ديور، فالانتينو، شانيل، زهير مراد وإيلي صعب. هكذا نعبر عن أحد أهم أحداث صناعة الموضة الراقية في العاصمة الفرنسية باريس حيث يبدأ الأحد المقبل أسبوع الموضة الراقية في باريس تحت إسم "أسبوع الموضة الراقية في باريس" تلفظ "أوت كوتور" بالفرنسية وتكتب (Haute Couture) بمعنى الأزياء ذات الحرفة العالية أو الأزياء الراقية التي تتشكل من عنصري الإبداع العالي والحرفية والدقة المعقدة.
عروض أزياء تصنع وتحدث ضمن إطار التوتر والعمل الجاد والمرهق وتتميز بالروح الفرنسية العالية ورهافة الخياطة الباريسية الراقية.
تشترك عشرات دور التطريز والخياطة في العاصمة الفرنسية في باريس على ابتكار أجود وأعلى مستوى من تقنيات الحرفة العالية التي يتم عرضها مرتين في السنة، في المرة الأولى في يناير من كل عام لعرض مجموعة ربيع وصيف العام ذاته، وفي شهر يوليو لعرض مجموعات الأزياء الراقية التي تقدم أزياء خريف وشتاء العام المقبل.
تاريخ أسبوع الموضة الراقية وتطوره

يمكن إعادة جذور تصميم وصناعة الأزياء الراقية إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما أحدث المصمم الإنجليزي تشارلز فريدريك وورث (Charles Frederick Worth) الذي كان يعيش في باريس، ثورة في صناعة الأزياء من خلال تقديم مفهوم جديد. حيث اعتقد وورث أن الموضة يجب اعتبارها شكلا من أشكال الفن وأن كل رداء يجب أن يتم تصميمه وتنفيذه بشكل فردي وفقاً للقياسات والتفضيلات الفريدة للعميل، وأدى هذا الأمر إلى ولادة مفهوم الأزياء الراقية والذي يعني Haute Couture باللغة الفرنسية.
الفكرة التي تقوم عليها صناعة الأزياء الراقية فتبدو القطعة وكأنها قد صنعت خصيصا لجسد العميل، الخطوط تحاكي المنحنيات وتحتضن الجسد وترافق منحنيات الجسد الطبيعية من الأكتاف والرقبة والأيدي وصولا إلى حركة الأرجل من الأسفل. ,سرعان ما جذبت رؤية وحرفة وورث العملاء الأثرياء مما عزز سمعة الأزياء الراقية باعتبارها التعبير الصحيح عن الأناقة والترف في الملابس، ومع تزايد الطلب على الملابس المصنوعة بشكل فردي تم إنشاء نقابة تعرف باسم Chamber Syndicale de la Haute Couture في عام 1868، وضعت هذه المنظمة معايير صارمة يجب على المصممين اتباعها ليتم الاعتراف بهم كمصممي أزياء راقية فعليين.
أسبوع الموضة للأزياء الراقية في العصر الحديث

بدأ أسبوع الأزياء للهوت كوتور كما نعرفه اليوم في أوائل القرن العشرين، وكان بمثابة عروض خاصة للعملاء الأثرياء وتطور إلى حدث كبير وجمهور أوسع من الصحافة والمشتريين من الطبقة الراقية في المجتمع بالإضافة إلى العملاء المهمين وبعض النجوم والمشاهير، وقدم مصمموا الأزياء أحدث إبداعاتهم للحضور والتي كشفت عن براعة تقنية وحرفة عالية وإبداع فني ملفت ولاسيما أن الملابس كانت تصنع يدويا بتدخل تكنولوجي أو ميكانيكي لا يذكر.

ومع مرو الوقت ازدادت شهرة أسبوع الأزياء الراقية في باريس وأصبح يقصده المهتمين بالموضة والعاملين بها من مختلف أنحاء العالم وتحول إلى حدث سنوي يعتبر الأهم على الرزنامة الخاصة بعالم صناعة الموضة أو التي تعرف اليوم بمصطلح "فاشن كاليندار" (Fashion Calender) ويشارك به عدد من مصممي الأزياء المعترف بهم من قبل النقابة.
ما هي أهم المهارات الواجب توفرها للحصول على إمكانية عرض مجموعة أزياء راقية في باريس؟

المهارة والخبرة:
يجب أن يوظف المشغل الحرفيين الذي يمتلكون حرفية استثنائية في مجالات مثل الخياطة والتطريز والديكور وغيرها من التقنيات المتخصصة، ويجب تنفيذ هذه التقنيات بالكامل يدويا وتخضع بيوت الأزياء وورشات الحرفيين في باريس للرقابة من قبل منظمة الأزياء الراقية في باريس على عدة مرات.
التواجد المحلي:
يحب أن يكون مقر مشغل المصمم في باريس مما يضمن الارتباط بإرث المدينة التاريخي ويحافظ على تقاليد باريس باعتبارها مركز الأزياء الراقية. وضمان تشغيل الأيدي العاملة الباريسية التي تتمتع بالحرفة الراقية العالية لا سيما في مجالي التطريز والخياطة الرفيعة وفنون الشك.
لماذا باريس ولا غيرها؟

لم تحمل باريس لقب عاصمة الموضة للأزياء الراقية بلا أي سبب معين أو من فراغ، بل أن هذه المدينة احتضنت كل ما يخص عالم الأزياء والخياطة الرفيعة على مدى أعوام وأعوام كثيرة.
كما أن المدينة تتمتع بتاريخ طويل وتقاليد حرفية وفنية عالية، مر عليها ألمع الأسماء من الذين امتهنوا هذه المهنة القوية وقد صقل المصممون والحرفيون الباريسيون مهاراتهم وتقنياتهم عبر الأجيال ونقلوا خبراتهم للحفاظ على أعلى معايير الجودة والابتكار جيلا بعد جيل في ورشات العمل ومعامل الخياطة التي لا يزال بعضها يحمل إرثا طويلا امتد لأعوام عديدة.
وأيضاَ تعتبر باريس مركزا أساسيا للإبداع والإلهام، حيث تتمتع المدينة بجاذبية لا يمكن مقاومتها كما ذكر المصمم أوبيرت جيفونشي ذات مرة ، حيث اجتذبت الفنانين والمصممين وعشاق الموضة من جميع أنحاء العالم، ويوفر تراثها الثقافي الغني ومعالمها المميزة ومشهدها الفني المزدهر بيئة مثالية لقوة التصميم.
محمد آشي ضيف باريس لهذا العام وإيلي صعب كالمعتاد، يبهرنا بتصاميم خيالية

أسبوع الأزياء للهوت كوتور في باريس يعتبر وجهة سنوية أساسية لعشاق الموضة والمشاهير وصناع الموضة، ومنه تبرز أجمل التصاميم وأكثرها ابداعاً وابتكاراً.
وبلا شك يجذب الإسم العربي المبدع عيون نقاد ومحبين صناعة الموضة من كل مكان في العالم، وبلا شك ستحرص الأسماء العربية الملهمة من إيلي صعب، زهير مراد، حسين آشي وجورج حبيقة على ابتكار أجمل وأقوى التصاميم التي لا تخذل المشهد الأنيق في باريس في كل موسم