أخطار استخدام الأطفال الصغار لليوتيوب أكثر مما تتوقعين

تاريخ النشر: 04 يوليو 2018 - 02:55 GMT
الأفلام التي يشاهدها الطفل تؤثر بشكل كبير على تنشئته
الأفلام التي يشاهدها الطفل تؤثر بشكل كبير على تنشئته

«انشغلت يومًا بتدريس ابنتي.. فأعطيت ابني البالغ الرابعة من العمر هاتفي المحمول كي يشاهد الأفلام المتحركة من خلاله.. وهو بطبيعة الحال لشغفه بـ«سبايدر مان وبات مان وفروزن» ينجذب إلى كل الفيديوهات المتعلقة به.. لكنني للأسف تفاجأت أن هذه الفيديوهات تحوي مشاهد لا تليق بعمره»، قصة ترويها الثلاثينية «أم أكرم درابكة».

أكملت قصتها بالقول: «عندما دققت أكثر بما تحتويه هذه الفيديوهات أيقنت بأن بعض التصرفات العدوانية التي يتصرف بها ابني يكتسبها مما يراه من هذه الفيديوهات، ونظرًا لأهمية هذه الشخصيات الكرتونية بالنسبة له فإنه يقتدي بها ويقلد كل ما يراه منها».

هذه القصة ليست غريبة على كثير من الأمهات اللاتي يشغلن أبناءهن بمتابعة أفلام الرسوم المتحركة لإفساح المجال أمامهن لتكملة الأعمال المترتبة عليهن، وهن مطمئنات لما يشاهده أبناؤهن بما يناسب أعمارهم إلا أن هذه الفيديوهات غيرت آراءهن بشكل كلي.

معاناة الأهل:
وتقول ربة المنزل «أم رأفت روابدة»: «إن اليوتيوب تم تصميمه ليكون موجهًا للكبار، وليس للصغار، فالعمر الأدنى المسموح به لاستخدام اليوتيوب من إدارة اليوتيوب نفسها هو 13 سنة، ولذلك فإن هذا الكم الهائل من المحتوى الموجه للأطفال محاط بمحتوى أكبر وأضخم منه موجهًا للكبار، بما في ذلك كم كبير من المواد التي لا تصلح للأطفال ولها تأثير سلبي عليهم، مثل مقاطع الفيديو التي تعرض معتقدات غريبة، ومحتوى يروج لاستخدام المخدرات أو الكحول، أو التدخين، المحتوى الذي يروج للعنف، وغيرها الكثير».

وتابعت «أم رأفت»: «بالتالي فإنني حاولت جاهدة لأن أمنع ابني من مشاهدة الفيديوهات على اليوتيوب ولكن دون جدوى وعمدت على تنزيل برنامج Youtube kids أملًا بأنه يناسب ابني بشكل أكبر».

ويلفت رب الأسرة «أمجد كيلاني» إلى أن اليوتيوب أصبح من مصادر المعرفة التي لا يستهان بها، واختصر الكثير من المعرفة للأطفال، وبإمكانهم الآن أن يصبحوا محترفين ومتقدمين في الكثير من الفنون وهم لا يزالون في سن مبكرة، فهناك عالم ضخم من المعرفة المهولة على بعد لمسة اصبع، وبالتالي لا يمكن للوالدين حظر استخدامه بشكل كلي وإنما يحتاج لمراقبتهم بشكل أكبر.

ولا يقف الموضوع عند الأفلام المتحركة التي يشاهدها الأطفال على اليوتيوب.. إنما يتعدى ذلك إلى تلك التي يشاهدونها على شاشة التلفاز.

وعن ذلك تتحدث والدة 3 أبناء «أسماء خالد» وتقارن ما بين أفلام الرسومات المتحركة التي كانت تشاهدها وهي طفلة.. والأفلام التي يتابعها أبناؤها في الفترة الحالية، إذ قالت: «إن الأفلام التي كنا نتابعها في صغرنا، كانت هادفة مسلية تبث السلام والاطمئنان وتعلّم الحنان أما الحالية فأكثرها يعلم العنف والكراهية حتى إن طريقة الكلام مزعجة وبعض منها لا تتكلم شخصياتها بلغة عربية سليمة مما يعلّم الأطفال لغة عربية ركيكة بالإضافة إلى التصرفات غير الصحيحة وتوجههم إلى القتال والكراهية».

أثر التكنولوجيا على تنشئة الطفل:
وعن هذه المشكلة قال رئيس قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة الهاشمية «د.يحيى العلي»: «إن التنشئة الاجتماعية من الوظائف الرئيسية على الأسرة، بجانب المؤسسات الداعمة لهذه التنشئة من المدرسة ورياض الأطفال والأقارب ووسائل الإعلام التي لا تقل أهمية عن تأثير الأسرة على الطفل».

وتابع «العلي»: «كما وأثبتت الدراسات أن الأفلام التي يشاهدها الطفل وما يلعبه من ألعاب إلكترونية تؤثر بشكل كبير على تنشئته، ولوحظ على الأطفال الذين يقومون بتصرفات عدوانية بأنهم يرونها من خلال وسائل الإعلام المختلفة ويحاكونها».

وبين «العلي» بالقول: «تتشكل شخصية الطفل وتكوينه في فترة ما قبل المدرسة ويتعلم الكلام والقيم وبها يتعرف على ذاته، وهنا إذا لم تأخذ المسلسلات والأفلام إلكرتونية عادات المشاهد والمجتمع وقيمه بعين الاعتبار وحتى أحيانا إذا لم تراعِ الناحية القانونية فيها ولا تعلمه سيؤدي إلى قبول هذه التصرفات من الطفل وتقنعه بمحاكاة هذه التصرفات على مستوى تفكيره».

ولفت العلي إلى أن هذه المسلسلات والأفلام تعد شريحة بأفكار ورسائل وتأثيرها لا يقل أهمية عن تأثير مؤسسات أخرى.

وما يتم عرضه على وسائل الإعلام المختلفة هام جدًا صياغة وتشكيلًا ويجب أن يكون هناك رقابة من والديه على البرامج والرسائل التي تُرسَل ومراقبة ما يشاهده الأبناء وبالأخص في العمر الذي يقل عن 13 عامًا في الساعات التي يقضونها أمام شاشات التلفاز أو على الأجهزة الذكية من أجهزة خلوية ولوحية وغيرها، وأن يبقى هناك مرافق له من أحد أفراد الأسرة لأن أي سلوك يراه سيحاكيه وبالتالي لا بد من وجود من يصحح له أية معلومة خاطئة أو غير مناسبة لثقافتنا، أو يعلمه المفاهيم ودلالتها ويوجهه ويوضح له ما يرى ولا يتركه وحده لأنه سيؤثر على بنائه ومفاهيمه.

حلول وقائية:
لكل مشكلة حلول عدة.. وعن بعضها كشف المستشار التقني في إحدى الشركات الخاصة «مايكل صايغ» بالقول: «يعتبر موقع اليوتيوب من أكبر المواقع العالمية إذ يحتل المركز الثالث بعد محرك البحث العالمي جوجل وموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وهو منذ تأسيس موقع يوتيوب عام 2005 إلى يومنا هذا أحدثَ ثورة في عالم الإنترنت فقد استطاع أن يدخل إلى عدد كبير من البيوت بسبب سهولة الفيديوهات التي يبحث عنها أي شخص عن طريق عملية البحث البسيطة الموجودة في الموقع». وتابع «صايغ»: «ساهم موقع اليوتيوب بظهور عدد كبير من المشاهير في العالم والوطن العربي بسبب إمكانية أي شخص رفع اي فيديو مجانًا مما أدى إلى وجود عدد هائل من الفيديوهات. ومع هذا الكم الهائل من الفيديوهات التي تحتوي على ما يبحث عنه المشاهد بسهولة، يقابله قلق كبير من قبل الأهالي بسبب سهولة وصول أطفالهم إلى أي فيديو وعدم القدرة على مراقبتهم خصوصًا مع تنوع الأجهزة مثل المحمولة والحاسب وغيره».

وليتمكن الأهل من مراقبة أبنائهم ومنع هذه الفيديوهات من الوصول إلى أطفالهم يصرح «صايغ»: «وذلك من خلال تطبيق YOUTUBE’S SAFETY MODE (PARENTAL CONTROLS) إذ تمكن هذه الخاصية الأهل من التحكم بمحتويات الموقع التي تظهر وفي حال ظهور أو البحث عن محتوى غير مناسب للأطفال يقوم الموقع بطلب الكلمة السرية ليتمكن الشخص من مشاهدة ما قام بالبحث عنه». ولتفعيل هذه الخاصية يبين «صايغ» قائلاً: «بعد تسجيل الدخول في الموقع اذهب إلى أسفل الصفحة الرئيسية حيث يوجد إعدادات الصفحة مثل اللغة والبلد وتقييد المحتوى، قم بتشغيل خيار تقييد المحتوى من خلال حسابك الشخصي على أي متصفح».

ويكمل «صايغ»: «في حال استخدام أي متصفح للإنترنت يجب تفعيل خاصية تقييد المحتوى لأنها تعمل على المتصفح وليس حساب اليوتيوب، وفي كل مرة يتم استخدام حساب جديد للبحث عن أي شيء في موقع اليوتيوب يتم طلب الكلمة السرية لحساب الشخص الذي قام بتفعيل هذه الخاصية لأنها تعمل على المتصفح وليس على الحساب».

للمزيد من المقالات:
طفلي مدمن السناب شات، كيف أتعامل معه؟
دراسة: الهواتف الذكية تهدد عيون الأطفال
هذه الإشارات تدل على صعوبة التعلم لدى طفلك!
أضرار إجبار الطفل على النوم