تصحيح الأجور في لبنان: ماذا خسر الأجراء وماذا ربح أصحاب العمل؟

تاريخ النشر: 14 ديسمبر 2011 - 05:11 GMT

قضية تصحيح الأجور لم تنته فصولاً بعد، فالاتصالات متواصلة لإيجاد مخرج جديد للحكومة، قد يفضي الى التراجع للمرّة الثانية عن قرارها، فيما تستعد هيئة التنسيق النقابية لتنفيذ اضرابها غداً والتظاهر عند الحادية عشرة من قبل الظهر من السوديكو نحو السرايا الحكومية بمشاركة واسعة من قوى ومجموعات سياسية ونقابية وشبابية تنفّذ هيئة التنسيق النقابية اضراباً غداً الخميس بهدف اسقاط قرار مجلس الوزراء الاخير المتعلّق بتصحيح الاجور، فيما دعت احزاب ونقابات ومجموعات شبابية الى المشاركة الكثيفة في التظاهرة التي دعت اليها الهيئة عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم نفسه من تقاطع بشارة الخوري - السوديكو الى السرايا الحكومية للمطالبة بتصحيح عادل للاجور وإقرار الضمان الصحي الشامل لجميع اللبنانيين المقيمين وفرض الضرائب على الارباح العقارية وارباح الفوائد وإيجاد فرص العمل للشباب من اجل الحدّ من الهجرة والبطالة. في هذا الوقت، تواصلت الاتصالات السياسية الرامية الى اعادة طرح مشروع وزير العمل شربل نحّاس للنقاش على طاولة مجلس الوزراء بعد تجاهله في المرتين السابقتين خلافاً للأصول الدستورية، ويتولّى حزب الله هذه الاتصالات، وقد طرح وزير الزراعة حسين الحاج حسن في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة مساء الاثنين الماضي ضرورة الاستجابة سريعاً تحت عنوان «التراجع عن الخطأ فضيلة».

في حين أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري باشر اتصالات موازية بهدف إمرار القرار الأخير بعد استكماله بإجراءات «مكمّلة» تستهدف زيادة بدل النقل «المؤقّت» بقيمة 2000 ليرة عن كل يوم عمل فعلي، وإقرار دعم المازوت، وتشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي ليكون المكان الذي يناقش فيه مشروع نحّاس، بحسب ما تتداوله الاوساط النقابية والهيئات الاقتصادية... الا أن الرئيس ميقاتي أبلغ بأن هذه الاجراءات ليست كافية ولا مفر من اعادة طرح الملف برمته امام مجلس الوزراء، ولا سيما في ضوء التوقّعات بأن يعمد مجلس شورى الدولة الى رفض الموافقة مجدداً على مشروع المرسوم الذي احاله وزير العمل اليه لأخذ رأيه بمدى قانونيته.

وقد وضع الوزير شربل نحّاس مذكّرة تتضمن ملاحظاته على قرار مجلس الوزراء الاخير الذي قضى بزيادة الحد الادنى للاجور الى 600 الف ليرة، وزيادة غلاء المعيشة بنسبة 30% على الاجر الشهري بين 500 الف ليرة ومليون ليرة، على ان لا تقل الزيادة عن 150 الف ليرة ولا تزيد على 200 الف ليرة، وبنسبة 20% على الاجر الشهري الذي يفوق المليون ليرة على أن لا تتعدى الزيادة 275 الف ليرة. وزيادة الحد الاقصى للمنح المدرسية الى مليون و500 الف ليرة...

وتضمّنت هذه المذكرة مقارنة توضح مكاسب الاجراء والكلفة على اصحاب العمل بين قرار الحكومة الاخير وقرارها السابق الذي قضى بزيادة الحدّ الادنى للأجور الى 700 الف ليرة وزيادة 200 الف ليرة لفئة الاجور دون مليون ليرة و300 الف ليرة لفئة الاجور بين مليون ومليون و800 الف ليرة وزيادة بدل النقل الى 10 آلاف ليرة يومياً وزيادة سقف المنحة التعليمية الى مليون و500 الف ليرة. كذلك شملت المقارنة مشروعه الذي يتضمن الآتي:

- رفع الحد الادنى الرسمي للأجور الى 861 الف ليرة بعد ضم بدل النقل اليه (يضاف الى ذلك دعم من الدولة بقيمة 77 الف ليرة ليرتفع الحد الادنى الفعلي الى 938 الف ليرة).

- زيادة بدل النقل الى 236 الف ليرة شهرياً وضمّه الى الأجر قبل تصحيحه بنسبة 17% على شطر مليون ليرة من الاجر. على ان تحتسب الفوائد التي يراكمها صندوق الضمان على توظيفاته في تكوين المؤونات لدى المؤسسات لتغطية فروقات تعويضات نهاية الخدمة، ما يحرر أموالاً خاصة كبيرة لهذه المؤسسات.

- تقديم دعم من الدولة للأجور بنسبة 9% على شطر مليون و500 الف ليرة من الاجر، وذلك عبر تسديد الخزينة العامّة الاشتراكات لصندوق المرض والامومة لتتحول قيمة هذه الاشتراكات الى زيادة فعلية على الاجر، ما يزيد مكاسب الاجراء ويخفف الكلفة على اصحاب العمل، على أن يتحوّل هذا الدعم الى زيادة فعلية على الاجر بعد إلغاء الاشتراكات وتطبيق التغطية الصحّية الشاملة لجميع اللبنانيين المقيمين المموّلة من ضرائب على الارباح العقارية وأرباح الفوائد.

- إلغاء صفة المؤقت للمنحة التعليمية ووضعها في اطارها القانوني في فرع التعويضات العائلية والتعليمية في صندوق الضمان بعد رفع الاشتراكات من 6% الى 9% وتحديد قيمة المنحة بنحو 40 الف ليرة شهرياً عن كل ولد حتى سقف 160 الف ليرة شهرياً، اي ان المنحة سترتفع الى مليون و920 الف ليرة شهرياً يتقاضاها الاجير مع اجره الشهري وفق الآلية المتبعة لتسديد التعويضات العائلية.

- شمول جميع اللبنانيين المقيمين بالضمان الصحي لتعميم المكاسب من تصحيح الاجور على نحو ثلثي القوى العاملة غير المعنية بتصحيح الاجور النقدية، وبالتالي إلغاء الاشتراكات التي تُعدّ بمثابة اقتطاع ضريبي على العمل، ما يحفّز التشغيل في الوظائف النظامية.

- دعم فرص العمل للشباب عبر تسديد الدولة للاشتراكات المستحقة على كل موظّف يعمل لأول مرّة، وذلك عبر المؤسسة الوطنية للاستخدام وبصيغ تعاقدية مع المؤسسات تمتد على 5 سنوات وبشروط لا تسمح باستبدال عمالة سابقة بأخرى جديدة.

- دعم الانتاج من خلال تغذية المناطق الصناعية والمؤسسات الصناعية الكبرى بالتيار الكهربائي بنحو تفضيلي.

وتبيّن الرسوم البيانية المرفقة مع هذه المذكّرة المكاسب التي كان يمكن أن يحصل الأجراء والأكلاف التي كانت ستترتب على اصحاب العمل بموجب قراري الحكومة السابق والحالي ومشروع نحّاس نفسه، اذ تبلغ الكلفة على اصحاب العمل في مشروع نحّاس نحو 9.3% فقط بالمقارنة مع 14.5% في قرار الحكومة القديم و14.7% في قرار الحكومة الحالي، في حين ان الاجراء كانت مكاسبهم ستبلغ 21.8% في مشروع نحّاس.