بعد المعركة.. اليأس يحيط بدمشق

تاريخ النشر: 29 يوليو 2012 - 02:30 GMT
محال تجارية مغلقة في دمشق
محال تجارية مغلقة في دمشق

أمام متاجرهم الخاوية على رصيف مهجور في شارع الحمرا الذي كان يوما منطقة تجارية رائجة في وسط دمشق جلس ثلاثة رجال أصبحوا بلا مأوى بسبب القتال الذي يستعر في المدينة منذ اسبوعين.

ولجأ سكان مع أسرهم الى وسط دمشق قادمين من الضواحي الشرقية والجنوبية من العاصمة السورية وهي الأكثر تضررا من الهجوم المضاد العنيف الذي شنته القوات الموالية للرئيس بشار الأسد على قوات المعارضة المسلحة.

وقال أحمد وهو صاحب متجر من دوما وهي منطقة مؤيدة للمعارضة في شرق العاصمة "هل تصدقون أن ثلاثتنا فروا من ديارهم؟ جاء ثلاثتنا من منازل مدمرة. نعيش مع أقاربنا في وسط المدينة."

وانضموا إلى آلاف انتقلوا إلى وسط المدينة بحثا عن أمان نسبي تاركين الضواحي التي ما زال دخان الحرب يتصاعد منها.

لكن حتى وسط دمشق شهد عنفا. وتفتح المتاجر أبوابها بين الساعة التاسعة صباحا والثالثة عصرا فقط مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشدة ولا يجرؤ أي أحد على الخروج بحلول الليل حتى في شهر رمضان الذي تكون فيه الشوارع عادة مكتظة بالناس حتى وقت متأخر.

وقال احمد الذي طلب عدم نشر اسمه كاملا شأنه شأن آخرين أجريت معهم مقابلات "ليس هناك زبائن.. أرسلت الموظفين إلى منازلهم. ليس لدي المال الكافي لدفع رواتبهم. لقد أفلست."

وقال الرجال وهم من منطقتي السيدة زينب والحجر الأسود في الجنوب اللتين ضربتهما صواريخ ونيران مدفعية ثقيلة من طائرات هليكوبتر عسكرية إنهم لم يكونوا يتعاطفون كثيريا في البداية مع الانتفاضة ضد حكم عائلة الأسد المستمر منذ 42 عاما.

وقال أحمد "بداية كنت مع النظام بالطبع.. لكن الآن.. لا.. لابد ان يرحل النظام. فليأخذوا معهم ما يشاءون لكنهم لابد أن يرحلوا."

وألقى محمد باللوم على الرئيس السوري الذي تعهد بهزيمة ما يقول إنه عنف إرهابيين مدعومين من الخارج في زيادة اليأس في دمشق.

وأضاف "هل يمكن لأي أحد أن يقف إلى جواره؟ لا أعتقد. نحن جميعا لاجئون. ليست لدينا منازل ولا أموال. رؤساؤنا لا يدفعون لنا الرواتب. لابد أن ينتهي هذا الوضع."

ويقولون إن المطاعم الموجودة في وسط دمشق والتي في العادة تكون مكتظة بالناس لتناول الإفطار في رمضان اصبحت خالية منذ أيام.

وقال محمد الذي يعمل في مطعم في شارع 29 ايار على مسافة غير بعيدة من المنطقة القديمة "من اليوم الأول لرمضان حتى اليوم لم يدخل زبون واحد هذا المطعم.. جاء خمسة اليوم لكن لأنني لم أكن أتوقع أي أحد اضطررت لصرفهم."

والمطاعم الوحيدة التي لها حظ أوفر هي التي تبيع الفطائر إذ إنها تطعم النازحين الموجودين داخل المدارس والحدائق.

وآوت مدرسة في برزة في شمال دمشق 1500 شخص نزحوا عن ديارهم من دوما والقابون وحرستا وهي جميعا معاقل للمعارضة إلى الشرق والتي قصفها جيش الأسد.

وقال أحد النشطاء في المدرسة "كل أشكال المساعدة تقدم خاصة الطعام في رمضان."

وفي الكثير من المناطق تلاشت الرائحة الخانقة للقمامة التي تراكمت تحت أشعة الشمس الحارقة ووسط القتال العنيف خلال الأسبوع الماضي وذلك بعد حملة تنظيف قام بها السكان والسلطات أيضا.

وفي حي الجسر الأبيض بشمال دمشق لجأ الناس الذين يرغبون باستماتة في العمل إلى بيع البضائع على الأرصفة وهي مسألة كانت ستمنعها على الفور سلطات البلدية في الحالات العادية قبل وقوع الأزمة.

وتعيق نقاط التفتيش وحواجز الطرق حركة من يريدون التنقل.

وقال بسام وهو منتج للعسل فر من منزله في دوما مع أسرته للإقامة مع أقاربه في حي أبو رمانة بوسط العاصمة "لا يمكنني الوصول إلى العمل أو توصيل البضائع.. ولا توجد حركة تجارية تذكر بأي حال... لم أحصل على قرش واحد منذ ثلاثة أشهر."

وقال مروان الذي يعمل في مجال توريد المنتجات الزراعية "ما من أحد يشتري وما من احد يبيع. الليرة السورية ضعيفة... وأسعار كل شئ ارتفعت بشدة."

وأدت مخاوف من الحصار لفترة طويلة ونقص في المواد الغذائية والوقود إلى ارتفاع في أسعار الغذاء لما يصل إلى 150 في المئة في الأسبوع الماضي كما تكونت طوابير طويلة جدا أمام محطات الوقود إلى أن جاءت مجموعة من السيارات الصهريج لضخ المزيد من الوقود.

وفي حي الميدان وهو أول حي في العاصمة استعادته قوات الأسد قبل ثمانية أيام فإن حطام السيارات المحترقة والمباني المدمرة والجدران المليئة بثقوب الأعيرة النارية تشهد على الدمار الهائل.

وقالت هدى وهي من سكان المنطقة القديمة من دمشق "عدت يوم الاثنين ووجدت منزلي رأسا على عقب.. لحسن الحظ أخذت ذهبي ومالي معي لكن الجيش أخذ ملابس ابني وزجاجات العطر الخاصة بي وأشياء أخرى."

وقال ساكن آخر من حي الميدان "أرجوكم قولوا للعالم أن يوقف الصين وروسيا وأن يفرض منطقة حظر طيران" مما يظهر غضب معارضي الأسد تجاه بكين وموسكو لمنعهما قرارات في الأمم المتحدة مدعومة من الغرب بشأن سوريا.

وقال "أقسم أنني لولا وجود أسرتي معي لذهبت إلى هناك للقتال في صفوف الجيش السوري الحر."

لكن ليس الجميع يؤيدون مقاتلي المعارضة. فبعيدا عن الموالين للأسد بشدة هناك عدد متزايد من الأشخاص الذين يعارضون الرئيس لكنهم يتوجسون أيضا من الجيش السوري الحر.

وقال حسام وهو من سكان المنطقة "الاثنان ليسا خيارا جذابا لسوريا... النظام وحشي لكن الجيش السوري الحر والسلفيون والاجندة الدولية سوف يدمرون البلد."

ويظهر هذا اليأس في سوق شعلان للخضر حيث لا يرى المتسوقون أو أصحاب المتاجر على حد سواء فرصة في الفرار من العنف والانهيار الاقتصادي.

وقالت امرأة تتسوق إنها بدأت تترك منزلا خلال اليومين الماضيين نهارا.

وقالت امرأة اخرى وهي تقود سيارتها إلى شعلان "الحياة أصبحت مشكلة كبيرة. السوريون يقتلون السوريين... البلاد تتعرض للتدمير."

وشكا أحد أصحاب المتاجر شأنه شأن المتسوقين من ارتفاع الأسعار قائلا "أنا مثلهم تماما.. لا أحصل على الطعام والخضر إلا إذا دفعت الضعف. وهي لا تصل هنا إلا بصعوبة. لم يعد أحد منا قادرا على تحمل هذا الوضع."

وقال "الحل هو في أيدي النظام." واضاف صاحب المتجر مشيرا للاسد دون ان ينطق اسمه "إما أن يرحل واما أن يستمر في قتل الناس... ما دام باقيا.. ليس هناك حل."

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن