خالد أبو الخير*
اعتبر المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم معتوق إن ما جرى في تونس ليس حواراً، لكنه عبارة عن تفعيل للمادة 12 لاتفاق الصخيرات السياسي، وفق ما طرحه المبعوث الدولي الى ليبيا غسان سلامة.
وأوضح إن هذا الاجراء تضمن ايجاد لجان صياغة مهمتها تعديل بنود في الاتفاق كانت خلافية في السنوات السابقة، واهمها المادة الثامنة المختصة بالمناصب العسكرية والأمنية.
وبين معتوق، الذي شغل سابقاً منصب المتحدث باسم الحكومة الليبية المؤقتة، انه كان قريباً في بداية طرح اجراء مقترحات لاعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة مصغرة، في الجولة الأولى، وأتفق بشأنها، ولكن بقيت العقبة الكبيرة بشأن شغل المناصب العسكرية والأمنية. لافتاً إلى أن النفس الاسلامي ما زال قوياً ومسيطراً على المجلس الاعلى للدولة.
واستبعد فشل حوار تونس، لجهة ان المبعوث الدولي الى ليبيا غسان سلامة يرتكز في خطته على قاعدتين اساسيتين، القاعدة الأولى هي قاعدة الوعاء الزمني، والرجل يتحدث عن مدة زمنية لا يمكن تجاوزها الا بايجاد صيغة تسوية نهائية للازمة في ليبيا، والقاعدة الثانية هي اهتمامه بالملف الانساني، لأنه لا يمكن ان تستمر البلد في هذه الحالة والمواطن يئن من الظروف المعيشية والوضع الصحي والتعليمي وانعدام السيولة والأمن والأمان ، وأن تستمر المناكفات إلى آمد بعيد.
واوضح أن سلامة يستمد موقفه هذا من المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة واوروبا في قفل ملفين مهمين؛ الأول الملف الأمني الذي لايمكن قفله الا من خلال حكومة وطنية واحدة، والملف الاقتصادي، إعادة الاعمار وتعويض الشركات.
وقال ان المرحلة الاولى من خطة سلامة هي مناقشة المادة 12 وتعديل بعض البنود الخلافية في اتفاق السياسي، والمرحلة الثانية هي الذهاب الى المؤتمر الجامع والذي يتضمن القيادات الفاعلة في المشهد في ليبيا، القوى السياسية، القوى العسكرية، القوى الاجتماعية وانصار النظام السابق.
وفي حالة عدم توصل المؤتمر الجامع الى توصيات مفيدة وتقرب بين الاطراف، يضيف معتوق، فسيذهب سلامة بكل تاكيد الى صياغة مسودة الدستور أو العودة الى دستور 1951 المعدل في 1963 ، واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة حتى قبل الموعد الذي حددته الأمم المتحدة واكد عليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في ايلول /سبتمبر المقبل.
ولم يستبعد معتوق ان تكون ورقة الجيش حاضرة في اروقة بعض العواصم صانعة القرار في ليبيا، خصوصاً وان صبراته اعتبرت وفق مراقبين مفتاح الدخول الى الزاوية، لأن الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر يفكر في السيطرة على كل مصادر الطاقة "الحقول النفطية والموانيء ومجمع مليتة للغاز ومصفاة الزاوية"، الأمر الذي سيدفع الغرب الى إعادة حساباته.
وقال "ليس مستبعداً أيضاً ان يذهب الغرب باتجاه ان يكون هناك مجلس عسكري وحكومة أزمة الى حين تستقر البلد ويتمكن الجيش سواء في الشرق او الغرب ، بعد تفعيله على مستوى المؤسسة العسكرية، من القضاء على ما تبقى من فلول ارهابية وجماعات خارجة عن القانون سواء تلك التي تتاجر بالبشر او تهرب.
وتوقع أن يتبع ذلك صياغة الدستور أو العودة إلى دستور 1951، والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في ظل ظروف امنية ومعيشية مقبولة.
وأوضح معتوق أن ما جرى في تونس ليس فشلاً، لأن البدائل او الخيارات ما تزال قائمة، وهي خيار المؤتمر الجامع، خيار الذهاب الى الانتخابات، والخيار الذي لم يعلن عنه، وهو خيار الجيش.
وأضاف: ما تم الاتفاق عليه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، ولقاءات بعض القادة، و التوصيات التي خرجوا بها، وتأكيد الامين العام أنطونيو غوتيريس على ضرورة التركيز على الملف الليبي وحله، وانعكاسات الأزمة الأمنية الليبية على اوروبا فيماي تعلق بالهجرة غير المشروعة او بتمدد التنظيمات التكفيرية.. كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من اوروبا وامريكا وحتى روسيا والصين يفكروا بصوت عال وبشكل مشترك على ضرورة تسوية الأزمة في غضون الاشهر القليلة القادمة.
وختم بالقول: لا اتصور ان تتجاوز الأزمة الليبية بشكل عام، و بكل نواحيها، شهر ايلول سبتمبر القادم.
*نقلا عن إرم نيوز