ـ جاسم محمد
إن اجتياح "الدولة الإسلامية" داعش لمدينة الموصل في يونيو 2014 كان بداية لتقسيم العراق وتصعيد لاحتمالات نشوب حرب أهلية. استطاع التنظيم اجتياح مدينة الموصل مركز محافظة نينوى375 كم شمال بغداد واستولى كذلك على مدينة صلاح الدين ـ تكريت يوم 10 مايو 2014 ما أدى إلى نزوج مئات الآلاف من اهالي المدينة إلى المناطق المجاورة الى إقليم كردستان، كما امتد نشاط "داعش" إلى مدينة ديإلى، يشار ان التنظيم كان يتخذ من مدينة الانبارـ الفلوجة 100كلم غرب العاصمة بغداد، مقرا له هناك مطلع عام 2014. ما يجري على الأرض في العراق هو بداية لتقسيم العراق ونشوب حرب أهلية ولا يمكن إغفال الدور الذي تضطلع به تركيا و إيران واميركا في العراق وسوريا والمنطقة، فقد اعلنت ايران النفير العام والتعبئة داخل صفوفها بعد يوم من سقوط الموصل وكأن ايران تستنسخ المشهد السوري في العراق.
فتوى المرجعية الشيعية
كان المرجع الديني السيد السيستاني قد افتى 14 يوليو 2014 بالجهاد الكفائي ووجوب الدفاع عن العراق وشعبه واعتبر ان من يقتل دفاعا عن بلده شهيدا. ودعا المرجع بعد ان ذهب الآف العراقيين للتطوع في صفوف الجيش العراقي تلبية لندائه- الى ضرورةالتحلي باعلى درجات ضبط النفس وفي هذه الظروف الحرجة مشددا على ضرورة منع المظاهر المسلحة خارج القانون. هذه الخطوة واجهت الكثير من الانتقادات للحكومة على اعتمادها على جيش رديف أكثر من اعتماده على الجيش النظامي، رغم انها تفسر خطوة للدفاع عن النفس، بعد ان أعلنت داعش تهديدها لغزو كربلاء والنجف وهدم الأضرحة المقدسة بالإضافة الى العاصمة العراقية بغداد.
الجهد العسكري الايراني في العراق
إن السجال الاميركي الايراني في العراق، مازل موضع الكثير من التسائولات، وربما يحمل الكثير من التناقضات مابين ماهو معلن على لسان الدبلوماسية الاميركية ومايجري من حقيقة العلاقات بين الطرفين، وان لم يكن هنالك تعاونا، فهنالك بدون شك توافقات في السياسيات والمصالح، وربما تاتي ضمن إستراتيجية أوباما بمهادنة الخصوم. ذكرت تصريحات في ادارة اوباما إنها تنظر إلى تدخل ايران في العراق وغيره من دول المنطقة بأنه يسهم في زعزعة استقرارها والصراع الطائفي فيها وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية يوم 10 نوفمبر 2014 لقد أعربنا عن قلقنا وهو نشاط إيران في العراق.
وفي هذا السياق نشرت وكالة "الاسيوشيتدبرس" تقريرا في 6 اكتوبر 2014 يكشف تواجد مستشارين من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني في الصف الامامي بعملية تحرير منطقة جرف الصخر العراقية، حيث يقومون بتوفير الاسلحة للجنود العراقيين وتدريب سبعة الاف منهم بجانب التعاون مع قادة عسكريين عراقيين في قيادة العمليات العسكرية. وتركز الجهد العسكري الايراني في العراق في حوض حمرين، مدينة ديالى ـ خانقين، القريبة من سلسلة جبال حمرين عند الحدود الشرقية العراقية مع ايران.
وترى صحيفة المستقبل اللبنانية في احدى تقاريرها الصادرة في 30 اكتوبر 2014 بإن يران تحاول فرض دورها في العراق كأمر واقع من خلال منح صلاحيات واسعة لقائد قوة القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، وليّ ذراع الحكومة العراقية في وقت تتزايد فيه الانتقادات من تصرفات الجماعات المسلحة. فقد انشأ الحرس الثوري غرفة عمليات لقوة قدس التابعة له في مركز قضاء الخالص في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد بإشراف سليماني ويقودها هادي العامري وتضم ( جماعة بدر وعصائب اهل الحق ومجاميع مسلحة من حزب الله وكتائب العباس وسرايا الزهراء وفصائل أهل البيت). اما دور حزب الله اللبناني فينشط من خلال (وحدة 3800) المخصصة لتدريب الجماعات الشيعية المسلحة في العراق. ويتكون التنظيم الهيكلي لقوات "الحشد الشعبي" من مجموعات قيادية عراقية وايرانية. وقال ديمبسي يوم 11 مارس 2015 في جلسة بمجلس الشيوخ "ليس هناك شك في ان قوات الحشد الشعبي وقوات الامن العراقية ستتمكن من طرد مقاتلي "الدولة الاسلامية" في العراق والشام من تكريت" لكنه عبر عن قلقه بشأن الكيفية التي سيتم بها معاملة السنة بمجرد طرد متشددي تنظيم "الدولة الاسلامية".
الحشد الشعبي مابعد داعش
الاستراتيجية الأميركية في العراق تتركز في توجيه ضربات جوية على مواقع "الدولة الاسلامية" والاشراف على تدريب القوات الأمنية ووفقاً لمسؤولين أميركان ومراقبين فأن أعداد وحدات "الحشد الشعبي" العسكرية قد بلغت مايقارب ال120 الف مقاتل لكن تقارير اخرى قدرت الحشد الشعبي ب 250 الف مقاتل. ووفقا الى مصادر معلوماتية من داخل بغداد ذكرت الى شبكة رؤية الاخبارية، بأن اعداد الحشد الشعبي في تزايد وسوف تشهد تضاعفا مابعد تحرير مدينة صلاح الدين وربما الموصل واضافت المصادر، بأن المشكلة الاكثر تعقيدا هي مابعد القضاء على داعش. هذه الجماعات تحظى الان بالاهتمام والدعم وبالمسؤولية، لكن بعد انتهاء الحرب ودحر"الدولة الاسلامية" ماهو مصيرها؟ وهل ستكون خارج المعادلة السياسية بعد كل هذه الجهود القتالية؟
لقد بات مشهد تقسيم العراق هو الاكثر ترجيحا، بأنفصال أقليم كوردستان وربما تعزيز فكرة الاقاليم والتي تكون افضل حال من مصير التفتت والحرب الاهلية والعسكرة. شهادات من داخل بغداد مقربة من قيادات الامن والدفاع، عبرت عن مخاوفها واثارت الكثير من التسائولات حول مصيرها ومستقبل العراق البعض منها اجرت تحضيراتها لمغادرة العراق.
• باحث في قضايا الإرهاب والإستخبار