جيران سوريا يخشون المستقبل في غياب أسرة الاسد

تاريخ النشر: 28 أبريل 2011 - 04:19 GMT
متظاهر من انصار الاسد يرفع علامة النصر امام ملصق له في دمشق
متظاهر من انصار الاسد يرفع علامة النصر امام ملصق له في دمشق

من إسرائيل إلى إيران بدأ جيران سوريا يفكرون في احتمال أن يخلو المستقبل من أفراد عائلة الاسد بوصفهم أمراء دمشق وسواء كانوا أصدقاء ام أعداء فان البعض لا يعجبهم ما يرونه.
بل ان البعض يعيشون حالة من الانكار تجاه ما يشهدونه.
ويقول حزب الله الشيعي اللبناني الذي ينظر اليه على نطاق واسع على أنه وكيل لايران في الشرق الاوسط انه يصدق أن حكومة الرئيس السوري بشار الاسد تخمد تمردا تشنه عصابات مسلحة من السلفيين والمتطرفين السنة.
وفي تقريره عن هجوم الجيش السوري على مدينة درعا الجنوبية مركز الاحتجاجات التي بدأت الشهر الماضي التزم تلفزيون المنار التابع لحزب الله بالرواية الرسمية وهي أن الجيش استجاب لمناشدات المواطنين لوقف عمليات "القتل والارهاب" التي تقوم بها جماعات متطرفة.
وكان حزب الله قد رحب بالانتفاضتين اللتين أطاحتا برئيسي مصر وتونس ودافع عن حقوق المحتجين البحرينيين في مواجهة التدخل العسكري السعودي لاخماد مظاهرات الشيعة.
لكن المؤكد أنه يشعر بالقلق من خطر فقد دعم الحكومة السورية التي هي ليست فقط حاميته الرئيسية بل ان امدادات الاسلحة القادمة من ايران تدخل له عن طريق سوريا.
ووصفت ايران الشيعية التي تعتبر دمشق حليفا وثيقا في منطقة يغلب عليها السنة والذين ينظرون اليها بتشكك الاحتجاجات في سوريا بأنها "مؤامرة صهيونية."
لكن اسرائيل تبدو كذلك غير مرتاحة على الاطلاق ازاء اي تغيير في الوضع القائم في سوريا.
وعلى الرغم من أن سوريا واسرائيل في حالة حرب رسميا فان دمشق في عهد الرئيس الحالي ووالده الراحل حافظ الاسد حافظت على استقرار الحدود مع اسرائيل منذ عام 1973 على الرغم من استمرار الاحتلال الاسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية.
ويعبر المعلقون الاٍسرائيليون المطلعون على شؤون مؤسستها الامنية عن مخاوف اسرائيل بصراحة أكبر من التي يبديها ساستها وهي تخشى أن يؤدي نجاح الاحتجاجات الى أن تحل حكومة اكثر تشددا او أقل قدرة او رغبة في كبح جماح القوى المتشددة محل حكم حزب البعث الصارم.
وعلى الرغم من دعم الاسد لمقاتلي حزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيتين فانه يتحرك بحذر.
والى جانب التصريحات القوية التي تشدد على الهوية العربية والعلاقات مع طهران احتفظ الاسد بخيار السلام مع اسرائيل وسعى الى الفوز بقبول القوى الغربية.
وقال المحلل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط المقيم في لبنان رامي خوري "التداعيات هائلة ولا يمكن التكهن بها على الاطلاق."
وأضاف "ما يميز سوريا هو أن نظامها الحاكم مرتبط بصلات هيكلية وثيقة مع كل صراع او لاعب في المنطقة.. حزب الله وحماس وايران واسرائيل وامريكا والعراق وتركيا. في كل هذه (الحالات) هناك صلة سورية."
ويقول ان المظاهرات انتشرت في أنحاء البلاد وازدادت كثافة وأصبح المحتجون الذين بدأوا بالدعوة الى اصلاح النظام يطالبون " باسقاط النظام."
ويضع كثيرون في أذهانهم تجربة العراق الذي انزلق الى أعوام من الفوضى والصراع الطائفي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 واسقاط الرئيس السابق صدام حسين.
وقال خوري "الكل في المنطقة يشعر بقلق بشأن زعزعة استقرار سوريا حتى من لا يحبون الاسد لانه يحقق شيئا واحدا للمنطقة وهو نوع من امكانية التنبؤ بما سيحدث والاستقرار."
ومضى يقول "حافظ على الهدنة على امتداد الحدود السورية الاسرائيلية والناس يعلمون كيف تتصرف حكومته. لا أحد يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك."
ولخص اليكس فيشمان الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية بصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية مخاوف اسرائيل بعد أن اقتحم الجيش السوري درعا.
وكتب يقول "مهما بلغت غرابة هذا فان المؤسسة الاسرائيلية تكن لاسرة الاسد بعض المشاعر. لقد وفوا بوعودهم على مدى سنوات بل تحدثوا عن ترتيبات مع اسرائيل بشروطهم."
وأضاف فيشمان أن من الصعب أن تفارق ما تعودت عليه "لكن كبار الاعضاء بالمؤسسة السياسية والامنية (الاسرائيلية) يعتقدون أن النظام السوري بصورته الحالية سيتغير في غضون أسابيع او اشهر."
وقال "المصلحة الوحيدة التي توجه سلوك اسرائيل هي.. اذا كان ما يحدث في سوريا سيضعف محور دمشق ايران حزب الله فاننا سنحقق مكاسب."
وبالنسبة لحزب الله وايران ستكون خسارة الاسد ضربة كبيرة لا محالة.
وقال خوري "اذا انقسمت (سوريا) الى دويلات ستكون هذه أنباء غير سارة للجميع" مشيرا الى أن هذا قد يفتح الباب لمتشددي القاعدة مثلما حدث في العراق.
وعلى الجانب الاخر من الحدود في لبنان الذي كان مسرحا لحرب أهلية طائفية بين عامي 1975 و1990 وضعته تحت هيمنة سوريا لمدة 29 عاما يشعر الناس بالقلق ايضا.
وظهور اي احتمال لازدياد حدة التوتر بين السنة والشيعة او العرب والاكراد او المسلمين والمسيحيين يثير حالة من القلق.
ويقول طلال سلمان رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية "لا أعتقد أن اي انسان عاقل في لبنان ليس لديه قلق بحكم الجيرة وتشابك العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والامن والاخوة والمصاهرة."
وأضاف "اي هزة كبيرة في سوريا تؤثر علينا نحن على حرف النقطة. اي واحد عاقل بغض النظر عن النظام لا يريد شرخا لسوريا."
وحتى الان يسير الاسد على خطى والده ويلجأ للقوة العسكرية لا الاصلاح لاخماد الاحتجاجات. وذكرت يوم الخميس المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) ان عدد القتلى يصل الى 500 مدني على الاقل.
ويبدو نشر الدبابات في درعا يوم الاثنين مؤشرا على ما سيحدث في المستقبل. وذكر مصدر قريب من الجيش السوري أن الاسد ومؤسسته الامنية اتخذا قرارا بشن حرب على المحتجين في أنحاء البلاد.
لكن علي الاتاسي الناشط السوري البارز الذي كان والده رئيسا سابقا وسجنه حافظ الاسد 22 عاما ان من المستحيل أن تكون هناك حماة أخرى.
وفي عام 1982 أرسل الاسد الاب الجيش لسحق انتفاضة مسلحة للاسلاميين وقتل ما يصل الى 30 الف شخص.
وقال الاتاسي "مستحيل أن تعود سوريا كما كانت في السابق."
وتابع أن عادة الغرب في التأقلم مع الانظمة الشمولية مقابل الاستقرار لم تعد صالحة.
وأضاف "بعد الذي حدث في مصر وتونس وغيرهما خلال عشرات السنين كان الزعماء العرب والغرب دائما يضعون الناس امام خيارين اما الاستقرار واما الفوضى واما القمع او الاسلاميين بالنهاية اكتشفنا انه يوجد خيار ثالث وهو الخيار الديمقراطي وحتما الاسلاميون يلعبون دورا فيه ولكن لا يكون الدور الاساسي."
وفي حين يرى الكثير من المحللين أن الحياة بعد الاسد ستزخر بالمشاكل او ربما يكون من المستحيل اسقاطه يقول اخرون ان من المتصور انتقال السلطة بسلاسة نسبية على مدى الوقت لان دمشق لديها مؤسسات تستطيع تحمل المسؤولية.
ومن هذه المؤسسات الجيش وأغلبيته من السنة غير أن الاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد تسيطر على المناصب المهمة.
ويستبعد معظم المحللين الان احتمال اجراء اصلاحات كافية لتلبية المطالب الشعبية ويقولون انه حتى اذا أراد الاسد تطبيق اصلاحات على نطاق واسع فانه يفتقر الى القوة اللازمة لتطغى على المصالح في قوات الامن والمخابرات العسكرية.
وقال الاتاسي "النظام لم يتغير هو اسير الماضي بنفس الوقت هو ابن النظام ابن هذه التركيبة وجزء منها."
وقال خوري لرويترز "الاسبوعان او الثلاثة القادمة خطيرة حقا. ستحدد ما اذا كان سيبقى في الحكم او سينهار نظامه."

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن