المقاتلون الاسلاميون يشنون هجوما مضادا في وسط مالي ويهددون بضرب فرنسا

تاريخ النشر: 15 يناير 2013 - 07:45 GMT
جنود فرنسيون في باماكو/مالي/أ.ف.ب
جنود فرنسيون في باماكو/مالي/أ.ف.ب

استأنف المقاتلون الاسلاميون الهجوم في مالي الاثنين حيث سيطروا على بلدة ديابالي تبعد 400 كلم شمال باماكو، كما هددوا بضرب فرنسا "في الصميم" في اليوم الرابع للغارات الجوية الفرنسية على مواقعهم والتي تلحق بهم خسائر فادحة.

ومن المرتقب ان يجتمع مجلس الامن الدولي بعد ظهر الاثنين بمبادرة من فرنسا التي ترغب في اطلاع شركائها على الوضع في مالي وتدخلها العسكري في هذا البلد. وسينعقد ايضا اجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في الايام الثلاثة المقبلة، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يقول ان "فرنسا لا تريد البقاء وحدها الى جانب مالي".

واعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان الاثنين ان المسلحين الاسلاميين سيطروا على بلدة ديابالي الصغيرة (وسط) على بعد 400 كلم شمال باماكو قرب الحدود مع موريتانيا.

واعاد الجيش الموريتاني الاثنين انتشاره الاثنين "لاغلاق الحدود" مع مالي.

وقال الوزير الفرنسي "كنا نعرف ان هناك هجوما مضادا في الغرب، نظرا لوجود عناصر في هذه المنطقة، يبدون تصميما وهم اكثر تنظيما واكثر تطرفا (...) سيطروا على ديابالي، وهي بلدة صغيرة بعد معارك عنيفة وبعد ان ابدى الجيش المالي مقاومة لم تكن كافية في تلك اللحظة المحددة".

من جهته قال مصدر امني مالي لوكالة فرانس برس ان "ابو زيد احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تولى شخصيا ادارة العمليات".

وقال وزير الدفاع الفرنسي لدى خروجه من اجتماع مجلس الدفاع في الاليزيه، في اليوم الرابع من التدخل الفرنسي لضرب الجماعات الاسلامية المتطرفة في مالي، ان "تطور الوضع يتفق مع توجيهات" الرئيس الفرنسي، "انه يتطور بصورة مؤاتية".

واضاف "في شرق مالي، تم قطع الطريق على المجموعات الارهابية، اخليت مدينة كونا والمجموعات الارهابية تراجعت نحو دوينتزا".

وتابع "في غاو، نفذ امس (الاحد) عدد من الضربات الهادفة على قاعدة خلفية لحركة التوحيد والجهاد اعطت نتائج جيدة للغاية وادت الى تشتيت عناصر هذه المجموعة الارهابية باتجاه الشرق والجنوب".

وقال الوزير "لا تزال هناك نقطة صعبة في الغرب" حيث تواجه القوات الفرنسية "مجموعات جيدة التسليح وحيث تتواصل العمليات حتى في هذه اللحظة مع القوات المالية التي ابدت بسالة عالية الجمعة في الشرق".

وفرنسا التي اعلنت انها تخوض "حربا ضد الارهاب" في مالي، اوقفت الجمعة تقدم مجموعات اسلامية مسلحة تسيطر على شمال مالي منذ تسعة اشهر، نحو وسط البلاد.

وقصف الطيران الفرنسي للمرة الاولى الاحد مواقعهم في الشمال في غاو وكيدال، معقل الجهاديين.

وتم الاثنين استهداف مقر قيادة حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا في دوينتزا على بعد 800 كلم شمال باماكو، لكن المقاتلين الاسلاميين فروا من المدينة، كما ذكرت مصادر متطابقة.

وقال وزير الخارجية المالي تيمان هوبير كوليبالي الذي يزور فرنسا، ان الامر لا يقتصر فقط على "الحاق هزيمة" بالجهاديين، بل ايضا "طردهم" من مالي لمنعهم من "اعادة تنظيم" صفوفهم.

وفي العاصمة المالية باماكو، اغلقت الاثنين المدرسة الفرنسية "على سبيل الوقاية والاحتياط" كما قال السفير الفرنسي كريستيان روييه الذي اوصى ستة الاف من الرعايا الفرنسيين في مالي "بتوخي الحذر".

 وتخيم تهديدات ايضا على الرهائن السبعة الذين تعتقلهم جماعات اسلامية في الساحل.

وقال ابو دردار احد مسؤولي حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، بشمال مالي لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي من باماكو "ان فرنسا هاجمت الاسلام، وسنضرب فرنسا في الصميم".

وردا على سؤال حول المكان الذي يقصده، قال ابو دردار الذي ترجم اقواله شخص قريب منه، "في كل مكان، في باماكو، وفي افريقيا واوروبا". ورفض ابو دردار اعطاء حصيلة للغارات الفرنسية على مواقع الاسلاميين المسلحين. واوضح "ليس لدي ما اقوله حول هذه الأمور، لكن كل المجاهدين الذين قتلوا مآلهم الجنة".

وقد قتل اكثر من 60 جهاديا الاحد في مدينة غاو شمال مالي ومحيطها في قصف كثيف للقوات الفرنسية كما اعلن الاثنين سكان ومسؤول امني.

وقال احد سكان غاو لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي من باماكو "قتل اكثر من 60 اسلاميا في غاو وقواعدهم القريبة منها. وليلا خرج الاسلاميون الذين كانوا مختبئين في المنازل، لسحب جثث رفاقهم". واكد هذه الحصيلة سكان اخرون ومصدر امني.

واضاف "سقط قتلى خصوصا في معسكر في غاو. لقد تمت مباغتة الاسلاميين في وسط اجتماعهم، وسقط العديد من القتلى".

من جهة اخرى، اعلن مسؤول في الحركة الوطنية لتحرير ازواد الاثنين لوكالة فرانس برس، ان متمردي حركة الطوارق "مستعدون لمساعدة" الجيش الفرنسي على التصدي للمجموعات الاسلامية المسلحة في شمال، من خلال "التحرك على الارض".

واكد موسى اغ اساريد "ندعم بقوة التدخل الجوي الفرنسي. وبالتأكيد، نحن مستعدون لمساعدة الجيش الفرنسي" و"التحرك على الارض". وقد اتصلت به وكالة فرانس برس هاتفيا لدى وجوده في تينزاواتان في اقصى شمال مالي حيث عقدت الحركة الوطنية لتحرير ازواد مؤتمرا في الايام الاخيرة.

واضاف "نحن مستعدون للاضطلاع بدورنا بصفتنا سكان البلاد الاصليين الذين يقاتلون من اجل حقوق شعب ازواد".

وافاد مصدر امني بوركينابي حسن الاطلاع على الحركات الاسلامية المسلحة في مالي الاثنين ان قصف الطيران الفرنسي الحق بعناصر تلك الحركات خسائر لكنهم لم يهزموا بعد.

واعلن المصدر ان "الغارات الفرنسية اوقعت خسائر فادحة بالاسلاميين (...) انهم يجدون صعوبات في تجميع قواتهم وشن هجمات".

لكنه تابع "رغم ذلك لم ينهزم المقاتلون الاسلاميون، انهم يقاومون وسيقاومون حتى النهاية وسيحاولون فتح جبهات بمجموعات صغيرة".

يشار الى ان غاو وكيدال ومدينة تمبكتو التاريخية تعتبر ابرز مدن شمال مالي الخاضع لسيطرة اسلاميين منذ قرابة تسعة اشهر.

وفي تمبكتو حيث قام الجهاديون في الاشهر الماضية باعمال رجم وبتر اطراف، اشار مدرس الى "بداية موجة ذعر" تنتاب عائلات الاسلاميين الذين توجهوا للقتال مؤكدا ان "الكثيرين يحاولون المغادرة الى الصحراء".

دعم وردود فعل على التدخل الفرنسي

وفي برلين، اعلن متحدث باسم الخارجية الالمانية عن امكان تقديم دعم لوجستي طبي او انساني للعملية الفرنسية في مالي والتي وصفها بانها مبررة.

 وقال اندريسا بيشكي ان المانيا "لن تترك فرنسا وحدها في هذا الوضع الصعب"، موضحا ان المساعدة ستكون لوجستية، طبية او انسانية. واضاف ان المانيا تدرس كيف يمكن مساندة القوات الفرنسية، موضحا انه من "غير المطروح" ارسال قوات المانية.

ويلقى التدخل الفرنسي في مالي دعما دوليا كبيرا. لكن الصين تحفظت الاثنين في دعمها مشددة على نشر القوة الدولية لدعم مالي التي وافق عليها مجلس الامن "في اسرع وقت ممكن".

كما اكد الاتحاد الاوروبي مجددا الاثنين ان بعثته العسكرية لتدريب جنود ماليين لن يكون لها اي دور قتالي.

واعلنت كندا الاثنين انها ستقدم طائرة نقل لتامين دعم لوجستي للمهمة الفرنسية في مالي.

من جهته اعتبر رئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي الاثنين انه "من الضروري وقف الارهابيين والمجموعات المتمردة" التي استانفت هجومها في مالي.

واشاد الحلف الاطلسي الاثنين بالعملية التي اطلقتها فرنسا في مالي موضحا في الوقت نفسه انه لم يتلق اي طلب للمساعدة من باريس.

ورحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالتدخل العسكري الذي تقوده فرنسا في مالي بطلب من حكومتها وعبر عن الامل في أن يوقف هجوما لمتشددين اسلاميين يسيطرون على شمال البلد الواقع في غرب افريقيا.

وقالت الامم المتحدة في بيان يوم الاثنين "يرحب الامين العام باستجابة شركاء ثنائيين -بطلب وموافقة من حكومة مالي- لدعوتها للمساعدة في التصدي للتقدم المزعج جنوبا لجماعات مسلحة وارهابية."

واضاف البيان قائلا "الدول التي لديها قدرات لمساعدة مالي هي الان تقدم المساعدة."

وقال بيان الامم المتحدة "يأمل الامين العام في ان تساعد هذه الاجراءات في كبح أحدث هجوم (للمتمردين) مع مواصلة الجهود لتنفيذ قرار مجلس الامن 2085 (الصادر في 2012) بشكل كامل بهدف الاستعادة الكاملة للنظام الدستوري في مالي ووحدة اراضيها."

واجرى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين محادثات مع نظيره النيجيري غودلاك جوناثان الذي يفترض ان تتولى بلاده قيادة القوة العسكرية الافريقية في مالي. كما سيلتقي الثلاثاء في ابوظبي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

ومن المرتقب ان تبدأ اولى رحلات طائرات النقل العسكرية البريطانية لدعم العملية الفرنسية الاثنين انطلاقا من قاعدة في شمال غرب فرنسا كما علم لدى سلاح الجو الفرنسي.

وتتسارع التحضيرات ايضا لنشر قوة من دول غرب افريقيا مكلفة، بموافقة الامم المتحدة، طرد المجموعات المرتبطة بالقاعدة.

وبدأت طلائع قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا تنتشر تحت قيادة الجنرال النيجيري شيهو عبد القادر.

ومن المرتقب ان تساهم نيجيريا في هذه القوة ب600 عنصر، كما اعلنت كل من النيجر وبوركينا فاسو وتوغو والسنغال عن ارسال 500 عنصر وبنين 300 عنصر.

من جانب اخر، عبرت عائلات الرهائن الفرنسيين السبعة المحتجزين لدى مجموعات اسلامية في منطقة الساحل عن مخاوفها من ان يعرض التدخل الفرنسي حياة الرهائن للخطر.

وتطرق مسؤول حركة التوحيد ايضا الى مصير الرهائن الفرنسيين المحتجزين في منطقة الساحل. وقال "سنصدر بيانا اليوم حول الرهائن، واعتبارا من اليوم، كل المجاهدين يعملون معا".

وتحتجز القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي منذ 16 ايلول/سبتمبر 2010 اربعة موظفين في مجموعة اريفا النووية الفرنسية خطفوا في النيجر، ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2011 فرنسيين اعتقلتهما في شمال مالي. وخطف فرنسي سابع في 20 تشرين الثاني/نوفمبر في غرب مالي من قبل حركة التوحيد.

الرئيس الفرنسي في ابو ظبي

ووصل الرئيس الفرنسي الى ابو ظبي صباح الثلاثاء في زيارة سيخصص القسم الاكبر منها للتدخل العسكري الفرنسي في مالي، حسب ما افادت مراسلة لوكالة فرانس برس كانت على متن طائرة الرئيس الفرنسي.

ووصل هولاند الى القاعدة العسكرية الفرنسية في ابو ظبي حيث تم استنفار جزء من 700 رجل ينتشرون في القاعدة بالاضافة الى طائرات رافال تتمركز فيها للمشاركة في العملية العسكرية في مالي في حال تطلب الامر ذلك.

وقال إن نشر قوة إفريقية مشتركة لمساعدة القوات الفرنسية في قتال المتشددين الذين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة في مالي قد يستغرق أسبوعا.

وأضاف متحدثا في القاعدة العسكرية في أبوظبي أن القوات الفرنسية في مالي شنت خلال الليل "المزيد من الهجمات والتي أصابت أهدافهم (المتشددين)."

وتابع "سنستمر في نشر القوات على الأرض وفي الجو."

وكان من المقرر ان تكون الزيارة التي تستمر لمدة يوم واحد بمجملها اقتصادية ولكن تغيرت طبيعتها مع بدء الضربات الفرنسية على الاسلاميين الذين يحتلون شمال مالي، بتاريخ 11 كانون الثاني/يناير.

ومن المقرر ان يجري هولاند محادثات مع رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زياد ال نهيان ومع ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد ال نهيان. وسيلتقي الرئيس الفرنسي ايضا الرئيس الموريتاني محمد ولد بن عبد العزيز.

وسيلتقي فرنسوا هولاند امير دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم.

وأوضح قصر الاليزيه ان لقاءات اخرى قد تضاف الى الجدول الزمني للرئيس الفرنسي. وبالاضافة الى مالي، سيبحث الرئيس الفرنسي ايضا ملفي سوريا وايران.

واشار الاليزيه الى ان هولاند وفور عودته الاربعاء سوف يترأس اجتماعا للمجلس المصغر للدفاع بعد اجتماع مجلس الوزراء.