نورا العزوني
نوار بلبل ممثل ومخرج سوري وهو ابن الأديب المسرحي والكاتب الشهير فرحان بلبل، شارك في العديد من الأعمال التلفزيونية مثل "مسلسل دنيا" و"تخت شرقي"، "أهل الراية" "بيت جدي"، وشارك في الجزء الأول من "باب الحارة" بشخصية الزيبق وبالجزء الرابع من "باب الحارة" بشخصية "أبو يوسف الفلسطيني".
من اوائل الفنانيين الذين ساندوا الثورة السورية وخرج في العديد من المظاهرات ضد النظام السوري تعرض للاعتقال، وهو حالياً مطلوب للمخابرات الجوية السورية بتهمة حمل "السلاح".
ورغم خروجه من سوريا مازال يساند الثورة السورية بالطرق المتاحة له وبالإمكانيات المتوافرة، يقيم حالياً في جبل اللويبدة في العاصمة الأردنية عمان، كان لنا معه حوار مطول ورائع:
س- كيف أثر والدك الكاتب "فرحان بلبل" في حياتك واتجاهك إلى عالم الفن؟
- لا شك أن الحضن الذي تربيت به في حمص وسوريا هو حضن مسرحي، فكانت أغلب العروض المسرحية التي قام بها والدي صناعة منزلية مما جعلني واخوتي في اللاشعور نتشرب المسرح وقد شارك جميع أخوتي والدي عروضه المسرحية بما فيهم أنا، إلا أنني الوحيد من بينهم الذي اتجهت للجانب الأكاديمي من المسرح وكوني ممثل وظهرت على التلفزيون أصبحت وجهاً معروفاً للجمهور.
س- كيف تقيم تجربتك في مسلسل "باب الحارة" خصوصاً أنك قدمت دور الثائر في جزئه الرابع "دور أبو يوسف الفلسطيني"؟!
قدمت في باب الحارة شخصيتين مختلفتين وكنت أنا والفنانة القديرة "منى واصف أم عمار" التي اوجه لها تحية خاصة، الوحيديين اللذين قمنا بتقديم شخصيتين مختلفتين في أجزاء مختلفة.
قدمت في الجزء الأول دور "الزيبق" واستشهد في نفس الجزء، فعندما صور المخرج "بسام الملا" باب الحارة لم يكن في نيته تقيدم أكثر من جزئين "الأول والثاني" والذين تم تصويرهما سوياً في نفس الفترة.
لكن بعد الجزء الثاني وبسبب "الحمى" التي حدثت "حمى باب الحارة" طلبت "الأم بي سي" من المخرج بسام الملا أن يكون هناك سلسلة من باب الحارة، لذلك فكر الملا بإعادتي والفنانة منى واصف للعمل ولكن بشخصيات مختلفة فقدمت شخصية "أبو يوسف الفلسطيني" في الجزء الرابع.
ورغم تخوفي من العودة بشخصية جديدة للعمل إلا أن كون الشخصية التي سأقدمها بالجزء الرابع من "فلسطين" جعلني أوافق على الدور بدون تردد لأنني كنت قد لمست أن غالبية جمهور "باب الحار" من فلسطين! رغم أن الأمر يبدو غريباً إلا المشاهدة في فلسطين كانت أكبر من باقي الدول العربية .
ولأنني جسدت دور الفلسطيني أكثر من مرة مثلاً "أنا القدس" و"يحيى عياش" و"عائد إلى حيفا" فكان الخيار في محله ووفقت به.
س- ما رأيك بفكرة تصوير جزء سادس وسابع من باب الحارة؟!
بعد بداية الثورة السورية "جفت الأقلام ورفعت الصحف" ما بتخيل وجود باب الحارة لأننا يجب أن نحاكي الحاضر والمستقبل ولا يجب العودة الى الماضي وسط ما يحدث في سوريا، وكون المخرج "بسام الملا" يقف إلى جانب النظام بالتالي باب الحارة لن يخرج من بطانة "النظام السوري" وسيخرج العمل بمستوى أقل من المتوقع له، وبكرة "المي بتكذب الغطاس".
س- كيف ترى الدراما السورية في ظل ما تعانيه سوريا حالياً؟!
اليوم لم تحسم الأمور بعد، رغم أنها محسومة بالنسبة لي من أول مظاهرة شاركت فيها اعتبرت ان النظام سقط وهذه المنظومة الديكتاتورية والطاغية سقطت ولكن بعض الفنانيين ما زالوا يعولون على بقاء النظام فأصبح الأمر بالنسبة لهم "بزنس".
فمثلاً قبل الثورة كان الفنان يختار العمل الذي يناسبه بين مجموعة أعمال، ولكن بعد الثورة وقد تقلص عدد الأعمال الدرامية التي يتم انتاجها يضطر بعض الفنانين لتقديم أي عمل كي يعيشوا "وأنا أعذرهم"، لكن بالنسبة لي الأمر محسوم فمثلاً كيف لفنان قدم شخصية "أبو يوسف الفلسطيني" ومسلسل "أنا القدس" ان ينضم لعمل مثل "صبايا" مثلاً؟!.
وكيف نقدم نحن الفنانين في ظل هذه الأوضاع أعمال كوميدية بغض النظرعن نوعيتها أو أعمال لا تحاكي هذه الفترة ولا الواقع السوري الحالي؟! عن نفسي لا أستطيع القيام بذلك ولا أستطيع المشاركة بعمل فني دون المستوى ونصف سوريا مدمرة، حلب راحت، وريف دمشق عم تروح، هذه الأماكن التي كانت حاضنة للدراما السورية فإذا الأصل راح كيف لي أن أصور أعمال سورية؟ هل أصنع location في أي بلد فقط لتستمر الدراما السورية مع التغاضي عن جودة العمل؟!
ورغم أن الثورة السورية أثرت على كمية الاعمال السورية إلا أنها في المستقبل ستصنع تغييراً جذرياً في الدراما، الدراما السورية مهمة بـ "ناسها" والناس ما زالوا موجودين، الثورة "خضت" الناس وستؤثر على الدراما ايجابياً في المستقبل.
س- هل ترى نفسك "فنان سياسي"؟!
أبداً، أبداً انا أعتبرها "مسبة" بالنسبة لي أن أكون فنان سياسي أنا أكره السياسة وأكره الأحزاب لم ولن أنتمي لأي حزب سياسي وليس لي بالسياسة أبداً. انا لم أدخل بالسياسة عند وقوفي بجانب الثورة، فالثورة شيء والسياسة شيء أخر، أنا وقفت إلى جانب الناس المقهورة و"أهل مكة أدرى بشعابها"!.
وانا اليوم مطلوب للمخابرات الجوية بتهمة "مسلح" لأنني ناديت في أول مظاهرة شاركت فيها بشعار "هي هي هي .. هي الوحدة الوطنية" و"حرية حرية .. سلمية سلمية"!.
وقد تدخل بعض الفنانين كوسطاء مقابل تغيير موقفي من الثورة فاتصل بي أحدهم طالباً مني أن أخرج على الملأ في التلفزيون السوري وأتراجع عن موقفي واعتذر مقابل عودتي لسوريا وأيضاً لعملي في الفن الذي أصبح متوقفاً بسبب وقوفي إلى جانب الثورة.
أنا شخصياً حاد جداً اتجاه الثورة وموقفي منها واضح وثابت ولن اتنازل لأي سبب عن موقفي ولو تنازلت عن موقفي الأن ستجديني غداً في مجموعة من الأعمال السورية. وحتى إن فعلها عدد من زملائي هم أحرار " كل عنزة معلقة من كرعوبها"!.
س- كونك مخرج وصاحب فكرة "مسرحية شكسبير في الزعتري" كيف بدأت فكرة المسرحية؟!
وصلت الأردن في تاريخ 18 – 8 -2013، بدات بالتعرف على الوسط الفني الأردني وبلشت أبحث ماذا يمكنني أن أفعل للثورة كوني فنان سوري، فأنا في أي بلد أزوره أحاول أن أقوم بشيء لأجل الثورة فمثلاً في فرنسا قمت بعمل مسرحية بعنوان "ولا شي" قمت بعرضها في مهرجان أفينيون الدولي، وهو من أهم المهرجانات العالمية، لأنني في كل مكان أتواجد لا أستطيع الجلوس بدون عمل وتقديم ما أستطيع تقديمه للثورة.
وفي 22 أيلول كانت أول زيارة لي لمخيم الزعتري في الأردن وكنت متخوفاً جداً من الزيارة كون المخيم محرقة لأي فنان يحاول التواجد فقط لإجل الإعلام. هناك عدد من الفنانين زاروا المخيم فقط للتصوير والشو الإعلامي وهذا ليس هدفي.
فبرأي الخاص لكي تتعرف على المخيم يجب أن تعيش بداخله وتعاني ما يعانيه من هم فيه، يجب أن تعيش معاناتهم. وأذكر وأنني وأنا في طريقي للخروج من المخيم استوقفني عدد من الأولاد وبدأوا يصرخون " أستاذ أستاذ بس كلمة وحدة، بس قول وعد شرف انك راح ترجع لعنا".
وبعدها ثلاثة أيام وانا أفكر عندما أزور المخيم للمرة الثانية ماذا يجب علي أن أفعل من أجل هؤلاء الأطفال؟! أحدهم اقترح علي عمل عرض مسرحي.
فأعجبتني الفكرة وقررت أن أقوم بعمل مسرحية لشكسبير وأن يكون أبطال العرض أطفال الزعتري، فالطفل العربي والسوري خاصة هو مادة غنية تستطيع الوصول للعمق داخلها.
والهدف الأساسي من هذا المشروع هو "أن أخرجوا الأطفال من لعبة الكبار" فهمنا هو أن نرسم البسمة والضحكة على وجوه الأطفال، وأن نعيدهم لعمرهم الحقيقي فالطفل من حقه أن يعيش طفولته وأن يشاهد ويتحدث عن توم وجيري وميكي ماوس وليس عن الثورة والقتل والدماء وبشار الاسد وحسن نصر الله.
وبالرغم من اعتراض العديد حولي على اختياري لشكسبير بالذات فحسب وجهة نظرهم يجب أن يكون العمل عن الثورة إلا أنني استمريت بالعمل لأني كما قلت سابقاً هدفي الطفل السوري بشكل أساسي، فجاءت النتائج المرجوة تفوق التوقعات، رغم عدم وجود امكانيات مادية فميزانية المسرحية كانت 00,000 دولار، وجميع الادوات تم صنعها من "زبالة" المخيم. لأنني أؤمن بالمقولة المشهورة "اعطني مسرحاً أعطيك شعباً".
س – هل هناك مشاريع مستقبلية من هذا النوع؟
طبعاً وحالياً هناك مشروع عن الجرحى والمبتورين سأكون المخرج والمشرف عليه.
س- كـ "مخرج " ماذا يمكنك أن تطلق اسم على الثورة السورية؟
ثورة الكرامة نحن لم نخرج لأجل رغيف الخبز بل خرجنا من أجل الكرامة، فأنا أذكر أن أول من علمني الكذب بدون قصد هي أمي وأنا بالصف الرابع عندما كانت توصيني أن لا أخبر أحداً بما نتحدث فيه بالمنزل من باب الخوف علينا.
ولذلك برأيي من المستحيل أن يعود الشعب السعوري للوراء مرة أخرى، رغم أننا شايفين الضو بعيد إلا أننا بالنتيجة "شايفنه". فالثورة السورية حالة أسطورية.
وعن داعش قال الفنان السوري "نوار بلبل"..
نحن ليس لنا علاقة بداعش، السوري ليس له علاقة بداعش، فإسلامنا معتدل، وانا صورت بكل سوريا وأعلم من هو الشعب السوري، وداعش من صناعة النظام بهدف شحن المواطنين وتخويفهم لزرع فتنة طائفية. ستقل بشكل كبير حتى 60% بعد سقوط النظام.
أما الـ 30% الباقية ستكون مسؤوليتنا ومسؤولية النشطاء والمثقفين وكل من له "مونة" على الشارع السوري.