الدهون والتدخين والضغوط أسباب الأزمات القلبية

تاريخ النشر: 28 سبتمبر 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

حذرت دراسة دولية حديثة من أن التدخين وارتفاع نسبة الدهون في الدم والضغوط التي يتعرض لها الانسان هي أكثر ثلاثة عوامل مسببة للازمات القلبية على الرغم من ان ارتفاع نسبة الدهون يتصدر القائمة. 

 

وكشفت الدراسة عن أن ارتفاع نسبة الدهون في الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول والترايجلسريد (الدهون الثلاثية) يرفعان من مخاطر الاصابة بالازمات القلبية 25.3 مرة. أما التدخين فيزيد من احتمالات الاصابة 9.2 مرة أما الضغوط النفسية فتزيد منها 7.2 مرة. 

 

وضمت القائمة أيضا تسعة عوامل منها البول السكري وضغط الدم الوراثي وسمنة البطن. وكشفت الدراسة أن هذه العوامل مسؤولة عن 90 بالمئة من حالات الاصابة بمرض القلب في جميع أنحاء العالم. 

 

وخلصت الدراسة، حسب وكالة الأنباء الألمانية، إلى هذه النتائج التي نشرتها صحيفة لانسيت جورنال الطبية بعد دراسات مكثفة شملت أكثر من 15 ألف حالة لمرضى القلب من 52 دولة، وشددت الدراسة على أهمية ممارسة الرياضة وتناول الخضراوات والفاكهة والاعتدال في تناول المشروبات الروحية. 

 

وأشارت الدراسة إلى أن الاستهلاك اليومي للخضر والفاكهة هو الواقي الأول من مخاطر الأزمات القلبية وتأتي بعده التدريبات الرياضية المنتظمة والاستهلاك المعتدل للكحوليات. 

 

ويقول رئيس مجموعة البحث الاستاذ سالم يوسف من جامعة ماكماستر في كندا "هذه النتائج ثابتة في كل المناطق الجغرافية في العالم وبين كل الجماعات العرقية والرجال والنساء وأيضا الشباب والشيوخ". 

 

وأضاف "لهذا فإن تقليل عوامل الخطر المعروفة حاليا يمكن أن يؤثر على حماية الحالات المتقدمة من أمراض القلب على مستوى العالم". 

 

وأجرى الباحثون تحليلا مفصلا قارن بين حالة 15 ألف مريض بحالة عدد مماثل من الاصحاء متساوين في السن والنوع ومكان الاقامة كما أجريت دراسات مفصلة على الحالة النفسية والعوامل الاجتماعية التي تؤثر في تزايد مخاطر الاصابة بالازمات القلبية. 

 

وطرح الباحثون أسئلة على 11 ألفا من مجموعة المرضى الأصلية وعلى 600.31 من مجموعة الاصحاء حول الضغوط في العمل وفي المنزل والمخاوف الاقتصادية والاحداث الكبرى التي مرت بحياتهم خلال العام الماضي. 

 

وكشفت الدراسة عن أن ضغوط العمل لها التأثير الاكبر حيث تعرض 23 بالمئة من أفراد العينة المصابين بأمراض القلب لضغوط في العمل مقارنة بنحو 18 بالمئة فقط من مجموعة الاصحاء. أما عن الضغوط المنزلية فقد عانى منها 12 بالمئة من أفراد العينة المريضة مقابل 9 بالمئة فقط من الاصحاء. 

وبشكل عام تتسبب الضغوط في أكثر من عشرين بالمئة من الازمات القلبية على مستوى العالم. 

 

وهذه الدراسة ليست الأولى من نوعها حيث أكدت دراسات وأبحاث علمية سابقة أجراها باحثون من جامعة هايدلبيرغ الألمانية أن الإجهاد والتوتر النفسي والخوف الدائم عوامل تؤدي إلى خلل في تركيبة ووظائف خلايا الجسم مما يتسبب بالإصابة بأمراض والتهابات عديدة تؤدي إلى الوفاة أحيانا .  

 

واوضح تقرير نشرته صحيفة سود دويتشى الألمانية نقلا عن رئيس فريق الباحثين بروفيسور بيتر نافورت، أن الإجهاد والتركيز الدائم والخوف تعمل على إفراز كميات كبيرة من هرمون الأدرينالين وهرمون نورادرينالين في الدم والتي تعمل بدورها على إتلاف شرايين الجسم ومن ثم الإصابة بأمراض كثيرة منها أمراض القلب والدورة الدموية والجلطات الدماغية .  

 

ونصحت الدراسة العاملين من مختلف الشرائح العمرية من كلا الجنسين بعدم مزاولة أعمالهم سواء كانت جسمانية أم ذهنية لفترات طويلة واللجوء إلى استراحات أثناء ساعات العمل لمنع استمرار تركيز الهرمونات الضارة بالدم وبالتالي حدوث تغيرات سلبية في الخلايا وما ينتج عن ذلك من أمراض .  

 

هذا ومن الجدير ذكره، أن الأزمات والظروف المحيطة بالفرد تؤدي دورا كبيرا في بلورة الحالة النفسية له والتأثير في سلوكياته من خلال القلق المتواصل والتوتر وزيادة حدة الاكتئاب.  

 

حيث أوضح أستاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور خضر بارون، أن الاكتئاب هو من أقدم الأمراض النفسية وأكثرها انتشارا وتدميرا للإنسان التي قد تصل إلى التفكير بالانتحار أو الانتحار فعلا إذ يعوق الفرد من أداء دوره الاجتماعي المنوط به وتوقفه عن توافقه وارتقائه بنفسه إضافة إلى عدم القدرة على إعطاء الحب وكراهية الذات.  

 

وأضاف الدكتور بارون أن المصاب بالاكتئاب تنتابه مشاعر من الحزن والتشاؤم والخوف واليأس والقنوط إضافة إلى اضطراب الذاكرة وتوقع الفشل وخيبة الأمل في الحياة. وقال إن الاضطرابات الوجدانية أكثر احتمالا للحدوث بين النساء عنها من الرجال مضيفا "بشكل عام لاحظ علماء النفس أن النساء هن أكثر ميلا للتفكير بالانتحار من الرجال بثلاث مرات إلا أن الرجال ينتهون بقتل أنفسهم بالانتحار أكثر من النساء ". وعزا ذلك إلى أن الرجال يتبعون طرقا أنجح للانتحار من النساء في حين ينتشر الاكتئاب بين المسنين الرجال أكثر من النساء وذلك بسبب تدني قدراتهم الفسيولوجية والشعور بالوحدة وعدم القدرة على إنجاز المهام كما كان في السابق.  

 

وأوضح الدكتور بارون أن هناك انفعالات ومشكلات من الطبيعي أن يشعر بها الفرد في مثل هذه الظروف مثل الخوف من حدوث الأذى له وللأشخاص الذين يحبهم أو الشعور بأنه ليس لديه القدرة على التعامل مع هذه الأزمة بالشكل الصحيح أو الحزن بسبب توقع الموت أو الإصابة وفقدان الأحباء والأصدقاء.  

 

وأضاف أن جميع الأفراد قد تنتابهم هذه المشاعر ولكن بدرجات متفاوتة كما تختلف ردود الأفعال تجاه الأزمات من فرد إلى آخر إذ قد ينهار بعض الأفراد بسرعة نتيجة لتعرضه لاضطرابات نفسية وجسدية في حين يصمد البعض الآخر أمام هذه الضغوط. وأرجع الدكتور بارون ذلك إلى تباين درجات فجائية الصدمة إضافة إلى الخبرات الشخصية للفرد في التوافق مع أزمات وضغوط سابقة.  

 

وشدد على ضرورة التعامل مع الظروف الطارئة بعقلانية وموضوعية والتعبير عن المشاعر الداخلية بحرية ومشاركة الآخرين في ذلك دون المبالغة في التعبير عن المشاعر إضافة إلى التواجد مع الجماعات التي تعطي الاهتمام لما يحدث والحديث حول الظروف الطارئة وتداعياتها.  

 

وأضاف قائلا " لابد من جعل الحياة طبيعية قدر الإمكان وذلك بعدم الاستسلام للأحزان أو الضغوط النفسية من خلال ممارسة نفس السلوك المعتاد الذي كان يقوم الشخص به". ودعا الدكتور بارون إلى ممارسة الرياضة يوميا لأن ذلك يبدد المخاوف والتوتر والقلق إضافة الى أخذ القسط الوافر من النوم والراحة ومشاركة بعض الأصدقاء المقربين في وقت الفراغ.  

 

وأشار إلى ضرورة ان يتذكر الإنسان ان هناك بصيص أمل يمضي الى النور في نهاية ممر الأزمة وأن الأزمات مهما طال أمدها فمآلها الى الانفراج.  

 

ووافق على ذلك أستاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور كامل الفراج الذي دعا إلى ضرورة ممارسة الرياضة بصورة دورية لأنها تساعد الجسم على التخلص من المركبات الهرمونية والعصبية التي تحفز القلق والإكتئاب. وأوضح ان هناك ثلاث مراحل رئيسية يتفاعل بها الإنسان مع الأزمات الأولى تتعلق بمرحلة الترقب وتوجس حدوث الأزمة وكيف سيكون الحال وقت وقوعها والمرحلة الثانية هي المرحلة التي تقع بها الأزمة ويتم التعامل مع جوانبها في حين تتعلق المرحلة الاخيرة بالتعامل مع إفرازات ونتائج حدوث الأزمة.  

 

وأضاف قائلا " لقد ثبت علميا أن أصعب مراحل التعامل مع الأزمات يكمن في المرحلة الأولى إذ عادة ما يكتنفها الغموض الذي يعتبر من أكبر محفزات القلق كما أنها أهم مرحلة تستدعي تدخل الخدمة النفسية إذ تسبب أعراضا نفسية لدى الأشخاص الذين يملكون استعدادا للإصابة بأعراض الاكتئاب او القلق".  

 

ويعرف علماء النفس القلق بأنه خوف غامض من شيء لم يحدث بعد كما تكون هناك مساحة رمادية للذي يعاني من القلق في إطلاق العنان لخياله وتوقع الجانب الأسوأ من الحدث. وبين الدكتور الفراج أن ما يعمق مشاعر القلق في هذه المرحلة سريان الإشاعة الكاذبة التي يطلقها البعض بصورة غير مسؤولة للحصول على انتباه الآخرين أو بغرض التسلية وتكون الإشاعة أرضية خصبة لانتشار القلق غير المبرر عقليا._(البوابة)