يرى خبراء أن استفادة إيران من الثغرات التي تعتري النظام المصرفي الأوروبي ما زالت محدودة للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها، حيث تقدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية خسائر طهران من جراء العقوبات الدولية المفروضة عليها بنحو40 مليار دولار في عام 2012.
ولم يراوح الإنتاج الإيراني مكانه فبقي عند أدنى مستوى له خلال ثلاثة عقود. وفيما كانت تنتج طهران نحو 3.7 مليون برميل يوميا في أواخر عام 2011، أنتجت أكثر من 2.65 مليون برميل خلال كانون الثاني (يناير) العام الجاري.
وقال خبير مصرفي أوروبي لـ ''الاقتصادية '' - فضل عدم ذكر اسمه - إن التدابير في القطاع المالي الأوروبي لتشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي امتدت في عدة اتجاهات، إذ تحظر جميع المعاملات المالية بين المصارف الإيرانية والأوروبية، باستثناء تلك المصرح بها مسبقا من قبل السلطات الوطنية، في ظل ظروف صارمة. وتم تعزيز التدابير أيضا ضد البنك المركزي الإيراني.
كما أن التدابير المتعلقة بضمانات التصدير والقروض والتأمين بخصوص التجارة مع إيران، أصبحت أيضا محظورة. ومن جهته منع نظام سويفت، ومقره بروكسل، الذي يدير الجزء الأكبر من المدفوعات العالمية بين الدول والمصارف الإيرانية التي تشملها العقوبات من استخدام نظامه الرسائل المالية اعتبارا من منتصف العام الماضي.
وتعرض ''سويفت'' لضغوط دولية، وبصفة خاصة من الولايات المتحدة، لمنع طهران من إرسال أو تلقي مدفوعات إلكترونيا. ويؤكد أن العقوبات مست بشكل مباشر الحياة اليومية للمواطنين. فزادت أسعار بعض الأدوية بنحو 400 في المائة، إضافة إلى أن بعض الأدوية الخاصة لم تعد متوافرة.
وانخفضت أيضا الواردات من الأدوية الأمريكية والأوروبية بنسبة 30 في المائة في عام 2012. والمؤكد أن هذه العقوبات كان لها تأثير في الاقتصاد الإيراني، لكنها لم تمنع التجارة بشكل تام، ووفقا للإحصاءات الرسمية، فقد بلغ معدل التضخم نسبة 27.4 في المائة في عام 2012. في حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 60 في المائة. وقد أدى هذا الوضع إلى ركود تبعه ارتفاع في معدلات البطالة في البلاد.
وبسبب ندرة تدفق العملات الأجنبية والحظر المفروض دوليا للوصول إلى النظام المصرفي الدولي، فقد انهارت العملة المحلية، وبعد أن كان الدولار يصرف قبل عامين، بمبلغ 10500 ريال وصل حاليا إلى أربعين ألف ريال، مع ظهور سوق سوداء لصرف العملات في شوارع طهران.
وتحترم كل دول الاتحاد الأوروبي الحظر المفروض على إيران، ولو كان ذلك على حساب اقتصادها الوطني. فعلى سبيل المثال تراجعت مبيعات سيارات بيجو الفرنسية بنسبة 16.5 في المائة، لأن إيران كانت واحدة من الأسواق الرئيسية. غير أن بعض الشركات الآسيوية لم تتردد في الدخول إلى السوق الإيرانية لملء الفراغ الذي تركته شركة بيجو الفرنسية. في الواقع فإن جميع البلدان لا تتعامل بصرامة مع الحصار المفروض على طهران، خاصة البلدان الآسيوية التي تتجاهل تدابير الحظر أو تسعى إلى الالتفاف حولها.
فقد حصلت كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان وتركيا رسميا من الأمم المتحدة، على الحق في عدم فرض هذا الحظر. بينما قررت الولايات المتحدة وأوروبا عدم الطعن في هذا القرار الدولي. واستفادت هذه الدول الست من هذه الفرصة لاستيعاب 65 في المائة من النفط الإيراني، مع تفاوض على سعر مخفض بسبب الأزمة. وبحسب معلومات رسمية من الولايات المتحدة، فأفغانستان أيضا تستورد من إيران ثلث النفط اللازم لجيشها.
وإذا كان هناك حظر للتجارة مع إيران بشكل مباشر، فإن عديدا من الوسطاء يقومون بإعادة تسمية النفط الإيراني في طريقه. وتلعب سويسرا بشكل خاص دور الوسيط، بسبب اعتبارها بلدا محايدا، غير معنية بتنفيذ بعض القرارات السياسية الدولية. وبالتالي فهي حرة في بيع النفط الإيراني.
وقد زادت وزارة الخزانة في الولايات المتحدة من ضغوطها لثني المصارف الغربية على مواصلة التعامل مع شركة سويسرية متخصصة في التفاوض على بيع النفط الخام الإيراني في الأسواق العالمية. وعلاوة على ذلك، فإن نائب الرئيس الإيراني المكلف بالتنمية، إبراهيم عزيزي، نصح إدارته علنا ''بتحقيق أقصى قدر من تصدير النفط عبر سويسرا''.
وتسهر حفنة من المضاربين في جنيف، متخصصة في تجارة الخام بـ ''غسل'' و''خلط'' النفط الإيراني مع غيره لبيعه في الأسواق العالمية.