يستوجب تناول المشكلات التي يعانيها العاملين والعاملات في قطاع الزراعة التطرق إلى أن من العوامل الموضوعية المسببة للمشكلات ليتسنى تفسير ما يواجهه قطاع الزراعة من تحديات ألقت بظلالها القاتمة على العاملين سواء أكانوا من العمالة الأردنية أو العمالة المهاجرة (الوافدة). إذ يعد عدم توفر مصادر المياه أحد أهم العقبات التي تواجه قطاع الزراعية علاوة على غياب مساندة الجهات المختصة للمزارعين من جهة تسويق منتجاتهم الزراعية، إضافة إلى ارتفاع كلف المستلزمات والمواد الزراعة مثل الأسمدة والبذور والعلاجات والمبيدات بأنواعها بشكل تدريجي.
ومن الجدير بالذكر أن المساحات الصالحة للزراعة في الاردن تبلغ ( 3.1 ) مليون دونم منها (736) ألف دونم من الزراعة المروية من بينها (316) ألف دونم في وادي الأردن والأغوار الجنوبية، و (420) ألف دونم في المرتفعات والمناطق الصحراوية. وبينت نتائج التعداد الزراعي أن القطاع الزراعي قد تراجع من حيث مساهمته في الدخل القومي وتقلصت المساحة الزراعية وتفتت الملكيات الزراعية وانخفض عدد الحيازات ضمن الفئات متوسطة الحجم وانخفض نصيب الفرد من الأراضي الزراعية.
ويشتكي العديد من العاملين في الزراعة أن العمل في الزراعة أصبح غير مجدي بسبب عدم وجود سياسات حكومية فعالة لحل مشاكل هذا القطاع المتمثلة بعدم توفر المصادر المائية وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج التي تحتكرها بعض الجهات.
وما ساهم في مفاقمة مشكلة قطاع الزراعة انتشار ثقافة بين مواطني الأغوار بعدم جدوى العمل في الزراعة نظر لضعف المردود المادي الذي يقابله مشقة كبيرة.
هذا الى جانب عزوف العمالة الوطنية (الأردنية) عن العمل في قطاع الزراعة فتح الباب إمام العمالة المهاجرة (الوافدة) المصرية والأسيوية والسورية لتحل مكان العمالة الوطنية التي انحصر نصيبها في أعداد قليلة من العمالة التي يغلب عليها العنصر النسائي.
وان كانت العمالة الوافدة قد حلت بعض الشيء الخلل الناتج عن غياب العمالة الوطنية وما خلفه من انعكاسات سلبية على القطاع الزراعي، إلا انه تولد عنها جملة من المشكلات تتعلق بالعامل من جهة ظروف العمل الشاقة وتدني الأجور، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية كالإجازات والضمان الاجتماعي وتحوله إلى سلعة في بعض الأحيان بيد "تجار العمالة المهاجرة - الوافدة"، أما على صعيد أصحاب العمل فقد خلقت العمالة الوافدة مشكلة تتمثل في عدم التزام العمال وهروبهم إلى مهن أخرى تدر عليهم دخولا أفضل دون قدرة على ضبطهم نتيجة لغياب التشريعات التي تنظم العمل في هذا القطاع وتكفل حقوق الطرفين.
أرقام وإحصائيات
كغيره من القطاعات الاقتصادية الأردنية، توجد صعوبة كبيرة في الحصول على معلومات دقيقة حول أعداد العاملين في قطاع الزراعة، سواء كانت هذه العمالة محلية أو مهاجرة (وافدة). ويمكن الاستناد على عدد تصارح العمل الممنوحة للعمالة الوافدة من قبل وزارة العمل لتقديم تصور تقريبي لأعداد العاملين في القطاع الزراعي، وهذا يعد الخيار الوحيد أمام معدي التقرير، لعدم توفر مصادر أخرى توفر معلومات عن العاملين في القطاع الزراعي الأردني.
وبحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة العمل حتى إعداد التقرير، نهاية شهر تشرين الثاني 2010، فقد منحت وزارة العمل الأردنية ما يقارب (285) الف تصريح عمل، بلغت حصة العاملين في الزراعة والصيد منهم ما يقارب (81) الف تصريح عمل.
وشكلت العمالة المصرية الغالبية الساحقة بما يقارب (97%) إذ بلغ عددهم (79) الف عامل مصري، تلاها العمالة الشرق أسيوية (الباكستان والهند وبنغلادش) بما يقارب ( 1770 ) عامل، فيما سجلت العمالة السورية (110) عامل، والجنسيات الأخرى سجلت (220) عامل.
وعلى الرغم من توفر هذه الأرقام، الا أنه وإذا أخذ بعين الاعتبار أن هنالك أعداد كبيرة جدا من العمالة المهاجرة (الوافدة) غير الحاصلة على تصاريح عمل حسب الأصول، فإن الأعداد الفعلية للعمالة الوافدة في قطاع العمل ستفوق هذه الأعداد الرسمية كثيراً.
وفيما يتعلق بالعمالة الوطنية (الأردنية) في القطاع الزراعي، فلا توجد أية إحصائيات لأعدادها، بل تقديرات يمكن اجمالها ب (10%) من مجمل العاملين في القطاع الزراعي الأردني، وغالبيتهم من النساء، ويعود ضعف مشاركة العمالة الوطنية في القطاع الزراعي إلى عدم توفر الحدود الدنيا من شروط العمل اللائق وعلى وجه الخصوص الأجور المتدنية بالمقارنة طبيعة العمل الشاقة التي يتسم بها القطاع الزراعي بالمقارنة مع النشاطات الاقتصاديات الأخرى، الأمر الذي يدفع العامل الأردني للعزوف عن العمل في هذا القطاع والبحث عن فرص عمل أخرى.
مخالفات وانتهاكات صريحة
يرزح العاملون في القطاع الزراعي تحت وطأت ظروف عمل شاقة وقاسية، فإضافة الى ساعات العمل الطويلة التي تتجاوز الحد القانوني والتي تصل في بعض الحالات إلى 13 ساعة عمل يوميا، فإن العاملون في القطاع الزراعي محرومون من العطل الرسمية بما فيها يوم العطلة الأسبوعية (يوم الجمعة). وهذا يعد مخالفة صريحة لنص المادة (57) من قانون العمل الأردني التي تشير الى عدم جواز تشغيل العاملين أكثر من 8 ساعات يوميا، الا في حالات خاصة ولفترة لا تزيد عن 30 يوما في السنة وبحد أقصى ساعتين يوميا، على أن تحسب عملا اضافيا مقابل أجر حده الأدنى ساعة وربع مقابل كل ساعة من أجره المعتاد حسب نص المادة (59) من القانون. هذا الى جانب أن اجبار العامل على العمل لساعات طويلة يدخل في اطار "شبهة العمل الجبري" التي تعد جريمة وفق القوانين الأردنية ومعايير العمل الدولية.
كذلك يعاني غالبية العاملين في القطاع الزراعي من تدني الأجور التي يتقاضونها مقابل عملهم، الأمر الذي ينعكس سلباً على واقعهم المعيشي، ففي الوقت الذي تحدد فيه الحكومة الحد الأدنى للأجور بـ (150) دينار، فإن هنالك أعداد كبيرة من العمال المهاجرين (الوافدين) العاملون في القطاع الزراعي يتقاضون أجورا تقل عن الحد الأدنى للأجور. والتي تعد أيضا مخالفة صريحة لقرار اللجنة الثلاثية التي وضعت حدا أدنى للاجور بواقع (150) دينارا شهريا، والذي يتسم بصفة الإلزامية.
وهذا المستوى المتدني من الأجور التي يتقاضاها العامل الزراعي لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية له. وفي الوقت الذي يقر العديد من أصحاب العمل فيه بأن الغالبية العظمى من العمالة المهاجرة (الوافدة) تتقاضي الحد الأدنى للأجور أو دونه، فهنالك فئة قليلة من العاملين يتقاضون أجورا تزيد عن الحد الأدنى للأجور يصل بعضها الى (250) دينارا شهريا، ويعتمد ذلك على خبرات العمل الطويلة التي يمتلكونها في مجال الزراعة.
وتتعدد أشكال دفع الأجور في هذا القطاع، ويعود ذلك الى الاتفاق المسبق بين العامل وصاحب العمل، ( ولأن العلاقة بين الطرفين ليست متكافئة، فغالبا ما يتحدد شكل دفع الأجر حسب رغبة صاحب العمل)، إذ يتقاضى بعض العمال أجورهم بشكل يومي وهم القلة، بينما يتقاضى آخرون اجورهم بشكل شهري وهم الغالبية، في حين يتقاضى نسبة غير قليلة منهم أجورهم بعد انتهاء الموسم الزراعي مقابل حصولهم على سلف مالية تكفي احتياجاتهم اليومية. الأمر الذي يعد مخالفة صريحة لنص المادة (46) من قانون العمل الأردني التي تنص على ضرورة تسليم العامل أجره في مدة أقصاها اليوم السابع من الشهر الذي يلي الشهر الذي عمل فيه العامل. وسجلت عشرات الحالات التي امتنع فيها أصحاب العمل (أصحاب المزارع) عن إعطاء العمال أجورهم بحجة خسارة الموسم الزراعي، إما بسبب انخفاض أسعار المنتجات الزراعية أو انهيار الموسم الزراعي.
وفي الوقت الذي يوفر فيه غالبية أصحاب العمل (أصحاب المزارع) أماكن السكن للعمالة المهاجرة (الوافدة) والتي تكون عادة داخل المزارع أو بالقرب منها، وغالبية المساكن المخصصة لهم معدة من الصفيح أو البلاستيك، وتشكل انتهاكاً آخر الى الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرين (الوافدين)، حيث يشترك فيها عدد كبير من العمال يصل في بعض الأحيان 20 عامل في الغرفة الواحدة او غرفتين، تخدمهم دورة مياه واحدة، ووصف العديد من العاملين أنهم أحيانا ينتظرون أكثر من نصف ساعة حتى يأتي دورهم للدخول الى دورة المياه لقضاء حاجاتهم خاصة في الصباح. وعلى الرغم من أن غالبية العمال يسكنون داخل المزارع أو بالقرب منها، الا أن أصحاب العمل لا يوفرون لهم غذائهم، ما يستنزف أجورهم، وهذه الأوضاع أكدها العديد من أصحاب العمل الذين تمت مقابلتهم.
وفي انتهاك أخر لحقوق العمال ومخالفة لقانون العمل، لا يتمتع العمال المهاجرين (الوافدين) في القطاع الزراعي بالتأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي، وأشار العمال الذين تمت مقابلتهم، أنهم وفي حال تعرضهم إلى إصابة عمل يضطرون للعلاج على حسابهم الخاص، فيما أشار البعض الآخر وأكده بعض أصحاب العمل أن التعامل مع إصابات العمل يختلف باختلاف صاحب العمل، فبعض أصحاب العمل بتحمل نفقات علاج عمالهم بدوافع انسانية، والبعض الآخر لا يكترث لذلك.
وفيما يخص الضمان الاجتماعي فإن الغالبية الساحقة من العاملين في الزراعة غير مشمولين بالضمان الاجتماعي، ويبرر بعض أصحاب العمل ذلك بأن ذلك يرتب عليهم نفقات اضافية، والبعض الآخر يعلل الأمر بعدم استقرار العمالة الوافدة، وهذا يعد مخالفة صريحة لنص المادة (4) من قانون الضمان الاجتماعي التي تطالب بضرورة شمول جميع العاملين في الأردن وبدون تمييز بمظلة الضمان الاجتماعي.
ونتيجة لطبيعة العمل الزراعي ومواسمه، يجد العمال أنفسهم مطالبين بالبحث عن عمل يعتاشون من خلاله بعد تسريحهم من قبل أصحاب العمل في نهاية الموسم الزراعي ووقف صرف رواتبهم، إذا يمتد الموسم الزراعي لمدة ثمانية أشهر بداية من تشرين أول/ أكتوبر ولغاية أيار/ مايو ، يقوم غالبية أصحاب العمل في نهاية أيار/ مايو من كل عام بتسريح العمال على أن يعودوا مع بداية الموسم الزراعي بهدف تخفيف الكلف المالية، ما يفاقم الأوضاع المعيشية سوأ للعمال.
بيئة عمل طاردة
إن صعوبة الأوضاع المعيشية وغياب الشروط والحقوق الأساسية للعمل إضافة إلى تدني أجور العاملين الوافدون في القطاع الزراعي تدفع بهم وخاصة المصرين إلى الهروب من العمل الزراعي إلى مهن أخرى بحثا عن ظروف عمل أفضل وأجر أفضل.
ويقر العمال بارتفاع حالات الهروب بينهم، الأمر الذي يشتكي منه أصحاب العمل، وغالبا ما يتم الهروب باتجاه العاصمة عمان والمدن الرئيسية للعمل في القطاع الإنشائي والخدمي، الذي يدر دخولا أفضل عما يتحصل عليه من العمل في القطاع الزراعي.
وتدفع حالات الهروب هذه أصحاب العمل (المزارع) إلى الاستعانة بعمال مياومة، يصفهم أصحاب العمل بـ" عامل حر" يتقاضون غالبا أجورا مرتفعة تتحدد تبعا لحالة العرض والطلب على الأيدي العاملة. و"العامل الحر" هو العامل الذي دفع لصاحب العمل مبلغا من المال مقابل منحه تصريح عمل وتمكينه من العمل بشكل حر في أي مجال يرغبه.
ويرجع بعض أصحاب العمل أسباب حالات هروب العمال إلى غياب نظام ناجع لاستقدام العمالة الوافدة، ويقولون، أن نسبة كبيرة من العمالة تهرب لحظة وصولها إلى الأردن من خلال عدم التحاقها بمكان العمل، ويطالبون لحل هذه المشكلة بإنشاء هيئة خاصة تنظم عملية استقدام العمالة الوافدة في القطاع الزراعي تضمن وصول العامل إلى مكان عملة، الذي تعاقد بخصوصه.
ويقوم غالبية أصحاب العمل بحجز جوازات سفر العمال الوافدين، الأمر الذي يؤكده أصحاب العمل، بل ويصفونه بالأمر الطبيعي، ويبررون ذلك بخشيتهم من هروب العمال إلى العاصمة عمان والمدن الرئيسية للعمل في مهن أخرى، ويعتبرون أن حجز جواز سفر العامل هو الطريقة الوحيدة التي تضمن لهم عدم هروب العمال من أماكن عملهم.
شبهة "الاتجار بالبشر"
لا تقتصر الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المهاجرة (الوافدة) في قطاع الزراعة في سوء الأوضاع المعيشية والافتقار للحدود الدنيا من الحقوق الانسانية والعمالية الأساسية وتدني الأجور وما يتصل بها من مشكلة هروب العمالة، بل تمد لتدخل في شبهة تعرضهم لحالات "الإتجار بالبشر"، ويصف عدد من العمال الوافدين سوق العمالة بـ "السوداء" التي يجري فيها استغلال العمال المهاجرين (الوافدين) لاستقدامهم مقابل مبالغ مالية يتقاضاها أصحاب العمل.
وتوزع حصة أصحاب العمل من العمالة الوافدة بالتنسيق بين مكاتب العمل ووزارة الزارعة، يحدد مكتب العمل حصة المستفيد الذي يمتلك سند (قوشان) ارض زراعية أو عقد إيجار متبوع بتفويض استقدام عمال بعامل واحد لكل عشرة دونمات زراعية، وعامل واحد لكل ثلاثة بيوت زراعية محمية (بيوت بلاستيكية). ولضبط عملية استقدام العمال تقوم لجنة من وزارة الزراعة بالكشف على الحيازات الزراعية بهدف التأكد من مطابقة أعداد العمال مع مساحة الحيازة.
ويؤكد بعض أصحاب العمل والمزارع وجود حالات استغلال مالي للعمال المهاجرين (الوافدين) مقابل حصولهم على تصاريح عمل، مشيرين إلى أن عمليات الاستغلال يتورط فيها صاحب العمل أحيانا وأحيان أخرى العمال أنفسهم. ويمتهن العديد من ملاك الحيازات (الأراضي) الزراعية بيع تصاريح العمل للعمالة المهاجرة (الوافدة)، فبعد تحديد حصصهم من العمالة من قبل وزارتي الزراعة والعمل، يقومون من خلال وسطاء بالاتصال بالراغبين بالحصول على تصاريح للعمل في الأردن عارضين عليهم إرسال تصاريح عمل بأسمائهم مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 500 دينار إلى 1000 دينار لكل تصريح عمل.
والعمال الذين يوافقون على دفع تلك المبالغ الباهظة مقابل الحصول على تصريح عمل غالبا ما يكونون من أصحاب المهن الطامحين للعمل في مجال اختصاصهم، وبالتالي فإن ما يدفعونه مقابل تصريح العمل الزراعي يشكل "طوق الوصول" إلى الأردن للانطلاق بعد وصولهم الى الأردن في سوق العمل الأردني ومخالفين طبيعة العمل الذي حصلوا على تصاريح لها. وقد اشار العديد من العمال المهاجرين (الوافدين)، أنه في بعض الأحيان وحين يصل العمال إلى المزارع التي استقدموا للعمل فيها بعد دفعهم لثمن التصريح، يقوم بعض أصاحب العمل (المزارع) الذين استقدموهم بحجز جوازات سفرهم ويشترط لإعادتها أو "تحريرهم" حسب وصفهم دفع مبلغ إضافي.
وتعود أسباب إقدام بعض أصحاب الحيازات (الأراضي) الزراعية على "المتاجرة بتصاريح العمل وبالتالي العمال المهاجرين- الوافدين" ومن ثم " تحريرهم" مقابل مبالغ مالية، الى حصولهم على عائد أكبر من هذه العملية مقارنة مع العائدات المتوقعة من زراعة اراضيهم. حال استقدامهم لعمال وتحريرهم مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 500 دينار إلى 1000 دينار كما أشير اليه سابقا، فيما يقومون بتأجير حيازاتهم (أراضيهم) الزراعية لآخرين مشترطين على المستأجر ألا يشمل الإيجار تفويض استقدام عمال.
وهنالك مخالفات من نوع آخر، يمكن أن تندرج في اطار شبهة " الاتجار بالبشر" أيضاً تمارسها العمالة المهاجرة (الوافدة ) ضد بعضها البعض، وذلك عندما يقوم صاحب العمل بالطلب من العمال الوافدين بالبحث في بلدانهم عمن يرغبون بالعمل بهدف استقدامهم، إذ يقوم العمال الوافدين في مثل هذه الحالة باستغلال نظرائهم من خلال الحصول على مبالغ مالية منهم مقابل ترشحهم لصاحب العمل.
وتؤدي هذه العملية وتداخلاتها بالعمال الزراعيين ممن اشتروا تصاريح عمل زراعية وانصرفوا للعمل في قطاعات أخرى إلى مطاردين من قبل وزارة العمل والأمن العام، وعادة ما ينتهي الحال بمن يقبض عليه بتسفيره إلى بلدة ليخسر بذلك عمله والمبلغ الذي دفعه ثمنا للوصول إلى الأردن، أو اطلاق سراحة بسبب تدخلات الذين يعملون لديهم باستخدام "واسطة" ما.
عمالة النساء والآسيويين
إلى جانب العمالة المهاجرة (الوافدة) المنتشرة في الأغوار، تنتشر بشكل محدود عمالة النساء الأردنيات في القطاع الزراعي، والتي غالبا ما تنشط في أعمال قطاف المحاصيل وزراعة الأشتال والتعشيب. وأسوة بالعمالة المهاجرة (الوافدة) تعاني النساء العاملات في القطاع الزراعي من تدني أجورهن، والتي غالبا ما يتقاضينها بشكل يومي وتتراوح من 4 ولغاية 6 دنانير، مقابل التزام صاحب العمل بتأمين تنقلهن من بيوتهم إلى أماكن عملهن وعودتهن والتي تتم عادة باستخدام البكبات وليس وسائط نقل خاصة بنقل الركاب. ويتعرضن كغيرهن من العاملين في الزراعة الى عمليات استغلال ذات علاقة بعدم توفر شروط السلامة والصحة المهنية وغياب أي شكل من أشكال التأمين الصحي الى جانب عدم تمتعهن بالتأمينات الاجتماعية التي يوفرها الاشتراك بالضمان الاجتماعي.
وينفرد العمال الباكستانيون العاملون في قطاع الزراعة بمنطقة الأغوار بنمط عمل خاص يقوم على الشراكة مع صاحب العمل "المزرعة"، إذ يحصل العامل الباكستاني مقابل قيامة بأعمال الزراعة على نسبة تصل في بعض الأحيان إلى 50% من الإرباح، كما يقوم بعض العمال الباكستانيون باستئجار الحيازات الزراعية من غير الراغبين بالعمل وزراعتها لحسابهم الخاص وهنا لا يحتاج الباكستانيون إلى استقدام العمالة إذ يقومون بالعمل بشكل عائلي، ويعيش غالبيتهم في (خرابيش) بلاستيكية.
التقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية