مخاطر رئيسية تجدر متابعتها في السودان

تاريخ النشر: 04 أغسطس 2010 - 10:47 GMT
سوادنية تتابع الاخبار في صحيفة يومية/أ.ف.ب/أرشيف
سوادنية تتابع الاخبار في صحيفة يومية/أ.ف.ب/أرشيف

يسير السودان أكبر بلد افريقي من حيث المساحة صوب استفتاء في غضون خمسة أشهر يتوقع أن يؤدي الى فصل شماله عن جنوبه مما قد يزعزع استقرار المنطقة إذا لم يحط الأمر بالرعاية.

ويقع الكثير من الثروة النفطية التي لم يكتشف جزء كبير منها بالقرب من الحدود بين شمال وجنوب السودان والتي لا يزال يتنازع بشأنها الشمال ذو الاغلبية المسلمة مع الجنوب ذي الاغلبية المسيحية والذي يعيش فيه وثنيون أيضا. وتقع اشتباكات متفرقة بين الجانبين منذ 1955 في أطول حرب أهلية في قارة افريقيا.

وتشمل أصول السودان ملايين الافدنة من الاراضي الخصبة التي قد تصبح سلة غذاء منطقة الشرق الاوسط القاحلة وذهبا ونفطا ومياه نهر النيل الا أن المستثمرين الذين بدأوا في ضخ الاموال في خضم النشوة التي أعقبت اتفاق سلام بين الشمال والجنوب في 2005 سيكونون حذرين في ضوء الغموض المحيط بالاستفتاء الوشيك.

الاستقرار السياسي

حصل الحزب الحاكم بقيادة الرئيس السوداني عمر حسن البشير على أغلبية أكبر تتيح له اجراء تعديلات دستورية وقتما شاء بعد انتخابات أجريت في ابريل نيسان وشككت في نتائجها المعارضة في الشمال وكذلك في الجنوب الذي يتمتع بشكل من أشكال الحكم الذاتي. وبدأ الحزب بالفعل في شن حملة ضد المعارضة وحرية الصحافة مما يشير الى أن الشمال لن يرحب بالتحول الديمقراطي.

لكن ضعف المعارضة في الشمال قد يحقق بعض الاستقرار الاقتصادي. فبعد 21 عاما في السلطة أحكم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان قبضته على الاقتصاد مما سيجعل من الصعب تغيير ذلك. ويمكن للمستثمرين أن يتمنوا مضي الحزب في سياسة تحرير الاقتصاد.

وفي الجنوب فازت الحركة الشعبية لتحرير السودان أيضا بأغلبية كبيرة في انتخابات مماثلة تم التشكيك في نتائجها لكنها تكافح حتى تتحول من حركة ميليشيات الى حزب حاكم. وسيعرقل نقص البنية التحتية في الجنوب أي شركة ترغب في الاستثمار لكن عوائد الاقتصاد البكر لدولة جديدة ستظل جاذبة لاي شركة تريد أن تجازف.

ما تجدر متابعته:

- علاقات طيبة بالجيران. المعارضة في الشمال ضعيفة في الوقت الحالي وعززت الخرطوم علاقاتها مع حكومات دول مجاورة مثل اريتريا وتشاد وليبيا والتي كانت تؤيد في السابق معارضي البشير. واذا تدهورت العلاقات الاقليمية فان المعارضة قد تقوى واذا تمكنت من الاتحاد فانها قد تشكل جبهة قوية. واشتهرت ائتلافات حاكمة للمعارضة في الماضي بعدم قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة على الرغم من أنها كانت ديمقراطية.

 

- مراقبة حزب المؤتمر الوطني . على الرغم من أن أي انفصال لجنوب السودان سيحرم حزب المؤتمر الوطني من تولي زمام اتفاق السلام بين الشمال والجنوب فان الحقيقة هي أن دور الحركة الشعبية لتحرير السودان صغيرا في الشمال. ولعب الحراك الداخلي في الحزب دور المراقب الذاتي حيث تتنافس عناصر تقدمية على السلطة مع أخرى أكثر تشددا. وسيحدد الصراع داخل الحزب الحاكم ما اذا كان الشمال سيمضي بعد الاستفتاء في سياسة اقتصاد مفتوح أم سيتحرك بشكل أكبر صوب العزلة عن الغرب.

تقاسم الأصول

ومع تزايد احتمالات انفصال الجنوب فانه لم يتم الاتفاق بعد مع الحركة الشعبية لتحرير السودان على حصص مياه النيل المهمة لمشروعات كبيرة تعتزم الخرطوم تنفيذها وكذلك حصص الناتج النفطي الذي يقدر بنحو 500 ألف برميل في اليوم وغالبيته في الجنوب. وتسيطر الحركة على حكومة الجنوب التي تتمتع بشكل من أشكال الحكم الذاتي.

وتساهم عوائد النفط بنحو 45 في المئة من ميزانية الخرطوم لكن مساهمتها في الجنوب تقدر بنحو 98 في المئة.

ما تجدر متابعته:

- نهر النيل.

يرى بعض المحللين أن هذا الشريان الحيوي قد يتسبب في نهاية المطاف في نشوب حرب اقليمية مع دول حوض النيل التي تطالب باعادة

كتابة معاهدة أبرمت عام 1929 وأقرت بأحقية مصر والسودان في معظم مياهه.

وترى مصر في النيل أولوية أمنية كبيرة لكن اثيوبيا تعاني بشكل منتظم من الجفاف ويملك السودان المفتاح. وتؤيد الخرطوم مصر في مقابل الدعم السياسي لكن الجنوب المستقل قد ينضم الى حلفاء في شرق افريقيا أو يستغل موقعه للتأثير في النفوذ المصري في الخرطوم.

وعلى أية حال فانه يجب على الجنوب تخصيص حصة من مياه النيل للاحتياجات الزراعية وغيرها.

-حصص النفط. على الرغم من أن الكثير من نفط السودان يقع في الجنوب الذي لا يطل على مسطحات مائية فان حكومة الجنوب رهينة من الناحية الفعلية للخرطوم التي بنت معامل تكرير وخطوط أنابيب في الشمال وتصدر النفط من بورسودان في الشمال الشرقي للبلاد.

وقد تكون هذه واحدة من المناسبات القليلة التي يحول فيها النفط دون نشوب حرب في افريقيا. ويجب أن يظل تقاسم النفط بين الشمال والجنوب لسنوات بعد الانفصال حتى يصبح الجنوب قادرا على بناء المصافي الخاصة به أو خط أنابيب عبر ميناء كيني على الارجح.

لكن أي تدخل من الخرطوم في الاستفتاء قد يجبر الجنوب على قطع النفط مما قد يعني الحرب وانعدام الاستقرار في كل من الشمال والجنوب. ويمثل هذا حلا أخيرا قد يصبح تهديدا لكنه لن ينفذ قبل الاستفتاء.

واذا اشتعلت الحرب من جديد بين الشمال والجنوب فسيكون لها تداعيات مزعجة على الدول التسع المجاورة ومن بينها قوى اقتصادية مثل مصر وكينيا. وهناك حاجة لتعاون دولي دائم ورفيع المستوى لتجنب هذا السيناريو الاسوأ.

انعدام الأمن في الجنوب/استدراج إقليمي

كان جنوب السودان في 2005 واحدا من أقل المناطق تقدما في العالم.

وكافحت الحركة الشعبية لتحرير السودان لايجاد من يصلحون لادارة حكومة وحث الموهوبين من أبناء الجنوب في الشتات على العودة لذا كانت التنمية بطيئة.

وظهرت من جديد أزمة انسانية ونشب صراع قبلي مما أدى الى الحد من الزراعة وتقليل المساعدات.

وأسفر استياء بعد الانتخابات في السودان خاصة في صفوف جيش السودان غير المنضبط عن ظهور جماعات مسلحة منشقة.

ويعني فراغ أمني في المناطق الريفية أن يرفض المدنيون المسلحون جيدا نزع سلاحهم وتنشب اشتباكات مميتة في قطاعات من الجنوب. وبعد عقود من الصراع أصبح الجنوب الذي لا يسوده القانون ملاذا امنا لجماعات تمرد اقليمية واستدرجت الحرب الاهلية السودانية العديد من جيران السودان.

ما تجدر متابعته:

- مؤشرات فشل دولة. يعتقد كثيرون أن جنوبا مستقلا بشكل كامل لا يرى في الشمال عدوا مشتركا قد يسقط في حالة فوضى بسبب التناحر العرقي وتبادل سرقة الماشية ما لم تعمل الحكومة بجد لنزع سلاح الافراد وتحقق مصالحة قبلية وتدخل كل الاعراق في كل مستويات الحكومة.

واستدرج جنود كينيون بالفعل لاشتباكات عبر الحدود ولا يمكن لمنطقة شرق افريقيا تحمل سيناريو صومال اخر في وسطها.

دارفور والمحكمة الجنائية الدولية

يتضمن سيناريو مرجح لما بعد الانفصال توجيه معظم الاهتمام الدولي وأموال المانحين الى الجنوب في اطار جهود حتى تكون الدولة الجديدة قابلة للنمو وحتى لا تنهار.

ومع تضاؤل الامل فيما يتعلق بعملية السلام في اقليم دارفور السوداني بسبب القتال المستمر وانقسامات المتمردين فان التركيز على الازمة في غرب السودان سيضعف مما سيسبب صراعا مع سكان الاقليم الذين يعتمدون على المساعدات.

وستوقف مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير تعامل المجتمع الدولي مع الشمال بسبب الخوف الذي سيعتري الحكومات الاوروبية خاصة من تقويض المحكمة بالتعامل مع الرئيس السوداني.

لكن اذا جنت سياسة بريطانيا الجديدة بزيادة التجارة مع السودان ثمارها فانها قد تصبح مثالا أمام دول أوروبية أخرى للعودة لاقتصاد الشمال بحثا عن عوائد ضخمة للاستثمار فيه.

ما تجدر متابعته..

- أودت الازمة الانسانية في دارفور في أوجها بحياة حوالي خمسة الاف شخص يوميا وقد تتأجج مرة أخرى اذا استمر انعدام الامن وعمليات الخطف في اعاقة وصول المساعدات.

- قد تدفع العزلة الدولية حكومة البشير لإتباع سياسات أكثر تشددا.

وتريد واشنطن على وجه الخصوص أن تبقي على تعاونها الوثيق مع الخرطوم في مجال مكافحة الارهاب طالما ظل التهديد قائما.

لكن اذا قل النفع الذي تقدمه الخرطوم فان العزلة قد تدفعها للعودة الى الدور الذي لعبته في التسعينات عندما وفرت ملاذا لمجرمين مطلوبين دوليا ولجماعات متمردة وعندما كانت تقمع أي معارض.