عمان - البوابة
حالة التفاؤل،على بساطتها، التي أبدتها بعض أوساط المعارضة الأردنية حال تكليف النائب "المعارض" عبدالله النسور رئيسا للحكومة الجديدة، سرعان ما تبددت. او بالاحرى تبددت في ثلاثة ايام فقط.
عبدالله النسور، سياسي اردني عتيق، تقلد عددا كبيرا من المواقع، تنقل من دائرة ضريبة الداخل إلى رئاسة مجالس إدارة شركات الفوسفات والبوتاس الى حقائب وزراية الى نائب لرئيس الوزراء الى عضو مجلس أعيان ثم نواب وأخيرا كلفه الملك عبدالله الثاني،الخميس، تشكيل حكومة جديدة.
النسور برز خلال العام الأخير كواحد من اشد معارضي الحكومات الأربع التي تشكلت خلال عام الربيع العربي، فقد حجب الثقة عنها جميعها، وأعلن معارضته لقانون المطبوعات والنشر وقانون الانتخابات الأكثر إثارة للجدل والأكثر رفضا من قبل المعارضة.
مواقف النسور هذه أكسبته شعبية وسمعة كمعارض شديد البأس، فهو لم يكتف بتسجيل مواقفه المعارضة وحسب بل كان عالي الصوت شديد النقد قاسي العبارة.
وهذا كله كان مدعاة لتفاؤل البعض عندما قام العاهل الأردني بتكليف النسور تشكيل الحكومة بعد ان استعصت الحالة السياسية في الاردن ووصلت حكومة الدكتور فايز الطراونة السابقة الى طريق مسدود واحاقها الغضب الشعبي بسبب سياستها الاقتصادية وتقييدها الحريات وإصرارها على قانون "الصوت الواحد" الانتخابي.
واملت بعض اطراف المعارضة ان يعمد رئيس الحكومة الجديد الى اعلان حالة الطواريء لفترة قصيرة يقوم خلالها بتعديل قانون الانتخابات، وكذلك قانون المطبوعات، اذ ان الدستور الاردني بتعديلاته الاخيرة تمنع الحكومات من سن قوانين مؤقتة الا في حالة اعلان الطواريء.
وتمني بعض قيادات المعارضة، مثل سعيد ذياب، الامين العام لحزب الوحدة الشعبية، وعلي ابو السكر عضة المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الاسلامي، الاخوان المسلمون، اخرين على الئيس النسور فرض حالة الطواريء اصبح مدعاة استغراب الكثيرين في الاردن، فكيف لمعارضة ان تطالب بفرض هذه الحالة، ومن يضمن ان لا تتعسف الحكومة في استخدامها او اطالة امدها.
وعلى اي حال، فقد اعلن النسور فور تسلمه كتاب التكليف الملكي انه وبالرغم من معارضته لهذين القانونيين فانه سيخضع لرأي الاغلبية وستشرف حكومته على اجراء الانتخابات، بمن شارك.
وامام مقاطعة عدد كبير من احزاب المعارضة للانتخابات، بينها حزب جبهة العمل الاسلامي، الاخوان المسلمون، الحزب الاكبر شعبية وتنظيما، لم يجد النسور المقيد بكتاب التكليف الملكي والدستور والقوانين ما يقدمه لهذه الاحزاب سوى وعد، قد لا يملك تنفيذه ايضا، بتمديد فترة التسجيل للانتخابات وتعهد شخصي بان تكون نزيه وشفافة.
لكن وعود النسور هذه، التي لا تلبي مطالب المعارضة في سن قانون انتخابات جديد ينهي "الصوت الواحد"، فبقيت المواقف على حالها، وأكدت أحزاب المعارضة رفضها من جديد التسجيل والتصويت في الانتخابات.
واذا كانت الحكومة والديوان الملكي ودائرة المخابرات العامة التي توسع تدخلها في الحياة السياسية خلال العقد الاخير، عملت كل جهدها لزيادة عدد المسجلين للانتخابات اذ تجاوز الرقم المليوني مسجل من اصل 2 مليون و 700 الف يحق لهم التسجيل والانتخاب، فسوف تذهب الى الاقتراع بمن شارك.
لكن هذه الانتخابات، وبحسب كافة المراقبين، لن تحل حالة الاستعصاء السياسي التي تعاني منها البلد، وسيعود الوضع بعد الانتخابات التي مفترض ان تجري مطلع العام المقبل، الى ما هو عليه الان.
وبحسب المراقبون هؤلاء فان الحل الوحيد الذي تملكه الحكومة الحالية او الحكومة القادمة هو التركيز على الوضع الاقتصادي، وتحفيز النمو ومكافحة البطالة التي ارتفعت الى 13.2% في الربع الاخير من العام، وكذلك حل مشكلة العجز والمديونية التي وصلت ارقاما عالية.
ويعتقد هؤلاء ان نجاح الحكومة الحالية او القادمة في حلحلة الوضع الاقتصادي سوف ينهي الاستعصاء السياسي ويخفف من ضغوط المعارضة التي ستفقد الكثير من الدعم الشعبي لها، ذلك ان مشكلة الاردنيين، واول اولوياتهم، كما تظهرها استطلاعات الرأي العام هي الاقتصاد وتردي الأوضاع المعيشية، وليس الإصلاح السياسي على أهميته.
فهل تنجح الحكومة هنا..؟