لم يكن باستطاعة او مقدور اوكرانيا ان تتنطح لمواجهة روسيا او مناكفتها، فغالبا الدول الضعيفة المجاورة للقوية تعمل على مهادنتها وعدم استفزازها، تماشيا مع ما تفرضه ديكتاتورية الجغرافيا.
والشواهد عديده، في ساحة الصين وتايون، وحتى الهند وباكستان، وعربيا كانت الكويت تهادن العراق، ولبنان يساير سورية.
ولـ كييف تجربة سيئة مع موسكو خاصة في عام 2014 ، عندما تموضعت القوات الروسية خلال ساعات في عمق الاراضي الاوكرانية، نتج عنها سلخ شبه جزيرة القرم بعد استفتاء نتيجته الموافقة على الانضمام لروسيا.
الا انه من الواضح وجود اغراءات وربما ضغوط اوربية اميركية بالدرجة الاولى على الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلنسكي ليتحول الى راس حربة في المواجهة الغربية الاميركية مع روسيا، فيما كانت الطامة الكبرى ان الجميع تخلى او لم يلب احتياجات او كلبات الرئيس الاوكراني الجريح فيما باتت القوات الروسية على ابواب عاصمته وتهدد بضم اقاليم دوننباس ودونيتسك الجنوبيين.
في بداية حملته الانتخابية، وحتى مع دخوله البيت الابيض، اعلن الرئيس جو بايدن أن روسيا هي العدوّ الأوّل للولايات المتحدة، وتأتي بعدها الصين، ولهذا جعل من أوكرانيا وشعبها طعما في صناره واشنطن لتوريط روسيافي حرب استنزافٍ طويلة من دون الالتفات الى العواقف التي ستعود على شعوب العالم.
فيما تحول زيلنسكي الى خطيب عبر الزوم امام برلمانات العالم مستجديا الدعم والمساندة والضغط على روسيا وفرض عقوبات عليها.
لم يقف ضرر الاغراءات والتطميع الاميركي للرئيس الاوكراني لمناكفة جارته القوية في محيط الحدود الاوكرانية، بل ان الامر تعدى الى اصابة اوربا بموجه غلاء لم تعد تلك الدول المتطورة اقتصاديا وماليا قادرة على مجاراته، فيما وقعت في حرج شديد لارغامها على وقف استيراد الغاز الروسي الذي يدير دفة البلاد الاقتصادية.
واذا كان حال الدول المتحضرة قد وصل الى هذا الحد، قكيف لنا ان نتصور حال الدول الفقيرة في العالم الثالث بعد موجه الغلاء الفاحش التي ضربتها من كل صوب وجانب، وبات المواطن فيها عاجز عن تامين لقمة العيش لابنائه، ناهيك عن تكاليف الطبابة والتعليم او ادنى مستوى للحياة الكريمة.
التحريض الاميركي للرئيس الاوكراني، انعكست نتائجة على الدول العربية اولا كونها المستورد الاول لمادة القمح الرئيسية من روسيا واوكرانيا، وهذا سيعني ارتفاعا في مادة الخبز الرئيسية على اي مائدة في الشرق الاوسط، بالتالي لا يمكن استبعاد حدود احتجاجات واضطرابات شعبية في الدول العربية والافريقية، الامر الذي سيفجر ربيع عربي ثاني يرهق الدول ماليا واقتصاديا وسياسيا وامنيا.