"امراء" الكهرباء يفرضون قانونهم في بغداد

تاريخ النشر: 29 يونيو 2010 - 05:37 GMT
موظف في شركة الكهرباء يقوم بنزع اسلاك غير قانونية في بغداد
موظف في شركة الكهرباء يقوم بنزع اسلاك غير قانونية في بغداد

 

 يفرض "امراء" المولدات الكهربائية في بغداد قانونهم الخاص مع تفاقم الازمة في هذا القطاع الحيوي فيستغلون الاوضاع غير المستقرة لتحقيق مكاسب مرتفعة عبر خداع المشتركين ببيعهم طاقة من الشبكة الحكومية فضلا عن اتباعهم اساليب احتيالية اخرى.
ويؤكد العديد من المشتركين ان اصحاب المولدات يفرضون اسعارا مرتفعة تتعدى تلك التي حددتها مجالس المحافظات، وخصوصا في بغداد.
وسبق ان حدد مجلس محافظة العاصمة سعر الامبير بسبعة الاف دينار (اقل من ستة دولارات) لعشر ساعات يوميا مع التعويض عنها اذا تلازمت مع تغذية مصدرها الشبكة الحكومية.
لكن سرمد محمد المقيم في شارع فلسطين، شرق بغداد، يؤكد انه يدفع 26 الف دينار (22 دولار) للامبير الواحد مقابل تجهيز عشرين ساعة في اليوم.
واضاف "يتحكم بنا امراء المولدات او البارونات الجدد (...) لم يطرق بابي اي مسؤول للاستفسار عن المبالغ التي ادفعها لصاحب المولد، ولا اعرف الى اين اذهب للشكوى. انهم يقومون باستغلالنا بشكل معيب وليس من معين".
وتابع محمد "انا مرغم على شراء الطاقة لان البدائل محدودة، ولدي اطفال صغار السن لا يتحملون درجات حرارة مرتفعة".
وانطلقت في مناطق عدة مؤخرا موجة من التظاهرات الصاخبة احتجاجا على نقص الطاقة الكهربائية اسفرت عن مقتل شخصين في البصرة، ما دفع بوزير الكهرباء كريم وحيد الى الاستقالة.
وشهد العراق وخصوصا المناطق الجنوبية، قبل اسبوعين، موجة من القيظ الخانق حيث قاربت درجات الحرارة الستين في الجنوب والخمسة والخمسين في بغداد.
واثر هذه الاحداث، امر رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بحملة ضد المتجاوزين على شبكة الكهرباء الوطنية مؤكدا في الوقت ذاته حل هذه الازمة سيستغرق سنتين على الاقل.
وبين محاولات الحكومة غير الفاعلة ومطالب السكان، برز "امراء" المولدات كقوة تفرض ما تريده دون رقيب او حسيب.
ويقوم عدد منهم بسرقة الكهرباء الوطنية من مناطق مجاورة وبيعها لمناطق اخرى باسعار مرتفعة جدا، بدلا من تشغيل مولداتهم.
يشار الى ان التيار الكهربائي يعمل في منطقة وينقطع في منطقة اخرى، ويستفيد "امراء" المولدات من ذلك عبر تجاوزهم على شبكة الكهرباء الحكومية.
من جهته، قال علي عدنان الذي يسكن في حي زيونة الراقي في وسط بغداد ان "صاحب المولد يبيعنا الكهرباء الحكومية، باسعار مرتفعة (...) نحن نعرف ذلك وماذا تريدنا ان نفعل؟ لا نستطيع البقاء دون كهرباء بسبب القيظ القاتل".
وشنت السلطات بعد الاحتجاجات حملة امنية ضد التجاوزات بدأت الاحد الماضي مؤكدة توفير 30 ميغاواط في اليوم الاول.
ومنذ سنوات يعاني قطاع الكهرباء في العراق عموما من نقص في انتاج الطاقة جراء تعرض المحطات وشبكات النقل الى اضرار كبيرة عند اجتياح البلاد العام 2003، وما اعقبه من اعمال تخريب.
ويعتمد العراقيون، وخصوصا في بغداد، على مولدات الطاقة لمعالجة النقص المستمر الذي يصل الى حوالى 18 ساعة في اليوم.
الى ذلك، يعمد بعض اصحاب المولدات الى قطع التيار على المشتركين بذريعة سحب طاقة اكثر من تلك المقررة مسبقا، ولا يعيده الا بعد ساعات عدة.
وفي هذا السياق، قال ابو سيف "الغيت اشتراكي وقمت بشراء مولد خاص من كثرة ابتزاز صاحب المولد الذي كان يمدني بالكهرباء قبل ان يقطعها بحجة سحب امبيرات اكثر من المقرر".
واضاف "قام في احدى الليالي بقطع الكهرباء عني، فانتظرت مدة ساعة من دون نتيجة، ثم خرجت بعد منتصف الليل لاستفسر عن السبب، وفوجئت بقوله: اذا كنت تريد ان اعطيك كهرباء، فيجب ان تلتزم بحصتك، والا فلن تراها مجددا".
ويضع كثيرون مولداتهم وسط الاحياء السكنية دون الاخذ في الاعتبار الازعاج الشديد الناجم عن ارتفاع الصوت، فضلا عن الاضرار البيئية.
وقال احد اصحاب المولداتان "عددا من زملائي يستخدمون النفط الاسود الرخيص، ويمزجونه مع الديزل بغرض توفير المال، متجاهلين الاضرار البيئية التي تخلفها هذه المادة".
واضاف ان "الحكومة تمد المولدات بالديزل، لكن اصحاب النفوس الضعيفة يريدون جني ارباح اكثر فيقدمون على شراء نفط اسود رخيص الثمن لتشغيل مولداتهم".
واوضح ردا على سؤال ان "التنافس بين اصحاب المولدات في المناطق الشعبية يعتبر العامل الرئيسي في تحديد سعر الامبير، لا التسعيرة التي تضعها السلطات".
و كل مولد لديه مئة مشترك كمعدل وسطي في حين ان الحد الادنى يبلغ 500 امبير.
وختم قائلا ان "المجالس لا تحاسبنا على الاسعار، والمواطنين لا يجدون من يشتكون اليه".
ويبلغ انتاج الطاقة الكهربائية اقل من ثمانية الاف ميغاواط حاليا بينما الحاجة الفعلية بحدود 14 الف ميغاواط.
وتشير تقارير اعلامية الى معلومات يتداولها المواطنون حول اتفاق بين اصحاب المولدات والمسؤول عن الشبكة الحكومية على تغذية مناطقهم خلال ساعات تشغيل مولداتهم.

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن