اهداف خفية " تحت هذا العنوان يكتب المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان، عن هدفين تسعى إسرائيل الى تحقيقهما من خلال استغلالها للبحث عن المفقودين الثلاثة، وهما: زرع الشقاق بين فتح وحماس وتدمير صورة حكومة الوحدة امام المجتمع الدولي، واستفزاز حماس كي ترد بعنف، واستغلال ذلك لتدمير مستودعات الصواريخ في غزة.
ويقول فيشمان ان الصورة التي تتضح مما ينشر حول عملية الاختطاف ان الخلية التي نفذتها تعتبر جدية ومهنية، تجيد مهنة التمويه والخداع والاخفاء. ولم يكن اختيارها لمكان تنفيذ العملية صدفة، ذلك ان المحطة التي وقف فيها الشبان الثلاثة هي الوحيدة في تلك المنطقة التي لا يقوم الجنود بدوريات حولها، ولا يوجد في المنطقة موقع عسكري يرابط فيه الجنود حتى منتصف الليل، وليس هناك أي شك بأن الخاطفين راقبوا المنطقة من قبل ووقفوا على ما يحدث هناك، خاصة وانه على بعد نصف كيلومتر من المحطة، يقع المقر العسكري اللوائي عتصيون، وتتواجد السيارات العسكرية في المنطقة بشكل متواصل.
ويضيف فيشمان ان الخليل معروفة من السابق باحتضان تنظيمات سرية لحركة حماس، لم تستطع اجهزة المخابرات الوصول اليها. ويفترض فيشمان ان عملية كهذه تعتبر من العمليات التي يتم التبليغ عنها لقادة الذراع العسكرية لحماس في الداخل والخارج. كما يفترض انه سيكون على أعضاء هذه الخلية اتخاذ قرار، في مرحلة ما، بشأن خطوتهم المقبلة. فهل ينخرطون بين الناس ويختفون، او يبادرون الى اجراء مفاوضات بمساعدة طرف ثالث. مع ذلك يعتقد فيشمان ان القيادة السياسية للحركة، اسماعيل هنية وخالد مشعل، لم يعرفان مسبقا عن هذه العملية.
ويقول انه الى جانب الجهود المبذولة لحل اللغز، تستغل إسرائيل الفرصة لخوض معركتين: فقد قامت بتنفيذ اعتقالات واسعة في الضفة الغربية في محاولة للوصول الى الخاطفين، ولكن باستثناء المعتقلين الـ85 الذين تم احتجازهم للتحقيق معهم بشأن عملية الاختطاف، فقد تم اعتقال القيادة السياسية لحماس، وجهات لها علاقة بمحاولة اعادة بناء القواعد السياسية والاجتماعية للحركة في الضفة.
ويضيف: منذ تشكيل الحكومة ساد في إسرائيل الشعور – اعتمادا على معلومات- بانه يجري تحت ستار حكومة التكنوقراط، اعادة بناء قواعد حماس، خاصة الاجتماعية التي تشكل قاعدة لقوة التنظيم. ولكن اسرائيل لم تقم باعتقال هذه القيادة قبل اسبوع، لأنها لو حاصرت مناطق واسعة من اراضي الضفة واعتقلت هؤلاء، لكانت السلطة الفلسطينية ستصرخ ولكانت الأمم المتحدة واوروبا ستقفان الى جانبها. لكن السلطة تصمت الآن، وعندما يصمت ابو مازن لا يهتم احد في العالم للصراع وعملية الاختطاف، ولذلك وجدت إسرائيل في ذلك فرصة لمعالجة قواعد حماس في الخليل.
ويقول فيشمان ان ابو مازن يشعر بالإحراج الآن، فقضية الأسرى تحظى بالإجماع الفلسطيني، الامر الذي كان يحتم عليه، ظاهريا، اظهار التعاطف مع خطوة حماس، الا ان الخطوة الوحشية للاختطاف سحبت البساط من تحت قدميه وتركت السلطة مشلولة. وقال الناطق بلسان قوات الامن الوقائي، عدنان الدميري، امس، ان "حماس طعنت ابو مازن في ظهره"، ويعبر هذا التصريح عن شعور السلطة ازاء عملية الاختطاف التي تهدد بإحباط احدى اكبر النجاحات الدبلوماسية التي حققها ابو مازن.
وهنا، يضيف فيشمان، تسعى اسرائيل الى استغلال الفرصة لتحقيق هدف آخر، بالغ الاهمية من ناحية سياسية. فحكومة الوحدة الفلسطينية حظيت بتأييد دولي، والطريقة الوحيدة لإحداث تمزق بين حماس وفتح والاوروبيين، هي جعل الحركة تلجأ الى العنف، كي تظهر بأنها لم تنفذ عملية الاختطاف فحسب، وانما تضعضع الاستقرار في قطاع غزة، أيضا.
ولذلك فقد هاجمت إسرائيل، امس، تسعة أهداف لحماس في قطاع غزة. ولكن حماس لم ترد في هذه الأثناء، ولكن في حال قيام الجيش بتفعيل القوة ضد مبنى يتحصن فيه رجال حماس في الخليل، وقتلهم، او اذا عاود الجيش قصف القطاع فان حماس لن تستطيع مواصلة عض الشفاه.
واسرائيل لن تذرف دمعة اذا ما توفرت لها الفرصة لضرب غزة كي تعيد لحماس صورتها كتنظيم ارهابي.
وعندما تبدأ حماس بإطلاق النار، سنغوص في معركة تجعل العالم ينسى قيام حكومة وحدة غير عنيفة. ولهذا، يتكهن فيشمان بأن قيام إسرائيل بنصب بطارية القبة الحديدية في اشدود لم يكن صدفة. فقد توقعت ارتكاب حماس للخطأ في لحظة ما، وقد حدث ذلك. وينتظر الآن مجيء الرد الاسرائيلي. ويخلص الى القول ان إسرائيل تتابع منذ فترة تسلح حماس بمئات الصواريخ طويلة المدى التي تهدد تل ابيب. وامامها الآن فرصة ذهبية لتدمير صورة حكومة الوحدة ومعالجة مستودعات الصواريخ