دراسة لوايل كورنيل للطب في قطر تسهم في تعميق فهم الأمراض

استعان باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر بتقنيات القياسات الجزيئية الشاملة من أجل التوصل إلى فهم أعمق وأدق لكيفية استجابة خلايا جسم الإنسان للأمراض المختلفة.
فقد قاد الدكتور كارستن زوري، أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية ومدير مختبر المعلومات الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر، فريق باحثين يمثلون مؤسسات طبية وبحثية من حول العالم لدراسة ما تتركه الاختلافات الفردية في أنماط الحياة اليومية والصحة من بصمة في إبيجينوم كل فرد منا. ويُقصد بالإبيجنوم، أو ما فوق الجينوم، سلسلة التغيرات الكيميائية التي تطرأ على جينوم الفرد ويمكنها أن تفعّل أو تعطّل عمل الجينات.
وقام فريق الباحثين باستقصاء تأثير أمراض مثل السكري والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالاقتران بعوامل بيئية مثل التدخين وقلة الأنشطة البدنية، في التركيبة الكيميائية الحيوية للجزيئات والبروتينات الصغيرة أثناء حركتها في جسم الإنسان.
وقد نشرت الدراسة في الدورية العلمية الدولية المرموقة Human Molecular Genetics بعنوان "الأنماط الظاهرية الجزيئية العميقة تربط الاضطرابات المعقدة والإصابات الفسيولوجية بمَيْثَلة مواقع CpG"، وهي أول دراسة من نوعها تحلّل مثل هذا النطاق العريض من القياسات الجزيئية، بما في ذلك المؤشرات الاستقلابية والدهنية والبروتيومية والغليكومية، بُغية قياس جميع الأنواع الممكنة من الجزيئات الصغيرة الموجودة في الدم والبول واللُّعاب.
وقال الدكتور زوري: "إن الأمراض المعقدة، مثل السمنة المفرطة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وكذلك أنماط الحياة اليومية المتبعة مثل تدخين السجائر وخيارات الأطعمة غير الصحية، تُجبر أجسامنا على الاستجابة بالقضاء على الجزيئات السامة وطردها. ومثل هذه الاستجابة تترك ما يُسمّى بالواسمات الإبيجينومية على جينوم الإنسان ووظيفتها إخطار الخلايا بالجينات الواجب تفعيلها. والواسمات الإبيجينومية أشبه ما تكون برايات صغيرة، فوجودها أو عدم وجودها في مواقع محددة من الجينوم يمكن أن يخبرنا عن مدى استجابة الخلية لتحدّ من تحديات الصحة. وعلى سبيل المثال، قد يقوم بعض الواسمات الإبيجينومية بدور الإنذار المبكر عن إمكانية الإصابة بالسكري".
من جهتها، قالت شذى زغلول، المؤلف الأول للدراسة والتي أجرت تحليلات البيانات كافة: "تمثّل معرفتنا بأن عوامل معيّنة مرتبطة ببعضها البعض أول خطوة في مواجهة المشكلة، وإذا ما فهمنا العوامل المتسببة بالفعل بمرض ما سنتمكن من تحديد الجزيئات المراد استهدافها بالعقاقير الدوائية بالدقة اللازمة. وهذا ما بدأنا به من خلال هذه الدراسة المتمحورة حول إرساء نهج متكامل لتطوير العلاجات الجديدة. وعلى سبيل المثال، في حال كان البنكرياس في حالة تلف فعلية بسبب السكري يكون قد فات أوان التدخل طبياً، لكن في حال تمكّنا من رصد المرض مبكراً بالاستعانة ببعض الواسمات البيولوجية الواردة في دراستنا سيكون باستطاعتنا حينها التدخل طبياً".
أما الدكتور خالد مشاقة، العميد المشارك لشؤون البحوث في وايل كورنيل للطب – قطر، فقال: "يمكن أن تساعدنا مثل هذه الواسمات البيولوجية في التشخيص المبكر لبعض أنواع السرطان وكذلك السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وقد تتيح للأطباء ذات يوم بدء العلاج مبكراً، وكلّ ذلك يصبّ في منفعة المريض والمحصلة العلاجية. وبالمثل، قد تسمح هذه الواسمات البيولوجية للإنسان أن يشرع بتغيير نمط حياته اليومية في الوقت المناسب، وقد يتجنّب بذلك المرض تماماً. وهذه الدراسة تمثّل إضافة مهمة لدعم زخم برنامج البحوث في وايل كورنيل للطب - قطر وسعيه المتواصل للتغلُّب على التحديات الصحية الأكثر انتشاراً وإلحاحاً في قطر وعموم المنطقة".
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.