ربما يشير إلقاء القبض على اثنين من العاملين في الاتصالات في لبنان إلى إحراز تقدم كبير في حرب الجواسيس ضد إسرائيل لكن ذلك أحيى انقسامات طائفية دفعت البلاد إلى شفا حرب أهلية في عام 2008.
وتسبب إلقاء القبض على شربل قزي وطارق رباع وهما موظفان في شركة ألفا لاتصالات الهاتف المحمول المملوكة للدولة في صدمة للبلاد وأثار مخاوف بشأن مدى اختراق إسرائيل لقطاعي الاتصالات والأمن في لبنان.
وأشار حزب الله المدعوم من سوريا والذي خاض حربا ضد إسرائيل في عام 2006 إلى أن الدولة اليهودية ربما استخدمت عملاء للتلاعب في الأدلة مثل سجلات الهاتف لتوريط حزب الله في قتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005 .
وقال زعيم حزب الله حسن نصر الله الاسبوع الماضي "بشكل لا يقبل الشك أصبح واضحا كما أعتقد عند كل اللبنانيين وعند المسؤولين إن هناك سيطرة إسرائيلية كاملة على كل شيء اسمه اتصالات في البلد.. اتصالات الخليوي والشبكات المدنية."
وأضاف "سمعنا كلاما كثيرا في البدء من مسؤولين سياسيين ومسؤولين أمنيين أن هناك قرارا ظنيا سوف يصدر بحق أفراد من حزب الله في أيلول (سبتمبر) وتشرين أول (أكتوبر) وتشرين ثاني (نوفمبر) ... أي إنهم يعرفون القرار الظني ويعرفون الأسماء ويعرفون الموعد.. والتحقيق حتى الآن لم يبدأ معنا."
واتهم مؤيدو سعد الحريري نجل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري حزب الله بمحاولة تقويض عمل المحكمة الدولية التي تحقق في موت الحريري. وأصبح سعد الحريري رئيسا للوزراء في العام الماضي على رأس حكومة وحدة بعد أزمة سياسية استمرت عدة أشهر.
وقال رفيق مكاري نائب رئيس البرلمان اللبناني "الآن تأكد ما قلناه سابقا من أن التسريبات الأمنية والاستثمار السياسي الذي رافق توقيف العملاء الإسرائيليين في شركة ألفا يهدف إلى ضرب المحكمة الدولية."
ولم يعلق سعد الحريري نفسه على الأمر.
ولم تحدد المحكمة الخاصة التابعة للأمم المتحدة موعدا لبدء توجيه الاتهام أو إعلان النتائج.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن المحكمة ستصدر أول لائحة اتهام في ايلول / سبتمبر وأشار البعض إلى أنها ستشير بأصبع الاتهام إلى أعضاء في حزب الله.
وقال محللون إنهم يتوقعون أن يتماشى الاتهام مع تقرير نشر في مجلة "دير شبيغل" الألمانية العام الماضي ذكر أن محققين لبنانيين وجدوا صلة بين ثمانية هواتف محمولة استخدمت في المنطقة في وقت الهجوم وشبكة من 20 هاتفا آخر يعتقد أنها تخص ذراع العمليات في حزب الله.
والاتصالات في لبنان قضية حساسة.
وتفجر قتال في الشوارع في أيار / مايو 2008 بعد أن حاولت حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة المدعومة من الغرب حظر شبكة اتصالات أرضية يقوم بتشغيلها حزب الله.
ووصف حزب الله الإجراء الذي اتخذته الحكومة بأنه حرب علنية وسيطر مقاتلون موالون لجماعة حزب الله على بيروت. وتم حل الأزمة بعد محادثات في قطر أدت إلى تشكيل حكومة ائتلافية بزعامة السنيورة وتضم حزب الله.
وفي الأيام الأخيرة تبادل سياسيون من الجانبين تصريحات سادها التوتر في وسائل الإعلام اللبنانية. ويقول معسكر الحريري إن الهجوم على المحكمة يمكن أن يثير توترا في البلاد.
وحذر حلفاء من حزب الله من مغبة اتهام الجماعة وقالوا إن بعض اللبنانيين قدموا معلومات خاطئة وقال سياسي لبناني "سيسوا المحكمة".
وقال المصدر السياسي "الآن يوجد كلام وحديث ولكن في حال إصدار القرار الظني (ضد حزب الله) فان الكلام سيتوقف ويبدأ الفعل."
وقال محللون إن الاشتباك السياسي بين المعسكرين أظهر بوضوح إلى أي مدى حكومة الوحدة ضعيفة.
وقال المحلل السياسي رفيق نصر الله "هذه أول دولة بالعالم تنقسم حول الجواسيس.. هذا يعني أن البلد لم تكن يوما موحدة."
وأضاف "من الواضح أننا متجهون إلى وضع دراماتيكي."
وبدأ لبنان يلتقط أنفاسه بعد أكثر من خمس سنوات من الاضطرابات. ومنح النمو الاقتصادي القوي والهدوء النسبي على الحدود الجنوبية مع إسرائيل والهدنة بين السياسيين المتنافسين للبنان نافذة استقرار ترجمت إلى ازدهار سياحي.
واتفق المحللون على أن المناقشات بشأن الجواسيس المزعومين والمحكمة أظهرت أن جروح البلاد لم تندمل.
وقال أسامة صفا مدير المركز اللبناني لدراسات السياسات في بيروت "يجب ألا يتوهم أحد من الواقع، إن الناس تذهب إلى البحر وتتناول العشاء في الخارج ... إن كل شيء جيد."
وأضاف "منذ خمس سنوات والبلاد لا تزال على شفير الهاوية ... البلد مقسوم .. مقال بجريدة يولعها فكيف إذا صدر قرار اتهام."