المصارف التركية «الهشة» تحت اختبار وقاية الاقتصاد

تاريخ النشر: 14 أبريل 2020 - 08:28 GMT
المصارف التركية «الهشة» تحت اختبار وقاية الاقتصاد
الليرة التركية
أبرز العناوين
سجل العجز في ميزان المعاملات الجارية في تركيا انخفاضا إلى 1.23 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي على أساس شهري

سجل العجز في ميزان المعاملات الجارية في تركيا انخفاضا إلى 1.23 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي على أساس شهري، بينما تراجع بشدة على أساس سنوي. وبحسب بيان للبنك المركزي التركي، الاثنين، بلغ العجز في يناير (كانون الثاني) الماضي 1.613 مليار دولار، بينما بلغ 117 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي. وأضاف البيان أن فائض ميزان المعاملات الجارية في تركيا بلغ 1.674 مليار دولار في العام 2019.

وتخطط الحكومة التركية للاستفادة من البنوك الحكومية من حيث ردة فعلها على تفشي فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد - 19). ومع ذلك، يرى خبراء أن المصداقية الهشة للقطاع المصرفي التركي، وارتفاع تكاليف الاقتراض الدولية، وزيادة سعر الدولار، وارتفاع مستوى الضمانات العامة على القروض الحالية؛ كلها أمور تجعل هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر.

ويصر الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته على عدم اتخاذ تدابير جذرية لحماية الصحة العامة أو إنشاء شبكات أمان للرعاية الاجتماعية، وتفضل نهجا يرمي إلى الحفاظ على النشاط الاقتصادي.

وسعت الحكومة التركية منذ بداية أزمة تفشي «كورونا» في البلاد إلى معالجة الجوانب الاقتصادية للأزمة دون الإضرار بالتوازنات الحكومية. وتشمل إجراءاتها تأجيل مدفوعات الضرائب، وإدخال بدل العمل الجزئي من خلال صندوق التأمين ضد البطالة خارج الميزانية، لدعم العمال الذين تم قطع ساعات عملهم، وتمديد القروض الصغيرة من خلال البنوك الحكومية.

وتلعب القروض التي تقدمها البنوك الحكومية الثلاثة (الزراعة والأوقاف وخلق) دورا أساسيا في مساعدة كل من الأسر والشركات التي تعاني من ضائقة مالية دون عبء مباشر على الخزانة العامة.

ويعتقد الخبراء أن تدابير مثل تأجيل مدفوعات بطاقات الائتمان وتمديد القروض بفترات سماح قد تضع جزءاً كبيراً من تكلفة الإنقاذ على أكتاف البنوك الحكومية.

ويعاني الاقتصاد التركي من أزمة عملة حادة منذ العام 2018، واعتمدت الحكومة بشكل أساسي على البنوك الحكومية لتعزيز النشاط الاقتصادي والدفاع عن الليرة التركية، على الرغم من أنها يجب أن تعمل بموجب القانون وفقاً لمبدأ الربحية، مثل البنوك الخاصة، كما تم نقل أسهم هذه البنوك، التي كانت تحتفظ بها الخزانة العامة سابقاً، إلى صندوق الثروة السيادية التركي، الذي تأسس عام 2016 ويتولى رئاسته إردوغان وينوب عنه وزير المالية والخزانة برات ألبيراق.

وتولى صندوق الثروة السيادية التركي إدارة البنوك العامة مباشرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن يؤخذ على عمليات الصندوق الابتعاد عن الشفافية في إدارة الأموال الكبيرة في أسواق المال، وتثار تساؤلات من الأوساط الاقتصادية، ومن جانب أحزاب المعارضة التركية حول كيفية استخدام أموال البنوك.

وقادت البنوك الحكومية نمو القروض خلال العامين الماضيين. وبينما زادت قروض البنوك الحكومية بنسبة 22.7 و19.4 في المائة في 2018 و2019 على التوالي، فإن معدلات نمو القروض في البنوك الخاصة كانت 3.9 و4.1 في المائة فقط. ونتيجة لذلك ارتفعت حصة البنوك الحكومية في إجمالي حجم القروض، من 30 في المائة عام 2016 إلى 37 في المائة عام 2019.

وفيما يتعلق بالقروض الشخصية، تم استخدام العقارات بشكل عام كضمان، ونتيجة للأزمة الاقتصادية المستمرة منذ 2018، انكمش قطاع البناء بنسبة 8.3 في المائة على أساس سنوي بالقيمة الحقيقية، وانخفضت قيمة وسيولة العقارات بشكل ملحوظ، وهو ما زاد من الضغط على البنوك الحكومية.

وتم توفير ضمانات قروض الشركات إلى حد كبير من قبل صندوق ضمان الائتمان، وبخاصة منذ عام 2017، حيث ارتفع حجم القروض التي أنشأها الصندوق من 6.7 مليار ليرة (مليار دولار) إلى 208.1 مليار ليرة (31 مليار دولار) مقارنة بالعام السابق، وزاد الحجم المضمون من 5.1 مليار ليرة (760 مليون دولار) إلى 187.5 مليار ليرة (28 مليار دولار).

ويواجه القطاع المصرفي صعوبات في مواجهة ديونه الخارجية، وتحول صافي التدفقات الرأسمالية باستثناء الاستثمارات العقارية إلى الحالة السلبية في 2018 و2019، وواجهت البنوك تكاليف تمويل مرتفعة وتحولت إلى دفع القروض فقط، وفي الوقت ذاته وضعتها الحكومة في الخط الأمامي للدفاع عن الليرة.

وبحسب بيانات رسمية، اضطرت البنوك في مارس (آذار) 2019 إلى الامتناع عن توفير السيولة لمديري الصناديق الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة اقتراض الليرة في الأسواق الدولية بنسبة تتجاوز ألفا في المائة، وأنفقت البنوك الحكومية جزءاً كبيراً من احتياطياتها من العملات الأجنبية لدعم الليرة لمنعها من الهبوط، وقلل هذا من مصداقية البنوك التركية في الأسواق الدولية.

ومع أزمة «كورونا»، قد يواجه العديد من الأسر والشركات صعوبات في سداد أقساط القروض إذا لم يتمكنوا من كسب ما يكفي لتغطية نفقاتهم الأساسية بعد مرور فترة سماح مدتها ستة أشهر.

في سياق مواز، حذر معارض تركي من أزمة في اللحوم والألبان بعد لجوء المنتجين لتقليص الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف بسبب تفشي فيروس كورونا. وقال إلهامي أوزجان آيجون، النائب عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، إن المنتجين بدأوا تقليص إنتاجهم من الألبان واللحوم نظرا لعدم قدرتهم على تكاليف الإنتاج بسبب غلاء أسعار الأعلاف بنسبة من 15 إلى 20 في المائة خلال الفترة من 10 مارس إلى 9 أبريل (نيسان) الجاري.

وأوضح أن هذا الغلاء لم ينعكس على أسعار الألبان واللحوم في الأسواق بعد، مضيفا أن المنتجين يعيشون أزمة كبيرة، بسبب ارتفاع الأسعار، وتقليصهم الإنتاج جرّاء ذلك سيؤدي حتما لأزمة في توافر اللحوم والألبان.

وخلال أول 8 أشهر من عام 2018 تم إنتاج 6.9 مليون طن من الألبان، بحسب ما قاله آيغون الذي أكد تراجع هذا الرقم خلال الفترة نفسها من عام 2019 إلى 6.5 مليون طن، ومن المتوقع أن يتراجع كثيرا خلال العام الجاري.

وفي وقت سابق توقع تقرير لحزب الشعب الجمهوري أن يكون لتفشي فيروس «كورونا» تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد التركي، والتي تضمنت زيادة عدد العاطلين عن العمل ليصل إلى 11 مليون شخص، وارتفاع سعر الدولار أمام العملة الليرة التركية إلى حدود 8 ليرات مقابل الدولار الواحد، وانكماش القطاعات الزراعية والصناعية، فضلا عن قطاع الخدمات، وانكماش النمو الاقتصادي بشكل عام، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم.

على صعيد آخر، قفز الإنتاج الصناعي في تركيا بنسبة 7.5 بالمائة على أساس سنوي خلال شهر فبراير الماضي، بأقل من المتوقع، وهي سادس زيادة على التوالي في ظل تعافي الاقتصاد من حالة الركود في الفترة السابقة على تفشي فيروس «كورونا» بالبلاد.

وذكرت هيئة الإحصاء التركية، في بيان أمس، أن الإنتاج الصناعي، المعدل في ضوء التقويم والعوامل الموسمية، زاد شهريا 1.2 في المائة في فبراير. وكانت توقعات ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي لشهر فبراير تشير إلى احتمال تحقيق ارتفاع بنسبة 7.9 في المائة.