ارتفاع عدد القتلى في سوريا لا يستحث القوى العالمية على التدخل

تاريخ النشر: 04 يناير 2013 - 03:10 GMT
ارتفاع عدد القتلى في سوريا
ارتفاع عدد القتلى في سوريا

قالت الأمم المتحدة إن عدد القتلى الذين سقطوا في سوريا يتجاوز الآن 60 ألفا فيما حذر المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي من أن هناك 100 ألف شخص ربما يلقون حتفهم هذا العام.

وقد لقي نحو 220 شخصا حتفهم يوم الأربعاء الماضي وحده.

ويقول المغني الأمريكي بول سايمون في أغنية له "عندما تصل الأرقام إلى مستويات خطيرة.. تترك لك علامة على بابك."

غير أنه في سوريا لا تنبيء أعداد القتلى عن أي علامة على كبح جماح صراع حتى الموت يدور بوتيرة سريعة وتراقبه من بعيد قوى خارجية منقسمة ويبدو أن معظم قادتها باتوا على قناعة بأن مخاطر التدخل المباشر تفوق أي مكاسب محتملة.

ويدرك السوريون ضرورة الاعتماد على أنفسهم في الوقت الذي تسلل فيه اليأس إلى قلوب بعض المدنيين المحاصرين في صراع تحول إلى حرب أهلية بعد 21 شهرا من اندلاع احتجاجات مناوئة للرئيس السوري بشار الأسد استلهمت من انتفاضات الربيع العربي.

وقال عدنان أبو رعد وهو عجوز يرتدي وشاحا يحميه من البرد وهو يراقب حفر قبور جديدة بعد مقتل 11 شخصا في غارة جوية مطلع الأسبوع على بلدة اعزاز قرب الحدود مع تركيا "ذلك كله هراء".

وأضاف أبو رعد "لا يستطيع الجيش السوري الحر ولا قوات الأسد حمايتنا. فالجانبان يقتتلان لكن لا يموت إلا الأبرياء والأطفال والنساء وكبار السن."

وسخر أبو رعد من جهود السلام التي بذلها الإبراهيمي وسلفه كوفي عنان ووصفها بالنفاق ونفى التقارير التي تفيد بتقديم مساعدة محدودة لمعارضي الأسد واصفا إياها بالخيالية.

وقال "لم يرسل لنا أحد رصاصة واحدة. هذا كله كذب."

وقدمت بعض الدول الغربية للمعارضين ما تصفه بمساعدات غير قاتلة بينما تواترت تقارير بأن بعض الدول العربية أرسلت أسلحة إليهم نقلت معظمها عبر تركيا. ويشكو المقاتلون من نقص الذخيرة حتى للأسلحة التي سيطروا عليها.

وقال الإبراهيمي يوم السبت إنه دون التوصل لحل عن طريق التفاوض فإن سوريا ربما تصير عما قريب مشابهة للصومال باعتبارها دولة فاشلة تعاني من أمراء الحرب وتزعزع استقرار جيرانها. غير أن الائتلاف الوطني السوري المعارض يستبعد إجراء محادثات قبل رحيل الأسد بينما يقول الرئيس السوري إنه لن يسلم السلطة لخصومه.

وسيطر المعارضون على مساحات من المناطق الريفية في الشمال والشرق إلى جانب أجزاء من حلب أكبر المدن السورية وبعض أحياء العاصمة دمشق.

رغم ذلك فإن العاصمة تظل أكثر تماسكا من المناطق التي يسيطر عليها المعارضون المتشرذمون. ويسيطر الأسد على القوات المسلحة ويستخدم سلاح الجو والأسلحة الثقيلة للحد من زحف المعارضين وتدمير أي بلدات أو مناطق عمرانية تخرج عن نطاق سيطرته.

وفي مقبرة اعزاز اتهم أبو بحري (45 عاما) الذي يرتدي معطفا أسود اللون الأسد بالسعي وراء تقويض دعم المعارضين باستهداف المدنيين وحرمانهم من المياه والكهرباء والخبز.

وقال أبو بحري أثناء حفر قبور لدفن الضحايا "إصابة الناس بالجروح ودفعهم للانقلاب على الجيش السوري الحر. إنها خطوة مدروسة."

ومع تصاعد حدة الصراع المسلح تدريجيا ليس هناك أي علامة في الأفق على انتهاء إراقة الدماء. ويبدو أن الدول الأخرى تقف عاجزة.

وفي الواقع خلص سوريون كثيرون من الجانبين إلى أن واشنطن منحت الأسد حصانة لاستخدام أي شيء غير الأسلحة الكيماوية بعد أن وصفت استخدام هذه الأسلحة بأنه "خط أحمر".

ولا تبدي الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون أي رغبة في التدخل في سوريا بعد انسحابهم من العراق وقريبا من أفغانستان حيث ينظر إلى سوريا على أنها أقرب للوقوع في وضع متأزم مثل العراق من أن تشهد شبه نجاح على غرار ليبيا.

وفي عام 2011 تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا فسره الغرب على أنه ضوء أخضر لحلف شمال الأطلسي بشن حملة قصف جوي ساعدت المعارضين على الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي الذي كانت دفاعاته الجوية واهية وأصدقاؤه قلة.

وكانت روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) لعرقلة ثلاثة قرارات من مجلس الأمن بشأن سوريا خشية أن تؤدي إلى فرض عقوبات أو تدخل أجنبي بهدف الإطاحة بالأسد.

وتعارض إيران بشدة التدخل الخارجي في حليفتها سوريا. وتخشى الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق أيضا من عواقب انتصار المعارضة التي يغلب عليها السنة على الأسد وأقليته العلوية.

ودعا القادة الإسلاميون الجدد في مصر إلى رحيل الأسد غير أنها منشغلة بمشكلاتها السياسية والاقتصادية وليست في وضع يسمح لها بالمساعدة في تحقيق ذلك.

وقالت تركيا أيضا إنها لن تتدخل وحدها في سوريا. وسرعان ما انقلبت أنقرة على حليفها السوري السابق وتحدثت لأشهر عن احتمال فرض منطقة حظر جوي أو إقامة ملاذ آمن داخل سوريا.

وقالت سنان أولجن من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية الذي يتخذ من اسطنبول مقرا "هناك تقييم أكثر واقعية الآن لما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي."

وتركز أنقرة بشكل أكبر على حث حلفائها على تقديم المزيد من المساعدة للمعارضين في الوقت الذي تشعر فيه بالقلق إزاء الأسلحة الكيماوية السورية والتدفق المتزايد للاجئين والدعم السوري للمتمردين الأكراد.

والتقى رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اسطنبول قبل شهر أملا في إقناعه بتخفيف موقفه تجاه سوريا لكن الاجتماع لم يحقق تقدما يذكر على ما يبدو.

وقدمت السعودية وقطر - حليفتا الولايات المتحدة - تمويلات إلى معارضي الأسد لشراء الأسلحة وغيرها من الإمدادات.

ورفض مسؤول خليجي الكشف عن طبيعة الدعم الذي تقدمه بلاده للمعارضة السورية مكتفيا بالقول إن العنف الذي تمارسه الحكومة في سوريا لم يترك خيارا للمعارضين سوى اتباع السبل العسكرية.

وانتقد الغرب لعدم دعمه للمعارضين بشكل حاسم وما وصفها بالمحاولات الغربية لمنع الآخرين من القيام بذلك خشية سقوط سوريا في مزيد من الفوضى.

وأضاف "ولكن ستكون هناك فوضى مهما حدث... وقلنا إذا صعدتم القتال فستكون هناك نتيجة أسرع وتقصر فترة الفوضى التي ستتبعه."

وقال مصطفى العاني وهو محلل لشئون الأمن في الخليج إن معظم تمويل المعارضة يأتي من أفراد وليس من ميزانيات الدول الخليجية.

وأضاف أن المعارضين السوريين يعتمدون بشكل متزايد على تسليح أنفسهم من أسلحة الجيش التي يستولون عليها مما يجعل قضية التدخل الخارجي أقل أهمية مما تبدو عليه.

ولم تتحقق توقعات بعض القادة الغربيين في الأسابيع الماضية بأن نهاية الأسد صارت وشيكة.

ويبدو أن من يقومون بحفر القبور في اعزاز ومناطق صراع أخرى لا حصر لها في سوريا سيظلون مشغولين بهذه المهمة مع استمرار الحرب الأهلية في البلاد.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن