في خضم خشية وزارة الخارجية البريطانية من ان يقدم الزعيم الليبي معمر القذافي على اقامة جنازة بطولية في حال وفاة عبد الباسط المقرحي الذي اطلق سراحه من السجن لاسباب عاطفية نظرا لاصابته بسرطان البروستات وخشية ان يتوفى اثناء فترة السجن في اسكتلندا.
وقالت صحيفة "ذي صنداي تايمز" البريطانية ان حكومة غوردون براون السابقة قررت ان تفيد من "نفوذ" رئيسها السابق توني بلير لاقناع ليبيا بألا تقيم مثل هذه الجنازة للمتهم بتفجير لوكربي، حسب ما تبين من احد المستندات التي كُشف عنها.
اذ كانت وزارة الخارجية البريطانية تخشى من ان يعمد القذافي، وقد اعلن براءة عبد الباسط علي المقرحي من اسوأ هجوم ارهابي شهدته بريطانيا، الى اقامة مثل هذه الجنازة بعد وفاة المقرحي.
وقالت مصادر مقربة من عائلة المقرحي انه الان في غيبوبة وقد يقضي نحبه خلال ايام، رغم ان المسؤولين الاسكتلنديين يصرون على انه كان بصحة جيدة اخيرا عندما اتصل بهم.
وقد حذرت حكومة ديفيد كاميرون الحالية في بريطانيا الليبيين من ان اقامة جنازة رسمية لرجل اطلق من السجن في اسكتلندا لاسباب مرضيه العام الماضي يعتبر مسيئا جدا لاهالي 270 شخصا ماتوا في حادث انفجار طائرة بان آم في الرحلة رقم 103 فوق قرية لوكربي في 21 ديسمبر 1988. وصدر حكم الادانة ضد المقرحي العام 2001 وتقرر ان يقضي ما لا يقل عن 27 سنة في السجن، الا انه سٌمح له بالسفر الى بلاده العام الماضي بعد ان تبين أنه مصاب بسرطان مزمن.. وكان من المتوقع الا يطول به العمر لاكثر من ثلاثة اشهر.
وقد وصفت احدى برقيات الحكومة الاميركية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الاسبوع الماضي كيف ان وزارة الخارجية وضعت كل أملها في رئيس الوزراء الذي سبق براون لاقناع القذافي بعدم اقامة جنازة رسمية للمقرحي. وجاء في تلك البرقية المؤرخة 25 شباط (فبراير) ان فيليبا سوندرز، مدير مكتب شمال افريقيا بوزارة الخارجية، ابلغت الدبلوماسيين الاميركيين ان بريطانيا تعتبر خطط ليبيا فيما يتعلق بجنازة المقرحي "مصدر قلق عميق، وانها قضية لا تنقطع حكومة جلالة الملكة عن اثارتها بصورة منتظمة". وقالت ان السفارة البريطانية كانت "تعمل جاهدة للتعرف على كل من يمكن ان يكون له نفوذ لدى طرابلس" وان كانت قد حذرت "من انه ليس هناك الكثيرون منهم".
وجاء في تلك البرقية أن سوندرز اختارت بلير دون غيره على اعتبار انه قد يتمكن من التدخل في هذا الامر. واضافت أن "ذلك الجهد نبع جزئيا من افتراض ان تكون هناك فسحة لـ48 ساعة بين وفاة المقرحي المتوقعة واقامة الجنازة، وتريد الخارجية ان تؤكد للحكومة البريطانية انها في موقع لاتخاذ اجراء سريع".
وتقول الصحيفة البريطانية ان الغرب كان ينظر الى بلير على انه ساعد في اعادة تأهيل نظام القذافي، وانه حصل على صفقات نفط واسلحة لصالح الشركات البريطانية خلال محادثاته مع الزعيم الليي العام 2007 التي كان الهدف منها تمهيد الطريق لاطلاق سراح المقرحي.
وكان ابن الزعيم القذافي قد ذكر في وقت سابق من هذا العام ان بلير اصبح مستشارا لوالده، بعد ان حصل على منصب استشاري في الصندوق الليبي الذي يستثمر 65 مليار جنيه استرليني من اموال النفط، وان كان مكتب بلير نفى ذلك. وفي احد اللقاءات قال سيف الاسلام القذافي ان بلير "صديق شخصي للعائلة" وانه قام بزيارة ليبيا "مرات عديدة" منذ خروجه من داوننغ ستريت (مقر رئاسة الحكومة البريطانية).
وفي العام الماضي قال براون (رئيس الوزراء البريطاني السابق) انه شعر بـ"الغضب" و"الامتعاض" من عروض النصر في طرابلس عندما استقبل المقرحي استقبال الابطال بعد خروجه من السجن. وقال براون انه كتب الى القذافي يطلب منه التأكد من ان يكون استقبال المقرحي بسيطا. كما ان الرئيس الاميركي باراك اوباما واقارب ضحايا الانفجار الاميركيين نددوا بتلك المظاهر.
وفي آب (اغسطس) قامت الحكومة البريطانية برئاسة ديفيد كاميرون بتحذير ليبيا من ان اي احتفالات في الذكرى الاولى لاطلاق سراح المقرحي ستعتبر مهينة لعائلات الضحايا.
وأكدت مصادر الخارجية البريطانية ان المسؤولين البريطانيين في طرابلس دعوا ليبيا الى ضبط النفس فيما يتعلق بجنازة المقرحي. وقال مصدر رئيس بوزارة الخارجية انه "على ضوء الاحداث التي تحيط بعودته العام الماضي، فان موقفنا هو أن اي تكرار على غرار ذلك سيكون فاقدا للحساسية".
بينما قال النائب المحافظ بن والاس "ستحمل معاملة المقرحي لدى وفاته كبطل قومي قمة الاهانة، خاصة وانه مدان بقتل جماعي وأنه دمر حياة مئات من الابرياء".