لا يمكن اعتبار الحرب الروسية في اوكرانيا سببا رئيسيا في انعدام الامن الغذائي وازمة الغذاء العالمية، فقد جاءت الحرب فيما كان العالم متهالك اصلا وكان لا يزال في المراحل الاخيرة من جائحة كوفيد_19 حيث وصلت اسعار الغذاء الى اضعاف ما كانت عليه نتيجة ارتفاع نفقات الانتاج والعرض والطلب.
اذا فان معركة التجويع الغربي للعالم لم تعقب الحرب الروسية في اوكرانيا انما سبقتها بعقود طويلة ، فقبل اندلاع الحرب الأوكرانية، بالتحديد في شهر فبراير/شباط الماضي، وصلت أسعار الغذاء العالمية أعلى مستويات لها على الإطلاق بسبب مشكلات تتعلق بالعرض والطلب وارتفاع نفقات الإنتاج واضطرابات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد جراء تفشي وباء كوفيد-19.
نسبة استفادة العالم من القمح الاوكراني
وللاشارة فان الحديث عن تحميل الحرب الروسية الاوكرانية مسؤولية ازمة الغذاء العالمي غير دقيقة حيث ان نسبة تأثير سوق الحبوب الاوكرانية في العالم تساوي 1% فقط وهي نسبة لاتذكر في عملية التاثير.
حصار غربي زراعي
منذ سنوات سبقت كوفيد 19 والحرب الروسية في اوكرانية، بدأت الدول الغربية بفرض عقوبات على الشركات والمؤسسات الزراعية الروسية، في محاولة لتحجيمها ووقف تقدمها وتفوقها على المستوى العالمي، وسعيا منه لتقوية شركاته وفرضها على سوق الغذاء العالمي، واجبار دول العالم الثالث على التعامل مع شركات اميركية واوربية، ملوحا بعقوبات قوية ضد الدول الفقيرة ان تجرأت واستوردت من انتاج آخر او تعاملت مع طريق آخر.
هذا الضغط الاميركي الغربي ساهم بشكل كبير في ازمة الغذاء العالمي ووضع دولا فقيرة على حافة الانهيار بعد حصر تعاملها مع المؤسسات الغربية والاميركية بالتحديد.
كان العالم مريضا ويعاني من ازمة غذائية كبيرة بسبب ارتفاع اسعار الشحن الى اضعاف، بالاضافة الى كوفيد واثارها، عانى العالم من تقلبات الطقس الناتجة عن ظاهرة التغير المناخي والتي ضربت مختلف مناطق العالم وأثرت على الإنتاج الزراعي، وارتفاع أسعار الغذاء
193 مليون يعانون من ازمة غذاء
تشير تقارير اممية الى ان 193 مليون شخص موزعين على 53 بلدًا أو إقليمًا قد عانوا من انعدام حاد في أمنهم الغذائي عند مستوى أزمة أو مستويات أسوأ في عام 2021.
ويمثل هذا زيادة قدرها 40 مليون نسمة تقريبًا مقارنة بالأرقام القياسية بالفعل المسجلة في عام 2020.
الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية
إنّ هذه الاتجاهات المقلقة هي نتيجة عوامل متعددة متضافرة معًا وتتراوح من الصراعات وصولاً إلى الأزمات البيئية والمناخية ومن الأزمات الاقتصادية إلى الأزمات الصحية حيث يشكل الفقر وعدم المساواة سببين كامنين وراءها.
كانت العوامل الرئيسية الكامنة وراء ارتفاع انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2021 والذي استمر الى ما قبل الحرب في اوكرانيا الى ان:
- الصراعات (العامل الرئيسي الذي دفع بنحو 139 مليون شخص في 24 من البلدان /الأقاليم إلى حلقة انعدام الأمن الغذائي الحاد، بعدما كان يبلغ 99 مليون شخص في 23 بلدًا / إقليمًا في عام 2020)
- الظواهر المناخية المتطرفة (أكثر من 23 مليون نسمة في 8 بلدان /أقاليم أي بارتفاع عن مستوى 15.7 ملايين نسمة في 15 بلدًا /إقليمًا)
- الصدمات الاقتصادية - (أكثر من 30 مليون نسمة في 21 بلدًا/إقليمًا أي بانخفاض عن مستوى 40 مليون نسمة في 17 بلدًا/إقليمًا في عام 2020 بشكل رئيسي بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19).
- ألقى كثير من الخبراء باللوم على سياسات بعض الدول العربية التي لم تمنح الأولوية في خططها الاقتصادية للمشروعات الزراعية، ولا سيما تلك التي تركز على المحاصيل الأساسية كالقمح، كما أنها لم تدعم المزارعين كما يحدث في بلدان غربية، ما أدى إلى تدهور الإنتاج الزراعي، ودفع بالمزارعين إلى الهجرة إلى المناطق الحضرية أو الخارج.