باحثون من كارنيجي ميلون في قطر يستكشفون الحلول الحسابية للطب الشخصي

نجح فريق بحثي من جامعة كارنيجي ميلون في قطر في ابتكار نموذج حسابي للتنبؤ بكيفية استجابة الأنسجة البشرية للضغوط الجسدية للحمل. فقد توصل حسن ديمركوباران وهيكو توبول إلى وضع نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد، يمكن أن يؤدي إلى ابتكار أداة جديدة تساعد الأطباء على قياس خطر الإجهاض، أو الولادة المبكرة.

ويتمتع هذا النموذج بفائدة خاصة في مجال الطب الشخصي في رعاية ما قبل الولادة، فإذا طبقه الأطباء باستخدام المعلومات من فحوصات المريض، فقد يكونوا قادرين على التنبؤ بإمكانية تعرض المرأة لخطر الإجهاض أو الولادة المبكرة، واتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة لتفادي حدوث ذلك.

للوهلة الأولى، قد يبدو كل من ديمركوباران وتوبول غير مناسبان للبحث عن أسئلة في مجال الرعاية الصحية خلال مرحلة الحمل، خاصة وأن ديمركوباران هو أستاذ مشارك في الرياضيات بجامعة كارنيجي ميلون في قطر بينما توبول هو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه، وله خلفية في الهندسة الميكانيكية.

ويقول توبول: "لقد قاربنا هذا الطرح من منطلق الهندسة الحسابية والميكانيكية. فالنمذجة البيولوجية ليست موضوع مألوفاً بالنسبة لعالم رياضية ومهندس ميكانيكي. لذلك قرأنا كثيراً حول العوامل المتعددة، والضغوط التي يمكن أن تتعرض لها الأنسجة البشرية".

عقد من الاستكشاف

بدأ ديمركوباران دراسة رياضيات تورم الأنسجة الرخوة قبل أكثر من عقد من الزمن، مع البحث في كيفية استجابة المواد المفرطة المرونة للإجهاد والتورم. ويقول: "تتشوه المواد حين تتعرض للضغط الشديد. وعندما يكون التشوه كبيراً، يجب استخدام أساليب حسابية أكثر تطوراً لقياس هذا الضغط، خاصة وأن المواد ذات المرونة المفرطة تتقلص وتتمدد بطرق معقدة يصعب التنبؤ بها".

عندما انضم ديمركوباران للتدريس في جامعة كارنيجي ميلون في قطر، حرص على استكشاف السبل التي تخوله مواصلة العمل على البحث العلمي. وتم قبول اثنين من مشاريعه في الدورة الرابعة من برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي، التابع للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي. ركّز المشروعان على كيفية تطبيق نتائج جهود ديمركوباران السابقة حول المواد المفرطة المرونة على كيفية تصرف الأنسجة البيولوجية التي تتعرض للضغط.

فمن الناحية الحسابية، تعتبر الأنسجة الرخوة مثالاً رائعاً على الوسائط المتوافقة المعقدة. ويقول ديمركوباران: "كان الحصول على منحة برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي محطة أساسية بالنسبة لهذا البحث. ذلك أن تركيزي الأساسي ينصب على التدريس في جامعة كارنيجي ميلون في قطر. لكن هذه المنحة جعلت من الممكن بالنسبة لي تعيين باحث حتى أتمكن من متابعة البحوث في هذا المجال".

في الدورة الثامنة من برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي، بدأ ديمركوباران مشروعاً بحثياً يتناول كيفية استجابة الأنسجة العنقية الرخوة لمختلف الضغوطات الجسدية خلال فترة الحمل، ملاحظاً وجود علاقة مباشرة بين طول عنق الرحم خلال الحمل واحتمال الولادة المبكرة. ويقول: "إذا استطعنا استخدام الرياضيات لتوفير أداة تساعد الأطباء في التنبؤ بشكل أفضل، وربما التخفيف من احتمال الولادات المبكرة، فسيكون ذلك مجزياً للغاية".

تطبيقات الطب الشخصي

قد يكون العنصر الأكثر إثارة للاهتمام في هذا البحث هو إمكانية الاستفادة منه في مجال الرعاية الطبية. ويقول توبول: "هذا النوع من البحث يقوم على مسار ابتكاري. فنحن نتناول طرحاً محدداً، ونبحث الأفكار ومناهج الحلول المختلفة لمعالجته".

يمكن لكل من توبول وديمركوباران توقع الطرق المتعددة التي أن تؤدي بها أبحاثهما في تقديم أدوات تشخيصية أفضل في مجال الطب الشخصي، بما في ذلك الطريقة التي تستجيب بها الشرايين والأوردة الدموية للتوتر. ومستقبلاً، يودان الاستعانة بخبراء من تخصصات أخرى لتحسين النموذج وتطبيقه طبياً.

ويقول ديمركوباران: "توجد العديد من المجموعات المختلفة التي تبحث في مسائل مشابهة. ولكن، على حد علمنا، فإننا الوحيدون الذين وضعنا محاكاة لأنسجة الكولاجين العنقي في قطر. وأعتقد أن أبحاثنا يمكن أن تسهم بشكل كبير في تقدم البحث في هذا المجال".

نبذة عن جامعة كارنيجي ميلون في قطر:

على مدار أكثر من قرن، شجعت جامعة كارنيجي ميلون الأشخاص الطموحين والفضوليين على الابتكار والتخيل لتقديم الأفضل. وتُعد كارنيجي ميلون جامعة دولية من بين الأعلى تصنيفاً، وتتميز ببرامجها التعليمية التي تشجع على الإبداع والتعاون عبر مختلف فروعها.

في العام 2004، بدأت الشراكة بين كارنيجي ميلون ومؤسسة قطر لتقديم مجموعة من البرامج المختارة التي تساهم في نمو وتطور دولة قطر على المدى الطويل. واليوم، تقدم جامعة كارنيجي ميلون في قطر برامج جامعية في العلوم البيولوجية، وإدارة الأعمال، وعلم الأحياء الحاسوبي، وعلوم الحاسوب، وأنظمة المعلومات، كما تضم ما يقرب من 400 طالب ينتمون لـ38 دولة مختلفة.

ويُحدث خريجو جامعة كارنيجي ميلون في قطر تأثيراً حقيقياً في قطر وحول العالم. وهم يحتلون مراكز مرموقة في أهم الجهات والمنظمات داخل دولة قطر وحول العالم، فيما يتابع عدد كبير منهم الدراسات العليا. وكذلك، فقد أطلق الكثيرون منهم مشاريع رائدة. ويصل عدد خريجي جامعة كارنيجي ميلون في قطر الإجمالي إلى 900 خريج، ضمن 12 دفعة لحينه.