قالت صحيفة إسرائيلية يوم الجمعة ان الجيش الإسرائيلي بدأ التحقيق في ادعاءات حول ارتكاب جنوده أعمال عنف واعتداءات بحق فلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة الغربية.
وقال الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية إن الشرطة العسكرية الإسرائيلية قررت فتح ملف التحقيق في أعقاب معرض للصور أقُيم في تل ابيب وعرض صورا التقطها جنود إسرائيليون في الخليل في إطار خدمتهم العسكرية.
واضاف الموقع أن المعرض الذي افتتح هذا الاسبوع يضم صورا وأقوالا لجنود إسرائيليين توثق ما شاهدوه خلال خدمتهم في الخليل. ويحتوي المعرض على 50 قصة رواها 30 جنديا تحدثوا عما فعلوه بالمدينة.
وقال الجيش الإسرائيلي تعقيبا على فتح التحقيق ان "الجيش يحث جنوده على التصرف وفق المعايير الأخلاقية وسيستمر في التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة في الحالات الاستثنائية".
جاءت مبادرة المعرض على يد الشاب اليهودي يهوداه شاؤول الذي خدم في وحدة خاصة باليهود المتدينين بالمدينة. ويعيش حوالي 400 من المستوطنين المتدينين في قلب مدينة الخليل التي يصل عدد سكانها إلى 400 الف فلسطيني.
وقال شاؤول لموقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني تعقيبا على قرار البدء بالتحقيق "من المريح بالنسبة للجيش والمجتمع اعتبار هذه الأمور حالات استثنائية لكن كسرنا الصمت هو الاستثنائي." ويقام المعرض في تل ابيب تحت شعار "لنكسر الصمت".
واضاف شاؤول للصحيفة ان فكرة إقامة المعرض تبادرت الى ذهنه قبل ثلاثة اسابيع من انتهاء خدمته في الخليل وتابع "لقد قلت لنفسي انه لا يمكن السكوت اكثر. يجب ان نخبر الأهالي ماذا يفعل أولادهم في الخليل وكيف اننا تحولنا خلال خدمتنا العسكرية النظامية إلى آدميين بدون ضمائر".
وقال الموقع أيضا ان بعض الجنود تحدثوا في الاشرطة المسجلة عن أعمال همجية يرتكبها المستوطنون اليهود ضد المواطنين العرب في الخليل.
ويقول احد الجنود لوكالة الصحافة الفرنسية ان "الخليل هي المكان الأكثر قسوة واضطرابا الذي خدمنا فيه. كنا نحتفظ حتى الآن لانفسنا بالأشياء المثيرة للصدمة التي رأيناها هناك .. وقد قررنا الآن الكشف عنها". هذا ما جاء في بيان أصدره هؤلاء الجنود الذين رفضوا جميعا التحدث بأسمائهم إلى الصحافة الاجنبية في إطار تظاهرتهم التي أطلقوا عليها "اكسروا الصمت".
والصور التي التقطها هؤلاء الجنود التابعون لفرقة "نحال" الخاصة للمشاة تظهر خصوصا عسكريين يقفون الى جانب فلسطينيين مقيدي الايدي ومعصوبي الاعين أو أطفالا يلعبون تحت أنظار احد الجنود او مشهدا للخليل التقط من نافذة تعرضت لوابل من الرصاصات.
ويقول مجند لا يزال يعمل في الخليل ان الصور لا تكشف سوى عن جزء من الحقيقة.
واضاف طالبا عدم ذكر اسمه ان "الفلسطينيين المقيدين الذين ترونهم هم ارهابيون حقيقيون".
واقر بان بعض الصور تثير الصدمة قائلا "لكنني لا اشعر لا بالفخر ولا بالخزي لما قمت به. لقد أرسلت إلى الخليل ولم اختر الذهاب".
ويضيف المجند بعد ان اخذ نفسا طويلا من سيجارته "ينتهي الأمر بمعظم العسكريين الى التصرف بشكل غير أخلاقي لكن الاحتلال هو الذي يدفع إلى ارتكاب التجاوزات".
ويتولى حوالي 1200 عسكري حماية 600 مستوطن يقيمون في الحي اليهودي في الخليل بالقرب من الحرم الابراهيمي المكان المقدس لدى يهود ومسلمي هذه المدينة التي تضم 120 الف نسمة.
وعلى شاشتي تلفزيون تعرض أفلام يقشعر لها البدن يظهر فيها الجنود وهم ملثمون لتفادي التعرف عليهم.
ويقول احد العسكريين في الفيلم "الجمعة قتلت احدى الوحدات اثنين من الإرهابيين (الفلسطينيين). ورأيت ثلاثة جنود يعرضون جثتيهما ويأخذون صورا إلى جانبهما".
وتحدث اخر عن طفل فلسطيني صدمته سيارة مستوطن "لقد فحصوا الاضرار التي لحقت بالسيارة وقالوا بشان الطفل: "لا يهم انه فلسطيني".
ويروي ثالث عن جنازة فلسطينية أوقف سيرها ضابط غاضب يقول انه "انهال على المشيعين بالسباب وصوب سلاحه نحو عجوز في الثمانين. هذا شيء غير انساني".
وتقول كارين ارنون وهي أم لثلاثة أبناء يظهر أحدهم في الصور المعروضة "انني مريضة جسديا" بسبب ما تراه, وتضيف وقد احمرت عيناها من البكاء "لم اكن أدرك ان الامر بهذه البشاعة".
وخلال بضعة اشهر سيتم استدعاء ابن آخر من أبنائها للخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات.
وتقول متسائلة "كيف يمكن ان يخرج هؤلاء الاطفال سالمين من مثل هذه التجربة؟" وهي تشاهد صورة مستوطن يحمل بندقية عليها ملصق مكتوب عليه "اقتلوهم جميعا".
وتقول ايلانا وهي من دعاة السلام الناشطين "كان بإمكانهم رفض الخدمة في الجيش كما فعل البعض".
وفي كانون الثاني/يناير 2002 أطلق حوالي 50 من جنود الاحتياط حملة للتوقيع على عريضة يرفضون فيها المشاركة في قمع سكان الأراضي الفلسطينية وما لبثت ان انضمت إليهم مجموعة من الطيارين الذين يعتبرون من خيرة جنود الجيش الإسرائيلي.
ويقول شين ليفني (37 سنة) وهو قائد كتيبة من فرقة نحال في الخليل "اعتقد ان لهذا المعرض أهمية كبرى. انه يساعدنا على رؤية المشاكل التي يواجهها الجنود ميدانيا".
ويؤكد "ليس لدينا ما نخفيه. وإذا حدث شىء غير سليم فانه يكون استثناء. انهم أطفال ولا يمكن ان يكونوا سيئين"—(البوابة)—(مصادر متعددة)