لبنان: الركود المتفاقم يهدد مؤسسات راشيا والبقاع الغربي بـالانهيار

تاريخ النشر: 12 فبراير 2012 - 08:55 GMT
تدخل نسبة كبيرة من العائلات، ضمن دائرة الأوضاع الحرجة مادياً، لاسيما العائلات الميسورة، بفعل الأعباء المتزايدة والمتطلبات المتصاعدة
تدخل نسبة كبيرة من العائلات، ضمن دائرة الأوضاع الحرجة مادياً، لاسيما العائلات الميسورة، بفعل الأعباء المتزايدة والمتطلبات المتصاعدة

أدى تآكل القدرة الشرائية لدى المواطنين، الناجمة عن الزيادات العشوائية على أسعار مختلف أنواع السلع والبضائع، إلى تراجع حركة البيع والشراء في معظم قطاعات التجارة والإنتاج في منطقتي راشيا والبقاع الغربي، وتسبب بحالة من الركود والانكماش الاقتصادي، مما بدأ يخلق حالة من القلق عند أصحاب المؤسسات التجارية، وأصحاب قطاعات الإنتاج الصناعي، تخوفا من اشتداد هذه الأزمة واستفحالها، وما يستتبعها من خيارات مستقبلية مفتوحة على مصير قاتم، قد يكون مهددا بانهيار مؤسساتهم، وبالتالي إفلاسها وإقفالها. إزاء هذا الواقع الإقتصادي المتردي، الذي بدأ يحمّل التجّار أكلافا متزايدة، بفعل الديون المصرفية وتراكم فوائدها، وأخذ يسحب مزيدا من بساط الأمان من تحت أقدام معظم الشرائح المجتمعية حتى الميسورة منها، يحاول أصحاب المؤسسات كما المواطنون التعلق بخيوط من الأمل، علّها تبدل معايير الواقع الاقتصادي القائم نحو الأفضل، من أجل الحفاظ على حد أدنى من مستويات الإستقرار الإقتصادية والحياتية.

«لم تنفع العروضات والتنزيلات»

يصف طوني شاهين (تاجر ألبسة ولادية) الحركة التجارية بالجامدة، مؤكدا «أن العروضات والتنزيلات لم تنفعا في اصطياد الزبائن، وهذا ليس غريبا، نظرا لتردي الأوضاع الإقتصادية، وتراجع القدرات الشرائية عند المواطنين، الى جانب الزيادات العشوائية التي اجتاحت حوالى 80 في المئة من أنواع السلع والبضائع».

ويشير إلى «أن العديد من المؤسسات والمحال التجارية باتت مهددة بالإنهيار، وقسم كبير من أصحاب المشاريع التجارية، باتوا يفكرون بالإقفال، للتخلص من ضخامة الخسائر وتوسع دائرة الفوائد والديون المترتبة عليهم»، لافتا إلى أن «مروحة المؤسسات التي بدأت بالتعثر قابلة للتوسع، لا سيما في حال لم تتحسن الأوضاع»، مستبعدا في الوقت نفسه، «هذا التحسن».

ولا يختلف الوضع عند أبي أياد خضر (تاجر عطورات) الذي يفيد «أن نسبة المبيعات تراجعت خلال هذا الشهر الى ما دون 50 في المئة»، محددا الأسباب «بتراجع القدرة الشرائية عند المواطنين، نتيجة استشراء الغلاء الذي أكل الأخضر واليابس». ويلفت إلى أن المواطن لديه أولويات، ساعيا إلى توفير ما هو ضروري من استشفاء وأقساط مدرسية، ولا يفكر بارتياد محلات العطورات إلا إذا كان مرتاحا ماديا. ويبدي خضر تخوفه من بقاء الوضع المتردي على حاله، منبها من سلبيات هذا الوضع وانعكاساته على كل قطاعات التجارة والإنتاجية، «بحيث أضحت مهددة بالشلل التام، مما قد يؤدي الى الإحتضار المعيشي والحياتي، وهذا قد يشمل شرائح واسعة في المجتمع». خضر الذي يدق ناقوس الخطر، يعرب عن استغرابه من «تلهي المسؤولين بالسياسات الحمقاء التي لا تمت بصلة إلى المصلحة العامة»، مشبها «الحكومة بمحلّه الآيل إلى التعثر والإنهيار».

الضروريات.. والأسواق الشعبية

تدخل نسبة كبيرة من العائلات، ضمن دائرة الأوضاع الحرجة ماديا، لاسيما العائلات الميسورة، بفعل الأعباء المتزايدة والمتطلبات المتصاعدة، ما جعل أبو ربيع شديد يفتش عن أبواب للتوفير، فهو ربّ عائلة مكونة من خمسة أفراد، ويعمل في حقل الميكانيك، واصفا خيار اللجوء إلى التركيز على الضروريات بالخيار الصائب، مشددا على أهمية ترشيد المصروف وتحديد المتطلبات، لمواجهة الأعباء والمترتبات المتزايدة. ويرى أن «الغلاء تمكن من سلب قدراتنا الشرائية، ودمّر موارد عيشنا، على الرغم من أننا نعمل فوق طاقتنا، لنتمكن من تأمين لقمة العيش».

من جهته، يعتبر أبو ناظم ريدان أن الأسواق الشعبية المتنفس الوحيد لأكثر من 60 في المئة من أبناء المنطقة، في ظل الواقع الإقتصادي المزري المسيطر على البلد، خصوصاً وان الآلاف من العمّال والأجراء فقدوا مصادر رزقهم، نتيجة تعثر العديد من المؤسسات التي أقدمت على صرف عمالها. وتضم الأسواق الشعبية أنواعا متعددة من الحاجيات التي تتطلبها العائلة، وأسعارها مقبولة، وتناسب معظم طبقات المجتمع، خصوصا أن الكل اكتوى بنار الغلاء. ويتبنى ريدان خطة تقضي بتقليص المصاريف والنفقات الشهرية بنسبة 30 في المئة، وذلك عن طريق شراء الضروريات، والإقلاع عن التبذير، لافتا إلى أن الوفر هو للحالات الطارئة، معتبرا أن الحالة في البلد لا تبشر بالخير، ولا بالاستقرار.