يرفض الأردني السبعيني زعل، الاستجابة لدعوات تلح عليه للتصويت لمرشح آخر على القائمة الوطنية، مرددًا بلا كلل انه لن يصوت إلا لمرشح واحد، غير مصدق بأن له حقا بصوتين، الأمر الذي اعتبره متابعون مخرجًا لقانون الصوت الواحد الذي استماتت الحكومات المتعاقبة في الدفاع عنه.
ويجد مؤازرو مرشحين على القائمة الوطنية «صعوبة فائقة في الأوساط الفقيرة والأمية لإقناع الناخبين بأن هناك صوتًا آخر يمكن منحه لأي من مرشحي نحو 60 قائمة وطنية»، حسب الشاب سهيل فياض، الذي وضح أنه جال في عدد من المناطق الشعبية فتعزز لديه هذا الشعور. وقال إن ذلك سيؤدي لا محالة إلى انحسار نسبة التصويت للقائمة الوطنية، وهو بدوره سيؤدي إلى انخفاض نسبة الاقتراع.
ينضم إلى السبعيني زعل ناخبون كثر لا يرون جدوى لانتخاب مرشحين على القائمة الوطنية، وهو ما عبرت عنه فاطمة الغياث وعلياء السماعين وهما ريفيتان في الستينيات من العمر، كانتا تراجعان صندوق المعونة الوطنية في مدينة مادبا، حيث قالتا ما يعني، إن الانتخابات لا تشكل لهما همّاً ولا تفكران بمن ستمنحان صوتيهم، إن ذهبتا أصلاً إلى الاقتراع. وقالتا: نعرف أن جيراننا باعوا أصواتهم لمرشحين بـ150 دينارًا للصوت الواحد، لكننا رفضنا منطق البيع أصلاً فهو معيب.
وحسب احصائيات رسمية أردنية فإن نسبة الأميين تشكل 7‚6 في المائة من الأردنيين، أي نحو نصف مليون مواطن. ووفق ما جاء في دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات فإن عدد سكان الدول التي تستخدم الأنظمة الانتخابية المعتمدة على نظام الكتلة والكتلة الحزبية ونظام الصوت البديل ونظام الجولتين يبلغ مجموعهم (2.65 مليار إنسان) وبنسبة مئوية تبلغ 54 % من مجموع سكان الدول البالغ عددها 199 دولة التي تجرى فيها انتخابات برلمانية.
وبحسب الإحصائيات نفسها والتي تعود معظمها إلى سنة 2004 فإن عدد سكان الدول التي تعتمد نظام التمثيل النسبي في انتخاباتها البرلمانية يصل إلى ما مجموعه (1.19 مليار إنسان)، بينما يبلغ عدد سكان الدول التي تعتمد النظم الانتخابية المختلطة ما مجموعه (1.07 مليار إنسان). ويصل عدد سكان الدول التي تعتمد النظم الانتخابية الأخرى غير المصنفة كنظم انتخابية 34 مليون إنسان فقط، يشكلون سكان الدول الأربع التي تعتمد نظام الصوت الواحد وفي مقدمتها الأردن والى جانبها أفعانستان، وجزيرة بيتكيرن وجزيرة فانواتو.
وأوضح الدليا أن أي نظام انتخابي تعتمده أية دولة من شأنه إما أن يؤجج الصراعات الداخلية وينعكس سلبا على السياسات الديمقراطية الداخلية لتلك الدولة، أو أن يساعد على إزالة تلك الاحتكاكات والتخفيف منها، ويصبح بذلك عاملاً مهمًا في تطبيق سياسة الوئام المدني العام.
ويرى القانوني سائد السماعين انه بعد 20 عامًا من اعتماد قانون الصوت الواحد في الانتخابات، ها هو الأردن يحصد نتائج خطيرة أفضت إلى النخر في الأساس الاجتماعي والسياسي للدولة ومكوناتها، إذ بدل أن يكون قانون الانتخاب معززًا للديمقراطية والحزبية والتماسك الاجتماعي اصبح عامل هدم وتجهيل، فضلاً عن ترسيخ الشعور بعدم العدالة في حقوق التصويت وفي عدد المقاعد في البرلمان.
ولاحظ السماعين أن الأردن الرسمي وتحت مبررات عدم السماح للمعارضة الإسلامية بالسيطرة على نسبة عالية من مقاعد البرلمان ذهب إلى اعتماد قانون انتخاب الصوت الواحد، معتبرًا أن هذه السياسة فشلت فشلاً ذريعًا بعد 20 عامًا من تزوير إرادة الناخبين سواء في الانتخابات البرلمانية أو البلدية، وهو ما يعكسه تعاطي الشارع مع الحملة الانتخابية الجارية. وقال إن هناك عزوفًا عامًا عن الحديث في الانتخابات، بسبب تعزز قناعة الناخبين بأن الحكومة وأجهزتها تمنعهم من حقهم في الاختيار والانتخاب، «وهو الفشل بعينه الأمر الذي سنراه في مخرجات العملية الانتخابية وشكل مجلس النواب المقبل»، حسب السماعين.