يتخبط الزعماء الاوربيين ورئيس الولايات المتحدة الاميركية في قراراتهم بشان العملية العسكرية الروسية في اوربا.
كان اكثر ما يمكن ان يعبر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من خيبة امل في اعقاب مكالمة هاتفيه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان يضع رأسه بين يديه، وبصورة اخرى يعض اصابعه، من دون ان تتفتق مداركه عن اتخاذ قرار يؤدي الى حل الازمة ويوقف الحرب.
الحال ايضا بالنسبة للرئيس الاميركي الذي يعرف بخبرته الطويلة في عالم السياسة وعارف وعالم في كواليسها واروقتها، فقد بدا هو الاخر منكسرا، يلجا الى مجلس الامن رغم علمه بوجود فيتو روسي، ثم ينتقل للضغط على اوربا لتوقف استيراد الغاز من روسيا من دون ان يشعر بعواقب هذا القرار على المواطن الاوربي.
يمسك الرئيس الروسي بزمام الحكم في بلاده منذ عقود طويلة، ووفق ما اكد استاذ الدراسات المستقبلية، الدكتور وليد عبد الحي ، فان بوتين يخطط لهذا اليوم منذ 2014، عندما تضرر الاقتصاد الروسي بعد الثورة البرتقالية التي جاءت باتباع الاميركيين والناتو الى سدة الحكم في اوكرانيا.
يقول الدكتور عبد الحي ان بوتين بدا بوضع خطط استراتيجية بعيدة المدى منذ ذلك التاريخ، فاسس مع اصدقاءه الصينيين والبريكست ومنظمة شغهاي نظاما ماليا يغني بلاده عن الخسائر التي قد تتعرض لها بفعل الحصار المتوقع مستقبلا، مشيرا الى انه (الرئيس الروسي) عمل خلال السنوات على رصد تطوير صناعاته وميزانه التجاري لصالح بلاده، وقرر الاستغناء تدريجيا عن اوربا ، بمعنى انه وجد اسواقا جديدة في الصين وايران والهند وغيرها من الدول الكبيرة لذلك فان الالتفافات والعقوبات والحصار المفروض على بلاده لن يجدي نفعا، مشيرا الى ان الدراسات تثبت بان اكثر من 230 حالة عقوبات فرضت على دول منذ 50 سنة لم ينج منها الا 30 بالمئة فقط وبنسب متفاوتة، بالتالي فان الرئيس الروسي احتاط بشكل جيد ومدروس لمواجهة التحديات التي يواجهها اليوم.
لغات فلاديمير بوتين
قالوا عنه في روسيا "احذر من أن تتفوه بشيء من لغتك أمام بوتين، فقد يعلم ما تقول"، يجيد الرئيس الروسي التحدث بـ7 لغات ليكون الزعيم الوحيد في العالم القادر على ذلك، يتقن اللغة الألمانية بجدارة وقد أثار إعجاب وفد ألماني خلال مؤتمر صحفي في روسيا، حيث تحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالألمانية، فيما قام بوتين بعملية الترجمة للحاضرين.
ظهر بوتين في لقطات تلفزيونية متحدثا بكلمات ارتجالية من الفرنسية وغنى بالإنجليزية وعدة لغات مختلفة، ويتحدث الأوكرانية والبولندية، وملم باللغة الأرمينية.
قوة عسكرية كبرى
تشير الإحصائيات إلى أن بوتين استطاع خلال فترة حكمه أن يبني جيشا عصريا، يختلف كثيرا عن الجيش المتهالك الذي ورثه من حقبة الحكم السوفيتي وبلغت ميزانية الدفاع الروسية لعام 2021 نحو 42 مليار دولار، حسب موقع "غلوبال فاير باور" العسكري
شخصية بوتين "ليست سهلة" استطاع ترتيب ملفات شائكة في روسيا على الصعيدين الداخلي والخارجي منذ تسلمه السلطة وامتلك مهارة اللعب على حافة الهاوية
في مقالة لـ السياسي الأمريكي المخضرم هارالد مالمغرام قال أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أذكى من معظم السياسيين في العالم، واشار في افتتاحية لمجلة Unherd البريطانية: "بوتين ترك لدي انطباعا بأنه أكثر ذكاء من معظم السياسيين الذين التقيتهم في واشنطن وعواصم أخرى حول العالم".
وأشار إلى أنه "التقى بوتين لأول مرة عام 1992 في منتدى أعمال في بطرسبورغ، حضره العديد من رجال الأعمال الغربيين البارزين ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر".
وأضاف: "أصبح بوتين رئيسا لروسيا في الوقت المناسب.. بالنظر إلى الوراء، يمكنني استذكار أوقات اضطرابات الحكم في روسيا التي كانت بحاجة ماسة لزعيم قوي وهذا هو سبب ظهور بوتين".
يشار الى ان مالمغرام عمل مساعدا لأربعة رؤساء أمريكيين هم جون إف كينيدي (1961 إلى 1963)، وليندون جونسون (1963-1969)، وريتشارد نيكسون (1969-1974)، وكذلك جيرالد فورد (1974-1977).