موجة انتحار تجتاح الشرطة الفرنسية.. أسباب عديدة تدفعهم لليأس

تاريخ النشر: 22 أبريل 2019 - 10:24 GMT
الشرطة الفرنسية
الشرطة الفرنسية
أبرز العناوين
مشكلة مأساوية تواجهها فرنسا منذ عدة سنوات

تصدرت أنباء انتحار رجال من الشرطة الفرنسية عناوين الصحف بعد أن أشارت الإحصائيات الى أن 28 شرطيًا انتحروا منذ بداية العام الجاري، وهو ما يعادل ضعف عدد المنتحرين في نفس الفترة الزمنية من عام 2018.

وفقًا لما أكدته نقابة الشرطة الفرنسية، فإن جهاز الشرطة الفرنسي يواجه موجة انتحار لم يسبق لها مثيل، أوضحت بأن سبب هذه الظاهرة يعود الى ضغط العمل الذي لم يسبق له مثيل، بسبب حركة احتجاجات السترات الصفراء، التي تحرم رجال الشرطة من فترات الراحة وعطلة نهاية الأسبوع منذ حوالي 5 أشهر ونصف.

وأشارت النقابة الى أن استمرار بعض رجال الشرطة في العمل لمدة أسبوعين دون أي يوم راحة أصبح أمرًا طبيعيًا، مما يؤدي إلى حالة من الإرهاق الكبير وأزمات حادة في الحياة الشخصية والعائلية.

ويشير المراقبون إلى أن تزايد حجم العمل المطلوب من رجل الشرطة أدى، خلال السنوات الأخيرة، إلى تراكم ما يقارب 20 مليون ساعة عمل إضافية لدى مجمل العاملين في جهاز الشرطة، في الوقت الذي تحاول فيه الدولة الفرنسية تسديد أجر هذه الساعات الإضافية، والذي تجاوز الـ 270 مليون يورو، وفق خطة زمنية.

معدلات الانتحار منذ بداية 2019:

كشفت المديرية العامة للشرطة الوطنية في فرنسا أن 28 شرطيًا أقدموا على الانتحار، كانت آخرها نهاية الأسبوع الماضي حين أقدم شرطيان على قتل نفسيهما، فقد وقعت الحادثة الأولى في بلدة كونفلانس الواقعة في دائرة إيفلين شمال فرنسا، في حين وقعت حادثة الانتحار الثانية في بلدة أليس الواقعة جنوب فرنسا.

وقال عضو في التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات "دينيس يعقوب" لوسائل الإعلام: "إذا استمرت حالات الانتحار بهذا المعدل خلال بقية العام سيكون الأمر كارثيًا، جميعنا يذكر انتحار 70 شرطيًا عام 1996، لقد كانت نقطة سوداء في التاريخ الفرنسي فنحن لا نريد تكرار ذلك".

وشهد عام 2014 بداية ارتفاع ظاهرة انتحار رجال الشرطة، وبلغ عدد المنتحرين حينها 55 شرطيًا، وقفز العدد في 2019 ليبلغ في أول أربعة أشهر ما يقارب نصف عدد المنتحرين في العام 2014 في مجمله.

وقال "توماس توسان"، من نقابة شرطة أونسا للصحافة الفرنسية: "إنها مذبحة".

لماذا يكون معدل الانتحار بين ضباط الشرطة مرتفعًا جدًا في فرنسا؟

أظهر تقرير صادر عام 2018 أن قوة الشرطة في فرنسا تواجه ظروف عمل مأساوية بما في ذلك ساعات العمل القاسية أكثر من أي وقت مضى بسبب الهجمات الإرهابية وأزمة المهاجرين.

وأشار التقرير إلى أن أفراد الشرطة يجب أن يعملوا وفق جداول زمنية غير منتظمة وأن يحصلوا على عطلة نهاية أسبوع واحدة فقط من أصل خمسة.

علاوة على ذلك، فإن معدات الشرطة بليت وهو ما يرهق الشرطي نفسه، فإن 10 في المئة من سيارات الشرطة أو 3400 مركبة لا تزال في الخدمة منذ أكثر من عشر سنوات، مما قد يعرض سلامة الشرطي للخطر خلال التدخلات الأمنية.

كما أن  العديد من مراكز الشرطة متهالكة وغير آمنة للعمل فيها ومع تزايد المطالب الإدارية فإنها تضطر للتعامل مع معدات تقنية قديمة جدًا، وفق التقرير.

كما يتعين على أفراد الشرطة التعامل مع الهجمات المتزايدة والتي تستهدف الشرطة الفرنسية مباشرة في السنوات الأخيرة.

وبالحديث عن الأسباب قال "فرانسوا جروسديدير"، عضو مجلس الشيوخ ومقرر لجنة التحقيق في حالة انتحار قوات الأمن:

"إنهم يقومون بأعمال خطيرة تؤثر على نفسياتهم بشكل متواصل خاصة مع تزايد التهديدات الارهابية، هم يطالبون بمزيد من الحماية القانونية والاجتماعية، هنالك نوع من عدم الاستجابة لمطالبهم ذلك ما يستنزف تفكيرهم وطاقتهم الايجابية ويدفع بهم لليأس والانتحار، إنه حقًا أمر مزعج كثيرًا لنا كإدارة".

ضرورة وقف حالات الانتحار داخل قوة الشرطة

وكان ضباط شرطة فرنسيين قد دعوا لاجتماع عاجل مع وزير الداخلية كريستوف كاستانير لبحث حلول هذه الأزمة والتي وصفوها بالأزمة القومية التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار جهاز الشرطة، مؤكدين أن الوضع أصبح بحاجة لخطة مارشال لإنقاذ هذا الجهاز.

وقالت اتحادات الشرطة إن خطة وضعت العام الماضي للحيلولة دون أن تتحول مسألة الانتحار إلى "قضية وطنية وأعلنت (الخطة) أولوية على مستوى الوزارة".

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن