بي دبليو سي في القمة العالمية للحكومات: كيف يمكن للحكومات أن تواكب عصر التحول

هناك الكثير من العوامل التي تدفع التحولات الجذرية التي تحدث اليوم –وقد حددت بي دبليو سي أهم تلك الاتجاهات والتي تعد مترابطة، والتي تتضمن التغيرات في الخصائص السكانية والتحولات في القوة الاقتصادية العالمية والتوسع الحضري واسع النطاق وندرة الموارد الطبيعية والتغير المناخي. غير أن أغلب التغيرات الكبيرة تحدث إلى حد كبير في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي والعلوم، والتي تشهد تحولاً هائل السرعة.
وللصمود في مواجهة كل هذه التحديات والاستفادة من هذه اللحظة الفريدة في التاريخ، ويحب على صناع السياسات في الشرق الأوسط وضع برنامج وجدول أعمال يُمكِّنهم من اغتنام الفرص والحد من المخاطر وإشراك المواطنين معهم. ويتطلب ذلك الاستعداد لمواكبة التغيير والرغبة في قبول أشكال جديدة من الحوكمة ونوع جديد من عملية إشراك المواطنين. كما يجب على قادة القطاع العام مواكبة هذا التحول أو التخلف عنه. ودعت دراسة جديدة لبي دبليو سي أطلقتها بالتعاون مع القمة العالمية للحكومات بعنوان "جاهزية القطاع العام في عصر التحول" علي الحكومات وصناع القرار إعادة النظر في معنى القيادة في عصر التحول، وذلك لإبراز الأولويات السبع الرئيسية لمساعدة قادة القطاع العام على تحسس الطريق غير واضح المعالم.
وفي هذا الصدد، أشار ديفيد سواريز، الشريك في بي دبليو سي الشرق الأوسط ومعد التقرير:
"إن دول الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، تجد نفسها وسط عاصفة من الفرص والتغيرات والتحديات تبدو مثالية. ويتطلع المواطنون إلى الحكومات لتمد إليهم يد الإرشاد وتقود مساراً يحقق ازدهاراً مستمراً وسط حالة الغموض والارتياب. ويتمثل هدفنا من هذا التقرير في أن نقدم للقادة "كتاب إرشادات" لتحقيق النجاح في استكشاف هذا العصر الرقمي ومواكبته وذلك بهدف استحداث لشكل جديد من الحوكمة. ومؤشرنا لجاهزية القطاع العام سيساعد هؤلاء القادة على إدراك موقعهم في رحلتهم نحو التحول وباقي الخطوات التي يتعين عليهم أن يأخذوها".
تمكين الثقة والشفافية
ويعد أحد الأهداف الأساسية في بناء الثقة والشفافية في مؤسسات القطاع العام والذي يمكن تحقيقه عن طريق استغلال الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في استخدام التكنولوجيا لإعادة التحكم والسيطرة إلى يدي المواطن. ويجب أن تعمل الحكومات على رفع مستوى الوعي العام والمعرفة بشأن الكيفية التي تُستخدم بها بياناتها والكيفية التي
توفر بها قوانين خصوصية البيانات الحماية لها. كما يجب إتاحة البيانات للعامة والعمل على أن تكون شفافةً كما يجب على الحكومة أن تشارك برنامجها المتعلق بالذكاء الاصطناعي مع العامة.
إقامة شراكات تحولية بين القطاعين العام والخاص
والجدير بالذكر أنه يجب إعادة النظر في الشراكات بين القطاعين العام والخاص أنه يجب على قادة القطاع العام تحديد مصادر البيانات التي يجمعها أحد الطرفين (القطاع الخاص والقطاع العام) لتكون لديهم رؤى تحليلية أعمق.
تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم
يُعد تحقيق التوازن الصحيح بين التنظيم والابتكار من أصعب التحديات التي تواجه الهياكل التنظيمية بالحكومة والقطاع العام، وقد يؤدي الإفراط في التنظيم إلى استمرار تناقص مستوى الثقة. فمن ناحية الابتكار، يمكن لكيانات القطاع العام أن ترعى ذلك الابتكار عن طريق إرساء دعائم النظام البيئي الصحيح داخل هياكلها التنظيمية وفي طريقة تعاملها مع الشركاء والموردين ومجموعات المواطنين وغيرها من الجهات الحكومية والتابعة للقطاع العام التي تتعامل معها.
وأما من الناحية التنظيمية، فتحتاج كيانات القطاع العام إلى تطوير أطر العمل التنظيمية التي تلتزم بها بما يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن المرونة بحيث تُرسي "خطوطاً حمراء" لا يمكن تخطيها غير انها تحتوي بداخلها مسارات مرنة ومتعددة يمكن للجهات المعنية أن تتنقل فيما بينها. ومن ثم يجب أن تكون العملية التنظيمية قائمة على المبادئ (لا على القواعد) مع التأكد من ترسيخ قابلية التكيف به بحيث يصبح جزءاً لا يتجزأ منه. ويعني ذلك وضع لوائح تنظيمية قائمة على إسهامات من القطاعات تُعني بوضع معايير تُثمر عن رفع مستوى الجودة وترشيد التكاليف بالقطاع الخاص.
الاعتماد على البيانات الضخمة في اتخاذ القرارات
إذا تمثل الهدف الرئيسي في بناء الثقة والشفافية في الهياكل التنظيمية بالقطاع العام، فيمكن من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وضع المواطنين أمام عجلة القيادة من جديد. وذلك حيث يعمل استخدام البيانات الضخمة على منح المواطنين القدرة على الاطلاع بصورة فورية على أحدث التطورات في مسائل مثل المعاشات وغير ذلك من خدمات القطاع العام. وعلاوة على ذلك، فإن البيانات الضخمة، حال استغلال جميع الفوائد التي يمكن تحقيقها منها، سوف تمكننا من الاطلاع على جميع المعلومات وتحليلها بشكل فوري سواء كانت على هيئة مجموعات بيانات مهيكلة أم غير مهيكلة، بما في ذلك النصوص والصور ومقاطع الصوت والفيديو والرسومات وغيرها، والاحتمالات لا تنتهي. إلا أنه على قادة القطاع العام البدء بالتركيز على جودة البيانات، كما عليهم أيضاً التحول إلى عقلية تتبنى مفهوم البيانات المفتوحة - وهو الأمر الذي قد يكون مقلقاً حيث يعني ذلك توفير البيانات والاستغناء عن فكرة صوامع المعلومات. والأهم من ذلك هو وجوب مشاركة العديد من الجهات المعنية ذات الصلة من القطاع الخاص والمجتمعات بما يمهد الطريق أمام إلحاق المواطنين بالركب بكل ثقة.
التحول إلى النظام الرقمي
أكد الدكتور إحسان عبد الله، مديرتنفيذي في الخدمات الاستشارية:
"أن تصبح رقميًا، كبداية يجب على قادة القطاع العام التفكير والتصرف من هذا المنطلق. وأكد د. عبد الله أن "قادة القطاع العام يجب أن يطوروا الأجندة الرقمية للمنظمة ، والتي يجب أن تستهدف الاحتياجات مثل الهدف ، تحسين المهارات والمواهب والنتائج المرجوة". والأهم من ذلك ، يجب عليهم تشجيع الثقافة الرقمية المركزية في نطاق واسع والتي تدعو إلى التحديات والنقاش والبحث عن فرص لتعزيز تقديم الخدمات التي تعمل بشكل جيد عبر كيانات القطاع العام.
وحول تحسين المهارات والمواهب أكد دكتور عبد الله: "يعد أن من أهم أهداف القطاع العام هو التركيز على تحسين المهارات وتطوير القوى العاملة بشكل أفقي وذلك لاستيعاب النزوح الوظيفي. ويجب أن يكون يتم تطوير نظم التدرج الوظيفي والمهني على الصورة المستقبلية للمؤسسة الحكومية ويتخطي فكرة الوظائف مدى الحياة. مما يدل على أهمية شفافية المعلومات وإتاحتها للأفراد. وهنا الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يسمح بقدر أكبر من المشاركة وفرص التطوير الوظيفي والتعلم مدى الحياة أكر أساسياً"
الختام، أكد ديفيد سواريز: "يعد التركيز على صقل المهارات وتطوير القوى العاملة لتقلد وظائف جديدة تساعدها على توفيق أوضاعها بعد الاستغناء عن وظائفهم أحد أكبر المهام التي تقع على عاتق القطاع العام؛ حيث يجب أن يتمحور كل من الوظائف والتطور المهني على الصورة المستقبلية بعيدة المدى للكيان الحكومي بعيداً عن مفهوم الوظائف التي تستمر طوال العمر. وعليه أن ذلك يعني تحقيق الانفتاح والشفافية - بحيث تصبح المعلومات والقدرة على اتخاذ القرارات بين يدي كل فرد. وفي هذا السياق يأتي الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ليمنح مساحة أكبر من المشاركة وفرصة يُمثل فيها التطور الوظيفي والتعلم المستمر طوال العمر ركيزة رئيسية.
خلفية عامة
برايس ووترهاوس كوبرز
تساعد بي دبليو سي (PwC) الشركات والمؤسسات والأفراد في خلق القيمة التي يبحثون عنها. PwC هي شبكة شركات متواجدة في 158 بلدا ويعمل لديها حوالي 180,000 موظفا ملتزمون بتوفير أعلى معايير الجودة في خدمات التدقيق والضرائب والخدمات الاستشارية.
تأسست PwC في الشرق الأوسط منذ 40 عاما ولديها شركات في البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وعمان والأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية و قطر والسعودية والإمارات، حيث يعمل بها أكثرمن (2,700) موظف.
بي دبليو سي تشير الى شبكة بي دبليو سي و/ أو واحد أو أكثر من الشركات الأعضاء فيها ، كل واحد منها هي كيان قانوني مستقل.