البوابة - عمان – وسام نصرالله
يرى أمين عام حزب الحياة الأردني ظاهر عمرو أن هناك قرارا إستراتيجيا عالميا متخذ بأن يبقى الأردن مستقرا وآمنا ولكن أن يبقى فقيرا، مبينا أن الولايات المتحدة لن تسمح بحدوث أي خلل أمني في الأردن، حماية لأمن الكيان الصهيوني وتأمين منابع النفط في الخليج العربي.
ويقول عمرو أن المشهد في سورية متشابك على المستوى الإقليمي والدولي، وأن إيران وإسرائيل أكبر المنتصرين من مجريات الأحداث فيها.
ويبين أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قتل بأوامر فرنسية للتخلص من الأسرار التي كان يحملها، خوفا من كشف القذافي لها بعد الإطاحة به من قبل ميليشيا الثورة.
إلتقينا أمين عام "الحياة" في العاصمة عمان، وكان لنا معه الحوار التالي:
*هل تتفق مع تسمية "الربيع العربي" لوصف الحال الذي يمر به عالمنا العربي؟
- سيؤرخ للواقع السياسي العربي بما قبل البوعزيزي ومابعده، ونحن نعلم أن حادثة البوعزيزي لم تأت من فراغ بل جاءت تعبيرا رافضا وإحتجاجا على الواقع الذي يعيشه هذا الشخص من تهميش وكبت وقمع، فكان إحراقه لنفسه الشرارة التي أخرجت الانسان العربي من قمقم القمع إلى فضاء المطالبة بالحرية.
ومع انتشار حالة الاحتجاجات في العالم العربي وتمرد الانسان العربي على القهر والواقع الذي يعيشه، تنبهت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى مايحدث، وضرورة التدخل بما يحفظ مصالحهما وأمن الكيان الصهيوني، مع تأكيدي هنا أن تلك الثورات في بداياتها لم تكن بتخطيط غربي رغم وجود مخططات الشرق الأوسط الجديد.
وركبت الولايات المتحدة والغرب عموما موجة الربيع العربي، لأخذه بإتجاه يحفظ أمن الكيان الصهيوني وتامين منابع النفط وضمان بقاء تدفقه للغرب، وحدث ماحدث من انحرافات في تلك الثورات بفعل التدخلات الخارجية، وتحول الربيع العربي إلى شيء آخر لايتلائم مع مايحدث من قتل وتدمير وتخريب.
*وكيف تنظر لما حدث في ليبيا، وطريقة مقتل القذافي؟
- باعتقادي ان نظام الرئيس الليبي الراحل معمرو القذافي لم يكن سهلا، بدليل أنه كان يمتلك الكثير من الملفات الخطيرة والمهمة والأسرار التي تراكمت في خزائنه على مدار عقود من فترة حكمه، وبحكم طريقة التفكير الأمنية والبوليسية التي كان يؤمن بها القذافي وينتهجها، كان القرار الغربي بتصفية القذافي قبل وقوعه بالأسر، خوفا من كشفه لكل تلك الأسرار والملفات.
وبتصوري أن المسؤول الأول والمباشر عن قتل القذافي كان الفرنسيين الذين لم يحبذوا فكرة وقوعه بالاسر، فكانت تصفيته بتلك الطريقة المؤلمة والبشعة التي شاهدها الجميع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي.
والأوضاع في ليبية ربما لن تستقر خلال الفترة الحالية وستبقى بين مد وجذر مع سيطرة للميليشيات على الأرض، ولكن ضمن ضوابط اللعبة الغربية التي لن تسمح بضياع حقول النفط والغاز من يدها، فكما سرق الغرب النفط الليبي سابقا سيسعى لمواصلة سرقته بكل الطرق.
*وماذا عن المشهد السوري، وتداخلاته الإقليمية؟
- المشهد السوري متشابك ومتعدد الاتجاهات سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، ولكن الصراع الأساسي والواضح حاليا في سورية هو بين اللاعبين الإقليميين الأساسين في المنطقة ألا وهما إيران وإسرائيل، فالنظام الإيراني لن يسمح أبدا بسقوط النظام السوري أو الدولة السورية، لأن ذلك يعتبر تهديدا لوجودها الإقليمي وتحجيما لنفوذها وضرب لمشروعها على مستوى المنطقة، وبالتالي القضاء على حزب الله كتحصيل حاصل فيما لو سقط النظام في سورية.
وإسرائيل والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، استغلت شرارة ماحدث في درعا منذ البدايات واقتنصت الفرصة للقضاء على سورية ومحاولة تدميرها بأيدي داخلية، لأن ذلك من وجهة نظرهم سيشكل ضربة قاضية للمشروع الإيراني في المنطقة والتخلص من أكبر حليف استراتيجي لإيران.
ولكن ماحدث أن إيران وروسيا دعمت بكل إمكانياتها النظام السوري ومنعت من إنهياره، واصبح وجودهما ونفوذهما الإقليمي والعالمي مرتبطا ببقاء نظام حكم الرئيس بشار الأسد، وربما مادفع الروس أكثر للذهاب بعيدا في دعم النظام السوري هو الموقف الجذري للإيرانيين ودعمهم اللامحدود لذلك النظام.
*كيف استطاعت سورية تجاوز الضربة الأميركية؟
- عندما وصلت الأمور للمرحلة الحرجة وكان حلف الأطلسي على وشك تنفيذ تهديداته بقصف سورية وتدمير الجيش السوري، كان الموقف الإيراني الصريح والواضح بقصف إسرائيل وتدميرها، وبتصوري أنه حدثت إتصالات على أعلى المستويات بين القيادتين الإيرانية والروسية حول هذا الموضوع، والتأكيد الإيراني للروس أنهم سيدمرون إسرائيل بالصواريخ.
ولاحظنا كيف أن التدخل الروسي في تلك الفترة وتواصله مع الجانب الأميركي أنزل واشنطن من على الشجرة عبر الإتفاق على تجريد سورية من كل اسلحتها الكيميائية كبديل عن ضربها والعدوان عليها.
*من الخاسر الأكبر في سورية، ومن المنتصر مما جرى فيها؟
- إن أكبر المنتصرين في تلك الحرب هما إيران بحكم بقاء النظام الحليف لها في دمشق، وإسرائيل التي سترتاح لسنوات طويلة قادمة من اي تهديد من قبل الجبهة السورية والجيش السوري، لأننا نعلم جيدا أن إعادة إعمار سورية وعودتها لسابق عهدها يحتاج لفترة ليست بالقصيرة من السنين.
وأكبر الخاسرين هم الشعب السوري والأردني والفلسطيني، بحكم تاثير كل تلك الأحداث على حياتهم، إضافة إلى الدول التي مولت الحرب في سورية ولم تتمكن من تحقيق نصر مؤزر وواضح للجهات التي تدعمها، وهي دول الخليج العربي وتركيا.
*إلى اي حد اثرت الأحداث في سورية على الاردن؟
- باعتقادي أن تاثير الأحداث في سورية على الأردن كان مبالغا فيه من الناحية الاعلامية، والأردن إستطاع أن يكسب من الأزمة السورية موقفا انسانيا عظيما من خلال إستقباله لمئات آلاف اللاجئين الذين فروا من أتون الحرب، بالإضافة إلى القرار السياسي الحكيم المتمثل بعدم الانحياز لأي طرف على حساب الآخر.
لذلك الأردن لم يدفع ثمنا سياسيا بل ثمنا إقتصاديا، وهو مايمكن تجاوزه مع الوقت، وكان بإمكان الأردن أن يستفيد إقتصاديا من الأيدي العاملة السورية الماهرة في بعض الحرف والصناعات الغير مألوفة بالاردن واستثمارها بطريقة منتجة ومدرة للدخل، وبالتالي تحويل أولئك اللاجئين من عبء إقتصادي إلى قيمة مضافة للإقتصاد الأردني.
*هل السياسة الخارجية للأردن محكومة بأوضاعه الإقتصادية؟
- هناك قرار إستراتيجي متخذ من الدول العظمى التي تحكم العالم وتحديدا الولايات المتحدة بأن يبقى الاردن بلدا آمنا ومستقرا ولكن بالمقابل يجب أن يبقى فقيرا.
والسبب الرئيسي الذي يدفع تلك الدول للحفاظ على استقرار الاردن من اي تهديد خارجي، يكمن بموقعها الاستراتيجي الحساس بالقرب من منابع النفط والكيان الصهيوني الذي تربطه حدود تصل لمئات الكيلومترات مع الأردن.
مع العلم أن الأردن يمتلك من المؤهلات والمقومات لما يجعله بلدا رياديا وطليعيا على مستوى المنطقة إقتصاديا، خصوصا وأن الاردن يمتلك الثروات المعدنية ومنها الصخر الزيتي الذي يقدر حجم دخله للأردن بما يقارب ال 800 مليار دولار، كما أن تصنيفنا على مستوى العالم في قطاع السياحة العلاجية يتراوح بين السابع والثامن عالميا، إضافة للمواقع السياحية الغير مسبوقة ومنها السياحة الدينية سواء للمسيحيين "المغطس في غور الأردن" والمسلمين الشيعة الذين يحجون للمزارات الدينية المقدسة بالنسبة لهم.
وأنا شخصيا ضد اي تخوفات يروجها البعض من المد الشيعي إذا فتح المجال لحجاجهم بزيارة المزارات في الأردن، فموسم الحج في السعودية يؤمه مئات الآلاف من الشيعة، الذين يمارسون شعائرهم ويعودون لديارهم دون حدوث إشكاليات أو حوادث تعكر صفو الحج.
ومن الاقتراحات التي قدمتها في مجال السياحة العلاجية إنشاء ثلاث مدن طبية في الأردن تتوزع في الشمال والجنوب والوسط، على أن تكون كل مدينة متخصصة بقطاع طبي معين، وهي الأمراض والأورام السرطانية والجراحات العامة والأمراض النفسية والإدمان.
مع العلم أن تكلفة العلاج في الأردن لاتتجاوز ال 40% مقارنة بالدول الغربية، مع تقديم نفس الخدمة العلاجية بمواصفات طبية عالمية وبكوارد على مستوى رفيع من الخبرة.