادثة حالة من القلق داخل المنظومة الأمنية لدى الاحتلال، خاصة مع تزايد المؤشرات على محاولة فصائل المقاومة في الضفة الغربية إدخال سلاح الصواريخ إلى معادلة المواجهة، ولو بشكل محدود أو بدائي في هذه المرحلة. ونقلت شبكة "قدس برس" عن مصادر أمنية إسرائيلية أن الأجهزة المختصة تنظر بجدية إلى هذا التطور، خشية تحوّله إلى "مسار استراتيجي جديد" للمقاومة.
وأكدت المصادر أن الاحتلال يرى في هذه التجربة خطوة رمزية لكنها بالغة الدلالة، إذ تفتح الباب أمام تكرار المحاولات وتطويرها تقنيًا، بما يشكل تهديدًا إضافيًا للجبهة الداخلية.
من جانبه، رأى المحلل العسكري الفلسطيني رامي أبو زبيدة أن هذه التجربة تمثل تحولًا نوعيًا في مسار المواجهة في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أنها "تُظهر قدرة المقاومة على المبادرة تحت الضغط، وتحويل الموارد المحدودة إلى أدوات فعل ميداني تفرض حسابات جديدة على الاحتلال".
وفي تحليل نشره عبر قناته على "تلغرام"، أشار أبو زبيدة إلى أن الأهمية لا تكمن فقط في الجانب الميداني، بل في الرسالة السياسية والعسكرية التي تحملها هذه التجربة، إذ "تُعيد المقاومة تعريف معايير الردع والخطر، وتجعل من كل منطقة في الضفة ساحة مواجهة محتملة".
وأضاف أن القدرة على المبادرة، ولو بإمكانيات بسيطة، كفيلة بخلق ضغط دائم على الاحتلال، وتحويل مهمة الدفاع إلى عبء ثقيل، في ظل انكشاف جبهته الداخلية وامتداد حالة التوتر إلى مناطق جديدة.
بينما يعتبر الاحتلال أن ما جرى محاولة معزولة، ترى أوساط المقاومة ومراقبون أن التجربة تحمل بوادر تحوّل أعمق، قد يمهد لمرحلة جديدة في الضفة الغربية، تتجاوز المواجهات التقليدية نحو امتلاك وسائل تهديد استراتيجي، وإن كان في مراحله الأولى.
وفي ظل تصاعد التوتر في مختلف جبهات فلسطين المحتلة، تبقى تجربة كفر نعمة حدثًا فارقًا، يُتابع عن كثب من قبل الاحتلال، ويحتفي به أنصار المقاومة بوصفه فتحًا جديدًا في معركة مفتوحة على الزمن والجغرافيا.