زعم قائد سابق رفيع المستوى لإحدى المجموعات المسلحة في باكستان أن الجيش الباكستاني ما زال "يغذي" عدداً كبيراً من المسلحين في إطار إستراتيجية مستمرة منذ ثلاثة عقود تقوم على التحرك ضد الدول المجاورة والقوات الأمريكية في أفغانستان بالنيابة عنه.
ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز) عن القائد السابق، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أو مكانه أو عن أية تفاصيل خاصة، قوله انه حظي بدعم الجيش الباكستاني طوال 15 سنة يوم كان مقاتلاً ومن ثم قائداً فمدرباً للمسلحين إلى أن تخلى عن منصبه قبل عدة سنوات.
وأشار إلى أن لدى المجموعات المسلحة، مثل عسكر طيبة وحركة المجاهدين وحزب المجاهدين، قادة دينيون والجيش الباكستاني يوفر لهم التدريب والتخطيط الاستراتيجي والحماية، مشدداً على ان هذا النظام ما زال مستمراً.
ويشار إلى أن كلام هذا القائد السابق يتعارض مع ما تقوله باكستان للمسؤولين الأمريكيين منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2011 بأنها توقفت عن دعم المجموعات المسلحة على أراضيها، مع العلم ان واشنطن منحت إسلام آباد أكثر من 20 مليار دولار خلال العقد الماضي للمساعدة في جهود مكافحة "الإرهاب".
وقال القائد السابق إن الجيش والاستخبارات الباكستانية لم تتخلى عن سياستها بدعم المجموعات المسلحة باعتبار ان هذا الأمر يشكل أداة في الخلاف الباكستاني ـ الهندي على كشمير وفي أفغانستان لإخراج قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأمريكية.
وقال ان الملالي والجنرالات المتقاعدون يديرون هذه المسألة، وسمى عدداً من المسؤولين العسكريين الباكستانيين السابقين المتورطين في البرنامج وبينهم قادة سابقون لجهاز الاستخبارات وجنرالات سابقون أبرزهم الجنرال الراحل زاهر الإسلام عباسي الذي أدين بمحاولة الانقلاب على حكومة رئيسة الوزراء الباكستانية بنازير بوتو في العام 1995.
وشدد على أن الجيش الباكستاني ما زال يدعم حركة طالبان الأفغانية في معركتها لإخراج القوات الأمريكية والناتو من أفغانستان، معرباً عن اعتقادهم بأن هذا الأمر سينجح.
ولفت إلى أن الاستخبارات الباكستانية ما زالت تدعم أيضاً المجموعات المسلحة حتى ان البعض انقلبوا على الحكومة لأن الجيش يريد استخدامها كأداة ضد عدوه اللدود أي الهند.
وأشار إلى أن الجيش استخدم إستراتيجية (فرّق تسُد) وشجع على الانقسام داخل المجموعات المسلحة لإضعافها والسيطرة عليها.
وقال انه بالرغم من ان الجيش فقد السيطرة على الكثير من المقاتلين، ولديه تأثير بسيط على المقاتلين الأجانب في المناطق القبلية التي تخص تنظيم "القاعدة"، إلا انه يتردد في التحرك ضدهم.
ورأى انه كان بإمكان باكستان بكل سهولة أن تقتل أحد قادة "طالبان" الباكستانية حكيم الله محسود لكنها اختارت ألا تفعل ذلك.
وشدد على ان "الحكومة ليست مهتمة بالتخلص منهم نهائياً"، مشيراً إلى ان في باكستان ما بين 12 و14 ألف مقاتل كشميري مدربين منتشرين في معسكرات مختلفة، وهي تعتبرهم احتياطاً تستخدمه في الحرب ضد الهند إن احتاجت ذلك.
وقال انه منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر ركزت باكستان اهتمامها على أفغانستان بدلاً من الهند، والكثير من المقاتلين الكشميريين ليسوا مهتمين بهذا الأمر وقبلوا عرض الهند بالعفو للذهاب إلى منازلهم.
كما لفت إلى أن كثيرين تخلوا عن القتال أيضا لأنهم يعتقدون انهم يستخدمون للقتال في حرب زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، أو لتحقيق أهداف جنرالات رفيعي المستوى دفعوا باكستان إلى التحالف مع أميركا للحصول على دعم مادي وعسكري.
وقال ان آلاف المقاتلين الباكستانيين المدربين أداروا ظهورهم للجيش لأنه تعامل معهم بقلة اهتمام "واستخدمتهم باكستان ثم رمتهم كالأوراق".
واعتبر القائد السابق ان باكستان وأمريكا ستتمكنان من محاربة "الإرهاب" بشكل أفضل إذا تمكنتا من إعادة توجيه المسلحين نحو مسار الإسلام الصحيح لإعادة بناء وتثقيف المجتمعات.
وخلص إلى القول ان "باكستان وخصوصاً أميركا بحاجة لأن يفهما روح الإسلام الحقيقي وتوجيه هذه الروح، وستكون هذه إستراتيجية جيدة".