أنا شخصيا اعتبر حميتي الغذائية صحية، فأنا أكل الكثير من الخضار والفواكه خلال اليوم مقارنة مع السكاكر والكعك والمشروبات الغنية بالحليب والكريمة والدسم. ولكن ضع أمامي طبقا مليئا بالبطاطس المحمرة والصلصة ولن تجد رقاقة واحدة به بعد 5 دقائق. لماذا؟ لأننا مبرمجون على تناول الاطعمة الخفيفة والوجبات السريعة الغنية بالدسم، وبالرغم من الحميات الغذائية المختلفة وانماط الحياة الصحية التي نحاول التمسك بها، غالبا ما تفوز هذه الوجبات في النهاية!
ولكن ما الذي يجعل هذه الاطعمة شهية لدرجة اننا لا نستطيع أن نقاومها؟
وفقا لمجموعة دراسات، قد يكون السبب في اشتهائنا للوجبات السريعة، النكهات القوية للسكر، والملح، والدسم والتي تجعلنا نشعر بالشبع، والطاقة، والامتلاء فورا. ولكن حتى بعد الانتهاء من بعض الاطباق وشعورنا بالذنب، غالبا ما نجد أنفسنا نتوق لتناول المزيد في اليوم التالي، فما هو السبب الحقيقي يا ترى؟
وفقا لمقالة مذهلة نشرت مؤخرا في جريدة نيويورك تايمز الامريكية، هناك أسباب خفية تجذبنا الى الاطعمة والوجبات الخفيفة الدسمة:
1. المعايير الدقيقة: قبل خروج المنتج النهائي الى السوق، تقوم مصانع الاغذية بتوظيف مجموعة من الخبراء والمتطوعين لتذوق النكهات، وتقييم الجودة، والطعم العام للمنتج. وبالاستناد الى تلك المعلومات يقومون بتطوير النكهات، والشكل لضمان حصول المستهلك على النكهات التي تعجبه، ولهذا هناك منتجات تناسب كل بلد تقريبا، فهناك بطاطس حارة، وأخرى بالاعشاب وأخرى بالخل. كما أن هناك معايير دقيقة للملح، والدسم، والسكر، والنشويات: وهذه المعايير ترتبط بالشعور الرضا والاعجاب والرغبة في تناول المزيد. الفحص الاولي عبارة عن البوابة الرئيسة التي تمر منها الاطعمة الجيدة فقط.
2. التلاعب بالحواس: تقوم شركات الاغذية بقياس النكهات القوية بحذر بحيث لا تطغى نكهة ما على النكهات الاخرى فترهق حليمات التذوق في اللسان أو الشم. أحيانا يمكن للنكهات القوية والحارة أن ترهق الحليمات مما يسبب الابتعاد عن هذه المأكولات بينما يعمل المستوى المعتدل من النكهات على جذب حاسة التذوق والتلاعب بحاسة الشم. حتى ان بعض الاشخاص يبدئون باسترجاع ذاكرة نكهة الطعام قبل تناوله!
3. تُناسب طبيعة حياتنا: قد تتفاجئ أن السبب الاهم لادماننا على الوجبات السريعة والخفيفة هو سهولة الحصول عليها وادخالها الى نمط حياتنا السريع بدون مجهود يذكر. فكل ما عليك فعله عندما يبدأ الجوع بالتسلل الى معدتك هو التوقف عند اقرب مطعم وجبات سريعة وتناول ما تشتهي في دقائق معدودة، أو شراء كيس بطاطس أو كيس سكاكر وتناوله. وبالطبع مع النكهات والاضافات التي تحدثنا عنها سابقا تصل الى مرحلة الرضا والشبع أسرع مما تتخيل.
4. البرمجة المبكرة: من منا لم يتناول رقائق الفطور الملونة والمحلاة بالسكر والعسل، من منا لم يتناول سكاكر معينة في المناسبات ولم ينسى طعمها لحد الآن. يقول الخبراء بأن الاطعمة التي نتناولها في الصغر تشكل ذاكرة غذائية اساسية لنا عندما نكبر، ولهذا غالبا ما نعود ونتذكر الاطعمة التي كنا نتناولها في المراحل المبكرة من الحياة، ومنها رقائق البطاطس أو الشبس، السكاكر الملونة (كاندي)، والوجبات الخفيفة المختلفة التي كنا نستمتع بها مع الاصدقاء. ان تعويد الجسم على تناول هذه الوجبات يجعله اكثر ميلا لتناولها من الاطعمة الجديدة أو المختلفة فهي عملية برمجة مبكرة للاختيارات الغذائية.
5. كل شيء مدروس: قد تعتقد بأن ما تقدمه الشركات من اطعمة جاء عبثا أو قد تتسائل، لماذا هناك 3 حبات فقط من الشوكولاته في كل عبوة؟ وفقا للخبراء، هناك معايير للحصص الغذائية، تجعلنا نرغب في تناول المزيد، وبالتالي ما نحصل عليه في البداية هو مجرد طعم يجذبنا الى تناول المزيد من الطعام الذي نشتهيه. الاطعمة المعلبة لا تأتي عبثا أو من فراغ فلكل كمية عدد محدد من السعرات، النكهات والاضافات التي تداعب حليمات التذوق وتجعلنا نرغب في المزيد أو التوقف.
وأخيرا، الوجبات الخفيفة أو السريعة ليست مجرد وجبات عادية، هناك صناعة كاملة تقف خلفها ومجموعة خبراء يقومون بفحص وتجربة كل حبة سكاكر أو رقاقة بطاطس قبل أن تدخل الى فمك.