باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر يرصدون تأثّر جماعات عرقية معيّنة أكثر من غيرها بالأمراض المرتبطة بالحرارة

أظهرت دراسة علمية أجراها باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر ارتفاعاً لافتاً في أعداد مراجعي أقسام الطوارئ في ولاية كاليفورنيا جرّاء أمراض ناجمة عن الحرارة، مثل إنهاك الحر وضربة الشمس. وقد ارتفعت أعداد مثل هذه الحالات المرضيّة بنسبة 35% في غضون عشرة أعوام مضت، وبدا لافتاً أن الأميركيين المتحدّرين من أصول أفريقية وآسيوية ولاتينية أكثر تأثراً بتلك الأمراض من عموم سكان الولاية.
عمل على الدراسة كل من الدكتور غريغوري أوستروفسكي الأستاذ المساعد لطب الطوارئ، والدكتور زياد محفوض الأستاذ المشارك لسياسات وبحوث الرعاية الصحية، وطالبة الطب رنا أبو السعود من دفعة 2019 التي استعرضت نتائج الدراسة خلال الملتقى السنوي لجمعية طب الطوارئ الأكاديمي (SAEM)، الجمعية المهنية الريادية لأطباء الطوارئ الأكاديميين.
نُشرت الدراسة في الدورية العلمية المتخصصة Wilderness &Environmental Medicine بعنوان "التبايُن القائم على العِرق في الأمراض المرتبطة بالحرارة آخذ في الازدياد في ولاية كاليفورنيا"، وأظهرت ارتفاعاً في أعداد المراجعين لأقسام الطوارئ بسبب حالات مرضيّة ناجمة عن الحرارة بين عامي 2005 و2015 بنسبة 67% بين الأميركيين من أصول أفريقية، وبنسبة 53% بين الأميركيين من أصول آسيوية، وبنسبة 63% بين الأميركيين من أصول لاتينية.
وفي المقابل، ارتفعت أعداد الحالات المرضيّة التي استقبلتها أقسام الطوارئ للسبب نفسه بين السكان البيض بنسبة 27% فقط. وبيّنت الدراسة ارتفاع معدلات حالات الأميركيين الأفريقيين والآسيويين عن عموم سكان الولاية طوال العقد المذكور، فيما زادت معدلات حالات الأميركيين اللاتينيين والسكان البيض على نحو متماثل حتى عام 2013، وبعدئذٍ تباعدت معدلات هاتين الفئتين.
وجاء في الدراسة التي نالت اهتماماً واسعاً بعد أن نشرت وكالة الأنباء العالمية رويترز تقريراً عنها، أن "الاتجاه العام يُظهر ازدياد أعداد المراجعين خلال الأعوام القليلة الماضية للجماعات العِرقية كافة، ويمكننا أن نعلّل ذلك بعوامل اختطار مشتركة مثل بلوغ درجات الحرارة أقصاها واشتداد الحرارة. غير أن الزيادة غير المتناسبة (في ما بين الأقليات) تستلزم البحث عن عوامل ذات طبيعة عِرقية تؤثر في قابلية التأثُّر بالحرارة".
استندت الدراسة البحثية إلى بيانات مستمدّة من "برنامج كاليفورنيا لتتبّع الصحة البيئية" (CEHTP)الذي يسجّل زيارات أقسام الطوارئ وحالات المكوث في المستشفيات بسبب حالات مرضيّة ناجمة عن الحرارة. وتتيح ولاية كاليفورنيا إمكانية الاطلاع دون قيود على البيانات المتعلقة بالأمراض الناجمة عن الحرارة أو المرتبطة بها، ما يجعل الولاية مرجعاً مفضلاً للباحثين المتخصصين في هذا المجال. وعكف باحثو وايل كورنيل للطب - قطر على إجراء هذه الدراسة بهدف التوصل إلى رؤية متعمّقة تستند إلى بيانات ولاية كاليفورنيا يمكن أن تساعدهم في ما بعد في فهم نمط زيارات أقسام الطوارئ بسبب أمراض ناجمة عن الحرارة في قطر.
كما أشارت الدراسة إلى عوامل عدّة يمكن أن تفسّر التفاوت اللافت في مراجعة أقسام الطوارئ، من بينها الحالة الاجتماعية-الاقتصادية المتدنية، والعيش في مناطق مكتظة بالسكان دون توافُر أجهزة تكييف الهواء بشكل كافٍ، وارتفاع معدلات العمل في الهواء الطلق إلى جانب القيام بمهامّ عمل تتطلب جهداً بدنياً أكبر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أوستروفسكي: "نحن سعداء بتغطية وكالة رويترز العالمية لهذه الدراسة، إذ ستقود ظاهرة الاحتباس الحراري إلى تصاعد عدد الأمراض الناجمة عن الحرارة في المستقبل، ما يحتّم إجراء المزيد من البحوث حتى يتسنى لنا فهم العوامل المتسببة في تأثُّر المجموعات السكانية الأكثر عُرضة على نحو غير متناسب مقارنةً بغيرها. وهذه الدراسة مهمة أيضاً بالنسبة لقطر لأنها تُظهر الفائدة المتأتية من برامج تتبّع الصحة البيئية في بلد تبلغ فيه درجات حرارة معدلات عالية في أشهر الصيف. وليس بالإمكان إجراء بحث مماثل هنا في قطر دون مثل هذه البيانات، بل إن الفائدة المتحققة هنا في قطر قد تكون أكبر بكثير بسبب درجات الحرارة القائظة هنا".
وأكّد الدكتور محفوض أن بإمكان واضعي السياسات الاسترشاد بنتائج مثل هذا الدراسات عند تخصيص الأموال اللازمة لمواجهة مثل هذه التفاوتات الصحية من خلال فهم العوامل الكامنة وراءها والأخذ بتدابير التدخل اللازمة للحؤول دونها.
وفي الختام، أشار المؤلّفون إلى عدد من القيود في الدراسة، من بينها التباين في جودة عملية جمع البيانات مع مرور الوقت وعلى امتداد مقاطعات ولاية كاليفورنيا، وتفاوُت الرعاية الصحية المتاحة، وهجرة الأفراد إلى مقاطعات أشدّ حرارة داخل حدود ولاية كاليفورنيا وخارجها.
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.