نزل عشرات الآلاف من المحتجين من الأقلية السنية بالعراق إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة في استعراض للقوة في مواجهة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الذي دعاهم الى الحوار والابتعاد عن "قطع الطرق والجعجعة بالحرب وتقسيم العراق".
وأغلق نحو 60 ألف شخص الطريق الرئيسي الذي يمر عبر مدينة الفلوجة على بعد 50 كيلومترا غربي العاصمة وأحرقوا العلم الإيراني ورددوا هتافات مثل "يا إيران برا برا..بغداد تبقى حرة" و"يا مالكي يا جبان..تاخد شورك (المشورة) من إيران."
ويتهم الكثير من السنة الذين كانوا يسيطرون على العراق حتى سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في عام 2003 المالكي برفض تقاسم السلطة ومحاباة إيران.
وخرجت احتجاجات الأسبوع الماضي بعدما اعتقلت قوات موالية للمالكي حراس وزير المالية السني رافع العيساوي.
وتشمل مطالب النشطاء الكف عن تهميش السنة وإلغاء قوانين مكافحة الإرهاب التي يقولون إنها تستغل ضدهم كما يطالبون بالإفراج عن محتجزين.
وقال فائق العزاوي البالغ من العمر 48 عاما "جئت إلى الفلوجة للتعبير عن دعمي لمطالبهم. أتمنى أن نمضي إلى بغداد."
وخرجت مظاهرات أيضا في مدينة الموصل بشمال العراق وفي سامراء وردد المحتجون هتافات منها "الشعب يريد إسقاط النظام" وهو الهتاف الذي استخدم في انتفاضات شعبية أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن.
وفي مؤتمر "المصالحة والسيادة الوطنية" الذي نقل التلفزيون العراقي وقائعه قال المالكي "ليس من المقبول أن نعبر عنها (الآراء) بقطع الطرق وإثارة الفتن والطائفية والاقتتال والجعجعة بالحرب والجعجعة بتقسيم العراق." ويرجح أن تؤجج الاحتجاجات المخاوف من أن تعيد الحرب الأهلية الدائرة في سوريا المجاورة العراق إلى أيام الاقتتال الطائفي بين عامي 2005 و2007 . وتحارب الأغلبية السنية في سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران.
ويبدو أن متشددين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة يعيدون تنظيم صفوفهم في مدينة الأنبار العراقية وينضمون إلى صفوف المقاتلين عبر الحدود في سوريا.
ورفع محتجون بمدينة الرمادي في محافظة الأنبار صورا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي ينتقد الأسد بشدة ويزداد اختلافه مع المالكي.
وفي جنوب العراق ذي الأغلبية الشيعية خرجت مظاهرة صغيرة ضد اردوغان في مدينة النجف الواقعة على بعد 160 كيلومترا عن بغداد.
وزادت شكاوى السنة من المالكي قبل نحو اسبوع بعدما تم اعتقال حراس العيساوي بعد ساعات من نقل الرئيس الكردي جلال الطالباني للعلاج بالخارج.
وأعاد ذلك إلى أذهان الكثيرين تحركا لاعتقال النائب السني للرئيس العراقي طارق الهاشمي قبل نحو عام عقب انسحاب القوات الأمريكية بقليل. وفر الهاشمي إلى خارج البلاد وحكم عليه غيابيا بالاعدام.
ويسعى المالكي لشق صفوف منافسيه وتعزيز تحالفاته في الساحة السياسية المعقدة بالعراق قبل انتخابات محلية مقررة العام القادم وانتخابات برلمانية في 2014.
واعتبرت مواجهة بين الجيش العراقي والقوات الكردية بشأن حقول نفط متنازع عليها في الشمال وسيلة محتملة لحشد دعم العرب السنة وراء رئيس الوزراء.
الى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المحتجين الى الحوار والابتعاد عن "قطع الطرق والجعجعة بالحرب وتقسيم العراق" للتعبير عن مطالبهم.
وقال المالكي في كلمة بمناسبة الذكرى الاولى لمغادرة اخر جندي اميركي العراق واطلق عليها يوم السيادة "نتحدث اليوم في ظل اجواء غير ايجابية وتحديات لاتزال تتنفس الماضي بالمه وجراحاته".
واضاف في اشارة الى المحتجين الذين قطعوا الطريق الدولي بين بغداد وعمان وسوريا منذ عدة ايام "الامم المتطلعة نحو السلام، لابد ان تعتمد على صيغ حضارية في التعبير (...) وليس من المقبول ان نعبر عنه بقطع الطرق واثارة الفتن والطائفية والاقتتال والجعجعة بالحرب وتقسيم العراق... هذا لا يضمن مجدا".
من جهة اخرى، دعا المالكي في كلمته الجمعة الى الحوار. وقال علينا ان "نتحاور ونتفق على طاولة الاخوة والمحبة في انهاء مشاكلنا وخلافتنا وان يستمع بضعنا الى بعضنا الاخر، والدول الحية بنيت على اسس القانون، حينما روض الناس انفسهم على احترام القانون".
وشدد على انه "لا احد يستطيع ان يجني منها (الحرب) شيئا، اليس نحن على مقربة من تلك الايام السوداء التي كان يقتل فيها الانسان على الاسم والهوية؟" واضاف متسائلا "ليقل لي احد انه استطاع ان يحقق لمذهبه، لطائفته، شيئا بل الجميع خسر والجميع ضحى بالبلد".
واشار الى ان من "استفاد هم فقط اعداء العراق وامراء الحرب وتجار السلاح، وضعفاء النفوس (الذين) باعوا الانسان والوطن واشتروا الهزيمة، التي صنعت على يد العراقيين في يوم السيادة". وحيا "الموقف الشجاع" الذي وقفه العراقيون "بوجه دعاة الفتنة (...) حتى لا تعود، لانها ان عادت ستحرق الاخضر واليابس".
وكان الشيخ علي حاتم السليمان امير عشائر الدليم هدد برفع السلاح بوجه الحكومة اذا لم تنفذ مطالب المحتجين.