أقرت دولة الإمارات العربية المتحدة مشروعا جديدا لتطوير التشريعات والقوانين الاتحادية والاقتصادية بهدف تقوية البيئة الاقتصادية والبنية الاستثمارية والتجارية.
حيث اعتمدت الإمارات أكبر تغييرات تشريعية في تاريخها بتحديث 40 قانوناً ذات علاقة بقوانين الشركات التجارية، وتنظيم وحماية الملكية الصناعية، والمعاملات الإلكترونية وقانون دخول وإقامة الأجانب، وقانون القواعد العامة الموحدة للعمل.
وهنا نذكر تفصيل هذه التغييرات للقوانين المتعلقة بالمال والأعمال:
-
المعاملات الإلكترونية:
أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تحديث قانون المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة، بهدف تعزيز الثقة لدى الأفراد والمؤسسات، وأيضًا تماشياً مع التطور التكنولوجي، وتسريع التحول الرقمي الشامل.
إذ يعمل تحديث القانون على رفع القيمة القانونية للتوقيع الرقمي ليكون مدعوما بتقنيات حديثة وآمنة، وذا حجية قانونية كاملة، حيث يتم قبول التوقيع الرقمي بمستوى قبول التوقيع اليدوي، وهذا يعني لاداعي للحضور الشخصي لإتمام المعاملات في المؤسسات والبنوك والمحاكم، سواء من داخل الدولة أو من خارجها.
وأيضًا يعطي فرصة للأشخاص المتواجدون داخل وخارج الإمارات من إكمال مختلف معاملاتهم الحكومية من عقود أو اتفاقيات وغيرها من المعاملات باستخدام التوقيع الرقمي، شريطة أن تكون هذه الدول تعتمد منظومة هوية رقمية وخدمات ثقة مماثلة لمعايير الدولة.
-
الملكية الصناعية:
جاء التحديث في قانون الملكية الصناعية مركزاً على استحداث مجالات جديدة للحماية، وأيضًا توفير عوامل والسرعة والمرونة والفعالية في عمليات الفحص الشكلي والموضوعي وإجراءات وخدمات التسجيل لجميع طلبات الملكية الصناعية، والتي تشمل براءات الاختراع، وشهادات المنفعة، والرسوم البيانية، والتصاميم الصناعية، والدوائر المتكاملة Integrated Circuits والتي لها أهمية في تحفيز الابتكارات والاختراعات الإلكترونية وحمايتها، وحماية المعلومات غير المفصح عنها.
وتم التركيز في الحديث على تقليل المدة المستغرقة لصدور نتيجة الفحص الخاص ببراءات الاختراع إلى 6 أشهر ابتداء من استلامها الطلب، مقارنة بـ 42 شهرا في السابق، بما يتوافق مع أفضل 5 ممارسات لمكاتب براءات الاختراع الأبرز في العالم.
-
حقوق المؤلف والحقوق المجاورة:
أجرت دولة الإمارات العربية المتحدة تحديث على قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، حيث أصبح يسمح للجهات بنسخ المصنفات المنشورة وتوفيرها بطرق تضمن الوصول للمكفوفين وأصحاب الهمم ممن لديهم تحديات في الإبصار، حيث تمكنهم من قراءة تلك المصنفات والمطبوعات دون الحاجة إلى أخذ موافقة صاحب الحق، الناشر أو المؤلف،بالإضافة إلى وضع المعايير والضوابط اللازمة مما يعزز فرص مشاركة هذه الفئة في الحياة الثقافية للمجتمع والاستمتاع بالفنون.
وتعتبر الإمارات من أوائل الدول التي أعطت هذا الاستثناء، إضافة إلى استحداث لجنة للنظر في التظلمات على قرارات وزارة الاقتصاد المتعلقة بحقوق المؤلف وقبل رفعها للمحكمة، بهدف تسريع إجراءات التقاضي خلال فترة وجيزة وحماية المؤلف من أي تعد على حقوقه.
-
العلامات التجارية:
جاء من أبرز التعديلات على قانون العلامات التجارية التوسع التوسع في مجال نطاق حماية العلامات التجارية لتشمل حماية العلامات غير التقليدية منها العلامات ثلاثية الأبعاد، والهولوغرام، وعلامات الصوت كالنغمات الموسيقية المرتبطة بالشركة والتي تميز منتجاتها، وعلامات الرائحة مثل ابتكار رائحة مميزة للشركة أو العلامة التجارية، ولا يقصد بذلك العطور، وذلك لمواكبة التطورات العالمية في مجال صناعة العلامات التجارية.
وأيضًا تتضمن التحديثات إضافة مجال جديد يعنى بتسجيل الأسماء الجغرافية للعلامات التجارية والمنتجات التي يرتبط اسمها بأسماء مناطق جغرافية أو دول أو مدن محددة وتكون مشهورة بإنتاج هذا المنتج، وذلك بهدف تعزيز مكانة الدولة في ترويج الخدمات والمنتجات التي تتميز بها مثل منتجات التمور والمحاصيل الزراعية.
وتشمل التحديثات أيضا إلغاء شرط وجود الرخصة التجارية للسماح بتسجيل العلامة التجارية، وأصبح بإمكان الأشخاص الطبيعيين إضافة إلى الاعتباريين /الشركات/ تسجيل وحماية العلامات التجارية، وهذا من شأنه إعطاء مرونة للمبدعين والموهوبين وأصحاب الأفكار المبتكرة لعمليات التسجيل قبل تسجيل الشركة، وجاء بالتعديلات أيضًأ إعطاء فرصة لأصحاب الشركات الصغيرة والناشئة بحماية مؤقته لحماية علامة منتجاتهم خلال مشاركاتهم في المعارض.
-
السجل التجاري:
من أهم التغييرات التي أجريت على قانون السجل التجاري احتفاظ السلطات المحلية في كل إمارة بصلاحيات إنشاء سجلاتها التجارية وإدارتها بما يشمل أعمال القيد ورصد البيانات وتغييرها.
وتم توسيع نطاق تطبيق القانون ليشمل تسجيل الشركات والمؤسسات الاقتصادية بجميع أشكالها سواء كانت تجارية، شركات، أو مهنية مثل مكاتب المحاماة والمحاسبة وغيرها، لضمان شمولية البيانات الواردة في السجل التجاري لجميع المنشآت الاقتصادية في الدولة.
وشمل القانون بشكله الجديد السلطة المختصة بالجهة الحكومية المحلية وسلطات المناطق الحرة المختصة بإصدار التراخيص للأنشطة الاقتصادية، والتي تضم الأنشطة التجارية والصناعية والسياحية والإعلامية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية المرخصة في الدولة لضمان رصد بيانات جميع المنشآت الاقتصادية في الدولة بما يشمل مناطقها الحرة.
كما أضاف القانون بشكله الجديد السجل الاقتصادي قاعدة بيانات يتم إنشاؤها لدى وزارة الاقتصاد تتضمن بيانات السجل التجاري والتي تزود بها من السلطة المختصة، بالإضافة إلى بيانات أخرى تحدد في اللائحة التنفيذية للقانون، لتعزيز قاعدة بياناتها بمعلومات تسهم في عقد دراسات أكثر شمولية للاقتصاد، مما يدعم عملية اتخاذ القرارات ورسم التوجهات الاقتصادية الأمثل في الدولة.
ولن يكون على إنشاء السجل الاقتصادي والقيد فيه أية إجراءات إضافية على المتعاملين، حيث أن الشركات ستواصل في قيد بياناتها في السجل التجاري كما هو مطبق حاليا، ولكنه سيفعل عملية الربط بين وزارة الاقتصاد والسلطات المحلية ليتم القيد بشكل تلقائي في السجل الاقتصادي.
كما دعا القانون الوزارة والسلطة المختصة بإنهاء إجراءات الربط الآلي بين السجل التجاري والسجل الاقتصادي ما يضمن أتمتة تبادل البيانات بين السجلين وتحديثها بشكل فوري، ويمهد القانون بشكله الجديد العمل مستقبلا على توحيد تعريف الشركات من خلال رقم مرجعي موحد، بدلا من الوضع الحالي.
-
قانون التخصيم وحوالة الذمم المدينة:
تم إجراء تحديث في قانون التخصيم وحوالة الذمم المدينة بهدف الاستمرار في تطوير البيئة التشريعية للقطاعات الاقتصادية والمالية في الإمارات، وتزويدها بالمقومات اللازمة لزيادة تنافسيتها وتعزيزقدرتها على تلبية المتطلبات الحالية والمستقبلية، وبما يدعم موقع دولة الإمارات كوجهة اقتصادية رائدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
والتخصيم هو من وسائل التمويل السهلة في الإمارات التي تمكن المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الحصول على التمويل اللازم لها، خاصة في الأحوال التي يصعب عليها الحصول على التمويل بالاعتماد على أدوات قروض تقليدية.. حيث من خلال وسيلة التخصيم يمكن للشركات استعمال ما لها من حقوق مالية حسب ما هو مسجل في دفاتر حساباتها الدائنة /أي ما لها من ديون على الغير مؤجلة الدفع، وذلك من خلال بيع تلك الحقوق أو تقديمها كضمان إلى "شركة مرخصة" للحصول على تمويل منها.
في هذه الحالة تقدم "الشركة المرخصة" التمويل للمشروع، ويكون "المقابل" هو قيمة تلك الحسابات الغير محصلة مخصوما منه ما يعادل سعر الفائدة ورسوم الخدمة، وتحل الشركة المرخصة محل المشروع كدائن جديد وفق الأحكام القانونية التي يضمنها القانون.
و يوفر القانون أدوات تمويل متنوعة متاحة للمنشآت الاقتصادية، لاسيما الشركات الصغيرة والمتوسطة ورفع كفاءتها المالية ، وذلك عن طريق منحها القدرة على زيادة السيولة النقدية، وتقليل مخاطر تسوية المطالبات المالية، ما يعود بالنفع على بيئة الأعمال.
و يتميز التخصيم بأهمية نوعية كتشريع مالي معني بتقنين الآليات التي تسمح بزيادة التدفقات النقدية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتقليل نسبة الديون المشكوك في تحصيلها، وتخفيض النفقات التشغيلية وتوفير سبل النمو.
-
الشركات التجارية:
أجرت دولة الإمارات العربية المتحدة مراجعة جذرية لقانون الشركات التجارية في أغسطس 2020، حيث تم الإعلان عن تعديل جوهري القانون شملت أحكامه السماح بموجبه بالتملك الأجنبي الحر في كافة القطاعات الاقتصادية بنسبة 100%، باستثناء عدد من الأنشطة الاقتصادية المحدودة ذات الأثر الاستراتيجي.
وآلان في التحديث الجديد تم استحداث أشكال جديدة للشركات التجارية ذات التنظيم الخاص تتضمن الشركات ذات الغرض الخاص /SPV/ والشركات المؤسسة لغرض الاستحواذ أو الاندماج /SPAC/، وأيضًا تم وضع إطار قانوني خاص بهذه الأشكال القانونية الجديدة وتنظيم عملها وضمان فعاليتها وجدواها الاقتصادية وتعزيز نموها ومردودها على بيئة الأعمال.
حيث ضمن هذا التعديل تؤسس الشركات ذات الغرض الخاص SPV لعدة أغراض أهمها فصل الالتزامات والأصول المرتبطة بعملية تمويل معينة عن التزامات وأصول الشخص الذي أسسسها ورعاها، وتستخدم في الأساس في عمليات الائتمان والاقتراض والتوريق وإصدار السندات ونقل المخاطر المرتبط بعمليات التأمين وإعادة التأمين والمشتقات.
و ضمت التعديلات على القانون وضع شروط وضوابط سهلة تحول الشركات إلى شركات مساهمة عامة، بما يضمن نجاح تحولها واستدامة تطورها ونموها، وأيضًا تم تحديد القيمة الإسمية للسهم وفقا للقيمة المحددة في النظام الأساسي للشركة وضوابط تجزئة القيمة الأسمية لأسهمها، واستحداث مواد تعني بتقسيم الشركات وتحديد أنواع التقسيم وآليته.
ووفق التعديلات تم إدخال أحكام معدلة فيما يخص نسبة مساهمة المؤسسين في رأس المال بالنسبة للشركات المساهمة العامة، وآليات الطرح العام في أسواق المال وفئات الأسهم، وتشكيل مجالس الإدارة وجنسية الأعضاء حيث تم إلغاء اشتراط جنسية أعضاء مجلس الإدارة وترك القرار للمساهمين والنظام الأساسي في انتخاب أعضاء المجلس، وسهولة التحويل بين الأشكال القانونية للشركات، والسماح لفروع الشركات الأجنبية المرخصة بالدولة بالتحول إلى شركات تجارية تحمل جنسية دولة الإمارات.
ومنح القانون اختصاصات أوسع للسلطات المحلية لإنفاذ أحكامه بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد.
-
مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية:
تعتزم الإمارات تطبيق التعديل على قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية من يناير 2022، وهو من أوائل القوانين في المنطقة التي تجرم الأفعال أو الجرائم التي تتم عن طريق استخدام تقنية المعلومات، وذلك نظرا لخطورتها وما يترتب عليها من إضرار بمصالح الدولة وبأجهزتها الحكومية.
جاء القانون بهدف حماية المجتمع والمواقع والبيانات الحكومية من الجرائم التي تتم بواسطة تقنية المعلومات، وأيضًا يحمي القانون خصوصية الأشخاص وحياتهم الخاصة ومكافحة الشائعات وجرائم النصب والاحتيال عن طريق وسائل تقنية المعلومات.
و حدد القانون نطاق الاعتداء على الخصوصية باستخدام وسائل تقنية المعلومات سواء على شخص أو على الحرمة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا.
و يجرم كل من اخترق موقعا إلكترونيا أو نظام معلومات إلكترونيا أو شبكة معلومات أو وسيلة تقنية معلومات، بقصد الحصول على بيانات حكومية أو معلومات سرية خاصة بمنشأة مالية، أو تجارية، أو اقتصادية، كما يعاقب على جرائم التسول الإلكتروني والترويج المظلل للسلع والخدمات وخاصة المنتجات الطبية المقلدة أو غير المرخصة باستخدام وسائل تقنية.
و يجرم القانون تداول أو إعادة تداول الإشاعات الكاذبة أو المغرضة التي من شأنها إلحاق ضرر بالمصلحة العامة أو بالاقتصاد الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة، وتجريم إتلاف البيانات أو تعطيل البرامج والبيانات والمعلومات على أي نظام معلوماتي بدون مبرر قانوني.
و يضيف القانون الأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط أو الدعامات الإلكترونية أو النظام المعلوماتي أو برامج الحاسب أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات حجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي.
وقد سمح القانون للمحكمة أو النيابة العامة أن تقبل التصالح مع المتهم في بعض الجرائم الإلكترونية، كما سمح عند الحكم بالإدانة في أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون أن تأمر بوضع المحكوم عليه تحت الإشراف أو المراقبة الإلكترونية أو حرمانه من استخدام أي شبكة معلوماتية، أو نظام المعلومات الإلكتروني، أو وضعه في مركز للعلاج أو تأهيل أو إغلاق الموقع المخالف أو حجب الموقع الإلكتروني المخالف.