الإكتتابات الأوّلية العامة تشهد سنة ضعيفة ثانية، نظرا لحذر المصدرين والمستثمرين من التقلبات التي تشهدها أسواق رأس المال

ترى شركة بي دبليو سي (PwC) الشركة العالمية الرائدة في مجال تقديم الخدمات المهنية، أن سوق الإكتتاب الأولي العام في دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال يشهد حالة من الهبوط في الثلاثية الأخيرة من سنة 2011، لنسجّل سنة عصيبة على الإكتتابات الأوّلية العامة بالجهة. حيث قدّر مجموعها خلال الثلاثية الأخيرة من سنة2011 بـ212 مليون دولار، مما يمثّل انخفاضا طفيفا في قيمة العرض بنسبة 3% مقارنة مع الثلاثية الثاثة من نفس السنة، ولكنه إنخفاض واضح مقارنتا بالسنة السابقة حيث قدّر بنسبة 79%.
هذا وقد بقت المملكة العربية السعودية على رأس قائمة أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، حيث شهدت إكتتابين أوليين عامين خلال الربع الأخير من سنة 2011 بقيمة 148 مليون دولار مما يمثّل 70% من مجموع ما تم جمعه في بورصات دول المجلس.
أما عن الإكتتاب الأوّلي العام الآخر الذي شهدته دول مجلس التعاون الخليجي خلال نفس الفترة، فقد كان للشركة العمانيّة اس ام ان باور القابضة الذي قدّر بـ 63.8 مليون دولار.
بالرغم من أن عدد الإكتتابات في هذه الثلاثية قد بقي على نفس المستوى الذي شهدته الثلاثية الرابعة من سنة 2010 الا أن معدل حجم الإكتتابات الأوّلية العامة انخفض بشكل ملحوظ من 343 مليون دولار إلى 71 مليون دولار في الربع الأخير من سنة 2011.
وفي هذا الصدد علق ستيف ديريك، رئيس مجموعة الأسواق المالية بالشرق الأوسط في بي دبليو سي قائلا: "أدى حذر المستثمرين المقرون بتردد المصدر بالبيع، نظرا إلى إنخفاض التقييمات، بإبطاء و إختناق أسواق البورصة. حيث تراجعت مخططات الإكتتاب في دول مجلس التعاون الخليجي خلال 2011، حيث أثّرت حالات عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي مثل أزمة الديون التي شهدتها منطقة اليورو والاضطرابات السياسية الإقليمية على ثقة المستثمرين. ومع ذلك فقد بدأنا نرى إهتمامات المصدرين ببعض الأسواق الاقليمية ولكن الإختبار الرئيسي سيكون عندما يتم تسجيل أوّل إكتتاب أوّلي عام في سنة 2012 ومستوى الإهتمام الذي سيظهره المستثمرين".
خلال سنة 2011، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تسع عمليات إكتتاب أوّلي عام بمجموع قدره 789 مليون دولار، وهو أدنى بكثير من مستويات سنة 2010 والتي شهدت 12 عملية إكتتاب حيث جمعت حوالي 2.031 مليون دولار، أي بانخفاض نسبته 25% في عدد الإكتتابات و61% في القيمة.
ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم أن عام 2011 شهد بداية جيدة بثلاثة إكتتابات في النصف الأول والتي جمعت إجمالي قدره 265 مليون دولار، فقد ظلت الأسواق هادئة إلى حد كبير مع عدم وجود نشاط للإكتتابات خلال النصف الثاني من العام.
اما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فقد استضافت بورصة تداول 5 إكتتابات أوّلية عامة خلال عام 2011، والتي ساهمت بنسبة 58% من إجمالي القيمة بدول مجلس التعاون الخليجي. مما يؤكد ان سوق الإكتتاب الأوّلي العام في المملكة العربية السعودية يعد الأكثر نشاطا في المنطقة خلال الفترة الأخيرة. إلا أنّ المبادلات قد تراجعت بشكل واضح خلال سنة 2011، بحيث إنخض عدد الإكتتابات الأوّلية العامة بـ 44% بينما سجّلت قيمة المبادلات تراجعا بـ 55% مقارنتا بسنة 2010.
وقد كان إكتتاب سلطنة عمان في الربع الأخير من السنة، الطرح الوحيد خارج الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث بقيت جميع بورصات دول مجلس التعاون الخليجي هادئة خلال 2011.
وأضاف ديريك قائلا: "لقد كان نشاط الإكتتابات الأوّلية العامة الإقليمية صعبة خلال العام،نظراً لإبداء كل من مصدري ومستثمري الطروحات الحذر فيما يتعلق بالوقت والظروف المناسبة للعودة إلى الاسواق الرأسمالية. ومن خلال مضيّنا في سنة 2012، فإننا نشهد تحسنا في الثقة من جانب المصدر، وذلك من شأنه ان يجعلنا نتوقع إرتفاع النشاط في بعض الأسواق الإقليمية خلال 2012. كما نرى ان عددا من الشركات المصدرة بدأت تعد نفسها للإكتتاب الأوّلي العام لتكون على استعداد للتحرك بسرعة عندما يحين الوقت المناسب."
وعلى الصعيد الأوروبي، أظهر تقرير شركة بي دبليو سي (PwC) أنّ الأسواق الرأسمالية الأوروبية قد عانت سنة 2011 و خاصة خلال نهايتها، حيث تم إجراء 78 إكتتابا خلال الربع الرابع من سنة 2011 بقيمة اجمالية تقدّر بـ1.12 مليار دولار، مسجلة انخفاضاً قدره 81% في القيمة مقارنة بالربع الثالث وبنسبة 83% مقارنتا بالسنة السابقة.
سيطرت لندن على النشاط حيث بلغت 1.04 مليار دولار، بإجمالي قدره 92% من قيمة الإكتتابات الأوروبية. حيث جمعت عملية الإكتتاب الأوّلي العام لشركة بوليميتال Polymetal 545.1 مليون دولار ما يمثل 49% من القيمة الإجمالية المسجلة في أوروبا. وشهدت الثلاثية الأخيرة من سنة 2011، تردد الشركات في إختيار توقيت الإكتتاب بسبب الظروف المضطربة في السوق في حين ان سعي الشركات في البحث على ترفيع القيمة، التّقلب والإجماع حول التقييم يساهم في إفقاد الأسواق الهشة مسبقاً إستقرارها وزعزعة ثقة المستثمرين المرتقبين.
فعلى الرغم من ان النصف الثاني من 2011 كان هادئا، الا ان الاكتتابات الأوروبية السنوية جمعت 34.3 مليار دولار، كما في عام 2010. وازدادت اعداد الاكتتابات بنسبة 13% لتصل 430 اكتتابا. على الرغم من استضافتها فقط لربع عدد صفقات الاكتتاب، فقد جمعت لندن 18.9 مليار دولار، أكثر من نصف الأموال التي جمعتها جميع أنحاء أوروبا.
وقد جمعت عام 2011 أكبر 15 صفقة بمبلغ قدره 25.9 مليار دولار، أي 75% من قيم الاكتتاب الإجمالية في جميع أنحاء أوروبا، وذلك عبر اكتتابات Glencore ،Vallares وJustice في لندن والاكتتاب العام لـ Bankia و Banaca Civica Dia في اسبانيا التي جمعت 18.9 مليار دولار.
و قد شهدت هونغ كونغ انخفاضا بنسبة 43% في الأموال المجموعة، رغم أنها جذبت الاكتتابات العامة لعدد من الشركات العالمية والعلامات التجارية الفاخرة خلال العام، مثل برادا.
اما في الولايات المتحدة فقد شهدت عودة عدد من أكبر الصفقات في النصف الأول من 2011، وزيادة في الاكتتاب لتجمع 33.1 مليار دولار، أي بنسبة انخفاض 13.4% فقط عن 2010 والذي كان مدعوما من قبل الاكتتاب العام لشركة "جنرال موتورز" العملاقة.
كما وأنهت مؤشرات أسواق الأسهم الخليجية عام 2011 بالنزول بالأحمر، حيث أن الربيع العربي وأزمة الديون الأوروبية اضعفت قوة السوق في نهاية عام 2010. فقد استمرت الأسواق في الانخفاض على مدار السنة في حين بقي النشاط بطيئا ونضبت السيولة بسبب تشديد القيود على الائتمان المصرفي، والاضطرابات السياسية التي أثرت على ثقة المستثمرين في الأصول باعتبار الأسهم ذات مخاطر عالية. وكانت بورصة البحرين في نهاية القائمة من الجدول الدوري اذ سجلت انخفاضاً نسبته 20% في نهاية عام 2011 تليها دبي بنسبة 17%.
كما أن هناك عدة مبادرات والتي إذا ما تم إدراكها فمن المتوقع أن تؤثر بشكل إيجابي في أسواق الأوراق المالية الإقليمية خلال 2012.
كما ساهم إنشاء سوق الاكتتاب الثانوي في قطر كمنصة جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الاكتتاب العام وجمع الأموال في بيئة تنظيمية أقل صرامة. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تفتح السوق السعودية أسواقها أمام الملكية الأجنبية، مما يجعل المملكة أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.
وأيضا، يتوقع أن يؤدي إنشاء بورصة محلية واحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال دمج سوقي أبو ظبي للأوراق المالية ودبي المالي إلى تعزيز السيولة في سوق الإمارات العربية المتحدة مع تخفيض تكاليف التشغيل، مع العلم بأنه لم يتم إحراز أي تقدم في عملية محادثات الاندماج في الآونة الأخيرة.
وواصلت السندات في دول مجلس التعاون الخليجي وأسواق الصكوك في النمو خلال 2011 مع عدد من الصفقات الكبيرة وبقيت سوق السندات نشطة طوال 2011، على الرغم من إنتهاء العام باقل من العام الماضي بسبب تأجيل بعض الإصدارات الكبيرة أو تجميدها وذلك يعود للاضطرابات السياسية الإقليمية، وتقلب الأسواق المالية وأزمة الديون في منطقة اليورو.
كما وأصدرت قطر في الربع الأخير من 2011، ثلاث شرائح من السندات السيادية بقيمة 5 مليار دولار. كما أن إصدار للسندات شبه السيادية لشركة الاستثمارات البترولية الدولية الإماراتية (إيبيك) كان اصداراً أخراً في الربع الأخير من عام 2011.
واستضافت بورصة لندن أكبر عدد ممكن من إصدار السندات لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث أن الطلب لا يزال قويا من دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالهيدروكربونات كما كان واضحا من الأعداد الكبيرة للاكتتابات.
ففي العام 2011، شكلت إصدار سندات الشركات 21% فقط من مجموع الأموال التي جمعت من خلال السندات التقليدية في دول مجلس وذلك لأنها تتوافق مع الشريعة الإسلامية، ولأنها أقل تكلفة نسبيا.
كما كان أداء سندات الشركات على أساس مستقل متقلبا خلال العام، باعتبار أن الاضطرابات السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي كان له أثر سلبي، وخصوصا خلال شهري مارس وأبريل. وكانت غالبية سندات الشركات المالية في النفط والخدمات والغاز والطاقة والقطاع العقاري لأغراض تمويل خطط التوسع وإعادة هيكلة الميزانية العمومية. وشمل أكبر إصدارات للشركات في الربع الأخير من 2011، إصدار شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) لسندات بقيمة 1.5 مليار دولار. وفي نفس الفترة أصدر بنك الاتحاد الوطني سندات بقيمة 400 مليون دولار، مع الإصدارات الأخرى البارزة مثل إصدار شركة آبار للاستثمار الإماراتية وطيران الإمارات لسندات جمعت خلاها 1.8 مليار دولار ومليار دولار على التوالي.
وعلى النقيض من أداء سوق السندات المتذبذب في 2011، لا يزال سوق الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي يتعافى بعد أن وصل إلى أدنى مستوياته في أعقاب الأزمة المالية. ففي عام 2011، ارتفعت إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي جميعها لتستحوذ على حصة أكبر من سوق الصكوك العالمي لتجلب طلب المستثمرين من الشرق الأوسط، وكذلك من آسيا وأوروبا. وقد شهد الربع الأخير من 2011 إصدارات صكوك للشركات تفوق إصدارات الصكوك السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي والذي يبرر بالطلب القوي في قطاع الخدمات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة والبتروكيماويات وقطاع النفط والغاز في المملكة العربية السعودية.
كما وأصدرت شركة خدمات أرامكو السعودية في الربع الأخير واحدة من أكبر الصكوك في هذا العام حيث بلغت مليار دولار، وفي الفترة نفسها، أصدر مصرف أبو ظبي الإسلامي وبنك أبو ظبي التجاري (كايمان) صكوكا بقيمة 500 مليون دولار.
وفي هذا الإطار علق ستيف ديريك "نتوقع استمرار إصدار الصكوك لتكون واسطة تمويل عامة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2012، وذلك لتلبية احتياجات اعادة التمويل في القطاع الخاص والقطاع العام على حد سواء.
في فترات من الشكوك، لا تزال منتجات الدخل الثابت جذابة للمستثمرين الذين يبحثون عن عائد ثابت، كذلك نتوقع أن نرى استمرار 2012 لتكون سنة قوية بشكل خاص في الأسواق الأكثر نشاطا في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر".
خلفية عامة
برايس ووترهاوس كوبرز
تساعد بي دبليو سي (PwC) الشركات والمؤسسات والأفراد في خلق القيمة التي يبحثون عنها. PwC هي شبكة شركات متواجدة في 158 بلدا ويعمل لديها حوالي 180,000 موظفا ملتزمون بتوفير أعلى معايير الجودة في خدمات التدقيق والضرائب والخدمات الاستشارية.
تأسست PwC في الشرق الأوسط منذ 40 عاما ولديها شركات في البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وعمان والأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية و قطر والسعودية والإمارات، حيث يعمل بها أكثرمن (2,700) موظف.
بي دبليو سي تشير الى شبكة بي دبليو سي و/ أو واحد أو أكثر من الشركات الأعضاء فيها ، كل واحد منها هي كيان قانوني مستقل.