انتكاس التقارب الجزائري - المغربي

تاريخ النشر: 26 فبراير 2013 - 11:36 GMT
انتكاس التقارب الجزائري - المغربي
انتكاس التقارب الجزائري - المغربي

انتكس التقارب الحذر بين الجزائر والمغرب بشكل دراماتيكي أعاده إلى مربع الحرب الباردة، الذي خيم على العلاقات الثنائية منذ أربعة عقود. وأتت الانتكاسة لتمحو التقدم الذي حققه البلدان في طريق ترطيب الأجواء بينهما بعد الزيارة التي أداها أخيرا الأمين العام لوزارة الخارجية المغربية إلى الجزائر، حاملا رسالة مفادها أن الملك محمد السادس عازم على إصلاح العلاقات الثنائية وفق تقرير لصحيفة القدس المقدسية

وأطاحت المُلاسنة التي جرت أول من أمس في مقر الأمم المتحدة بين المندوب الدائم المغربي ونظيره الجزائري حول الصحراء الغربية بخطوات التقارب الهشة بين الحكومتين، ما أكد مجددا أن نزاع الصحراء مازال يُسمم علاقاتهما الثنائية والمناخ الإقليمي عموما.

وأفادت نشرة الأمم المتحدة Reporters أن المندوب الجزائري مراد بن مهيدي انتقد خلال مناقشة لملف الصحراء الغربية محاكمة خمسة وعشرين ناشطا صحراويا أمام محكمة عسكرية مغربية في مدينة العيون، عاصمة إقليم الصحراء، بتهمة ارتكاب أعمال عنف لدى إجلاء السكان من مخيم "قديم إيزيك" القريب من العيون.

واعتبر المندوب الجزائري أن بعثة الأمم المتحدة الخاصة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء المعروفة باسم "المينورسو" "فريدة من نوعها كونها لا تشمل جهازا خاصا بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان". وأشار إلى كونها لم تستطع التدخل في قضية مخيم "قديم إيزيك" بسبب هذا القصور.

إلا أن المندوبة المغربية اعترضت عليه بقوة وطالبت بنقطة نظام، فرد عليها المندوب الجزائري... ثم طلبت الدبلوماسية المغربية حق الرد مجددا لتعزو الموقف الجزائري إلى اقتراب ميقات التجديد الدوري لبعثة الأمم المتحدة الخاصة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء المعروفة باسم "المينورسو" في شهر نيسان / أبريل من كل سنة، "ما يُلهب الانتقادات الجزائرية للمغرب" على ما قالت المندوبة. لكن المندوب الجزائري نفى أن يكون بلده يتدخل في شؤون الصحراء أو يقف وراء جبهة "بوليساريو"، فيما أكدت المندوبة المغربية أنه "ليس للجزائر أن تُعطي دروسا للمغرب". واستمر الجدل المتوتر بين الجانبين...

تصريحات بن كيران

وزادت الأمور تعقيدا بعد التصريحات التي أدلى بها أول أمس رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران للقناة الفرنسية الخامسة، والتي قال فيها "إن فرنسا تدخلت في مالي لأن المغرب والجزائر لم يتفقا". وأضاف أن "الجزائر تعترض على تدخل المغرب (في مالي) ما اعتبره الجزائريون تحميلا لهم مسؤولية التدخل الفرنسي في مالي. وتعاظم غضب الجزائريين عندما قال بن كيران "كل العالم يعرف أنه لو أرادت الجزائر تسوية نزاع الصحراء في يوم واحد لسُوي فعلا"، مضيفا أن الجزائر "هي المسؤولة أيضا عن استمرار غلق حدودها المشتركة مع المغرب.ومن المؤسف أن تظل قضية الصحراء التي تخضع لمنطق قديم، عنصر تسميم للعلاقات بيننا، علما أن جلالة الملك (محمد السادس) قرر فتح الحدود من الجانب المغربي".

انهيار مبادرة التقارب

وقالت مصادر مطلعة ان الموقف المغربي في الأمم المتحدة، معطوفا على تصريحات بن كيران للقناة الفرنسية أديا إلى انهيار مبادرة التقارب التي حملها الأمين العام للخارجية المغربية ناصر بوريتا خلال زيارته إلى الجزائر الأربعاء والخميس الماضيين، حاملا رسالة من الملك محمد السادس تدعو لإعطاء دفعة للعلاقات الثنائية "بما يجعلها أنموذجا للتعاون الاقليمي" بحسب ما أوردت وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية المغربية.

وتمر العلاقات بين الرباط والجزائر بفترات صراع وهدوء منذ دخول القوات المغربية إلى الصحراء الغربية في سبعينات القرن الماضي، في أعقاب انسحاب اسبانيا منها. وعرفت مرحلة تطبيع لدى مجيء الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد إلى سدة الحكم، ما وفر المناخ الملائم لتأسيس اتحاد المغرب العربي في 17 شباط (فبراير) 1989، لكن العلاقات الثنائية عادت لتنتكس في 1994 ما أدى إلى غلق الحدود المشتركة وتجميد المؤسسات المغاربية.