على الرغم من كل ما قيل عن المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة، إلا أن المرأة السعودية لا تزال مخفية عن مرأى الجميع، ولا تزال هدفًا لخيال وسائل الإعلام العالمية، وهو ما دفع العديد من الصحف الى تناول ما يتعلق بها ولكن على طريقتها الخاصة.
الكاتبة الفرنسية "نيكولا سوتكليف" أصدرت مؤخرًا كتابًا يحمل عنوان "ملكات المملكة"، تحدثت من خلاله عن النساء في المجتمع السعودي بكافة شرائحه وكانت من ضمنهنّ الناشطة السعودية السجينة لجين الهذلول.
وأشارت الكاتبة نيكولا، والتي عملت كمحاضرة جامعية في السعودية لمدة أربع سنوات، بأن ترشيح مجموعة من أساتذة جامعة السوربون الفرنسية اسم "الهذلول" لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2019، هو ما دفعها لضم اسمها في الكتاب.
ما معنى أن تكوني امرأة في المملكة العربية السعودية اليوم؟ "المضطهد" قد تكون الكلمة الأولى التي تتبادر إلى الذهن، فمشاعر المرأة السعودية حول المملكة التي تنحدر منها تشكل مجموعة معقدة من وجهات النظر.
ففي المملكة العربية السعودية، يعارض البعض ارتداء الحجاب الإجباري، والبعض الآخر لا يعارض ذلك، كما يرحب البعض بالتغييرات الجارية في بلادهم، والبعض الآخر يشعر بالقلق منها، كما يسعد البعض لبقاء المرأة في المنزل من أجل تربية الأطفال، في حين يرى البعض الآخر أن على المرأة أن تدخل سوق العمل.
وتعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر المجتمعات غموضًا وسرية في العصر الحديث، وربما كانت حياة النساء اللائي يعشن هناك هي من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام. ما الذي تفكر فيه النساء في السعودية حقًا؟ ما هي آمالهم وأحلامهم؟ ولفصل الحقيقة عن الخيال، قضت "نيكولا" أربع سنوات في المملكة حيث قابلت النساء من جميع الأعمار وأجرت مقابلات معهن.
تناولت "نيكولا" في كتابها ما يمكن تفسيره على أنه رواية عن المملكة العربية السعودية من وجهة نظرها عبر لقائها 30 امرأة سعودية من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة.
ففي كتاب "ملكات المملكة"، والذي نُشر في المملكة المتحدة في 21 مارس، تأخذك الكاتبة الى تفاصيل الحياة خلف الأبواب المغلقة، مما يوفر للقراء نظرة نادرة على مجتمع خاص متعدد الطبقات.
وعبر تداخل المقابلات التي تثير الدهشة في بعض الأحيان تضيف الكاتبة وجهة نظرها عن التطورات الاجتماعية في المملكة.
وكانت الهذلول واحدة من النساء اللاتي سردت الكاتبة قصتها بالإضافة الى الناشطة والدكتورة عائشة المانع وعضو مجلس الشورى هدى الهيليسي.
كما يلتقي القراء عبر الكتاب بامرأة بدوية في منتصف الخمسينيات من عمرها، وقد أنجبت 11 طفلاً "في مكان ما في الصحراء"؛ بالإضافة الى طبيبة ترفض بشدة كلمة "ملكة".
وبعد قراءة الكتاب، يمكنك ملاحظة تكرار نفس الأسئلة، والتي تتمحور حول القيادة والحجاب والتصورات الغربية والزواج والجنس، فالنساء بالسعودية تتقاسم أفكارهن حول مواضيع واسعة النطاق مثل الشرطة الدينية، و"شراء" الأزواج عبر الإنترنت، والأزياء تحت العباءة، وتعدد الزوجات والوصاية وغيرها الكثير من المواضيع، حيث تقول إحدى النساء: "كلما رأيت نساء في إنستغرام ويتابعها أكثر من مليون شخص، أعرف أن لديها محرمًا يحميها".
يذكر أن السلطات السعودية، قد اعتقلت في مايو 2018، لجين الهذلول (29 عامًا)، إحدى الناشطات اللواتي طالبن برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، مع 10 ناشطات أخريات في المملكة، وذكرت عائلتها، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أنّ لجين وناشطات أخريات معتقلات يتعرّضن للتعذيب والتحرّش الجنسي في المعتقل.
وكانت جامعة "لوڤان" الكاثوليكية البلجيكية؛ وهي من أعرق الجامعات في أوروبا، قد منحت الناشطة الهذلول، شهادة الدكتوراه الفخرية تقديرًا لجهودها في مجال حقوق المرأة.