البوابة- عمان- محمد الفضيلات
"الخوف من الموت دفعني لاكتشاف قيمة الحياة"، بهذه العبارة تلخص الدكتورة إيمان عوض (50) عاما متزوجة ولديها ثلاث أبناء رحلتها مع سرطان الثدي.
عوض رغم عملها في الحقل الطبي (طبيبة أسنان)، لم تخفِ خوفها من مواجهة المرض لحظة اكتشافه عام 2005، بدايتها مع المرض كما ترويها " ظهر شد عضلي وألم في صدري اضطرني للذهاب إلى أخصائي أمراض نسائية"، وبحسبها أحس الطبيب بوجود كتلة سرطانية وطلب إليها إجراء الفحص السريري، لكن خوفها من إثبات المرض دفعها للمماطلة شهرا كاملا، شهر كان كفيلا بان يزداد حجم الورم.
زيادة حجم الورم دفعها للصمت وعدم إخبار احد بما تعانيه، حتى توجهت وحيدة لإجراء الفحص وهي على يقين من النتيجة.
رغم يقين عوض من إصابتها بسرطان الثدي إلا أن هول الصدمة كان كبيرا عليها، تقول " بعد أن أخذت نتيحه الفحص من المختبر وكانت سرطان، شعرت بصدمة كبيرة، خرجت من المختبر ومشيت طويلا كنت في حالة من الذهول، لم أبكِ ولم أكن اعرف ماذا أريد أو إلى أين اذهب".
عوض وبعد حصولها على نتيجة الفحص، بحثت عن طوق نجاة فكانت زميلتها الطبيبة التي مثلت سندها طول فترة المرض، تقول "تكفلت زميلتي بكل شي بدأ من إخبار أسرتي التي ثارت بسبب تأخري في إجراء الفحص، وزوجي الذي شعر بالسوء لمجرد معرفته بإصابتي، وصولا إلى متابعتها لعلاجي".
مع رحلة العلاج تصف التغير الجذري الذي عصف بحياتها "في البداية سيطر على الخوف من الموت فهربت إلى الله، تقربت إليه أكثر" تتابع " مع العلاج تخلصت من الخوف والتفت إلى نفسي، اندفعت إلى الحياة لتحقيق رغباتي المؤجلة ".
عوض التي شفيت من سرطان الثدي، تستذكر بأسى زميلتها وسندها في رحلتها العلاجية والتي توفيت بالجلطة، تقول "تركت وفاتها مرارة في نفسي لكن جعلتني أتيقن أن السرطان لا يعني الموت".
سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعا بين النساء في الأردن، حيث سجلت 904 حالات إصابة في العام 2009 بحسب أرقام السجل الوطني التابع لوزارة الصحة، بزيادة وصلت إلى 49 حالة إصابة عن تلك المسجلة في العام 2008.
ويلفت مدير الأمراض غير السارية في وزارة الصحة الدكتور محمد الطراونة إلى أن التوسع في تنفيذ البرامج التثقيفية التي تشجع النساء على إجراء الفحص المبكر عن سرطان الثدي، يساهم في زيادة عدد الحالات المكتشفة سنويا بواقع 50 إلى 60 حالة، مؤكدا على أهمية الفحص المبكر في اكتشاف المرض في مراحله المبكرة.
تصل نسبة الشفاء من سرطان الثدي إلى 95% من حالات الاكتشاف في المرحلتين الأولى والثانية، بحسب مديرة البرنامج الأردني لسرطان الثدي يارا الحلبي.
نفي ارتباط السرطان بالموت تعكسه قصة شادية الشدفات (48) عاما التي أصابها السرطان مرتين وشفيت منه، الأولى عام 1998 في الثدي الأيمن والثانية في العام 2008 في الثدي الأيسر.
تقول الشدفات ربة البيت والأم لستة أبناء " في المرة الأولى كنت خائفة شعرت أن الموت قريب، كانت الأسرة خائفة الجميع ومتوتر ومتعاطف معي إلى أبعد الحدود"تتابع " المرة الثانية كانت مختلفة، الاهتمام كان حاضرا من قبل الأسرة لكن غاب الخوف لوجود قناعه قوية بالشفاء" وبابتسامة تلخص رحلة علاجها مع الإصابة الثانية " لم تمنحني الأسرة فرصة لأتدلل عليهم كما المرة الأولى".
في المرتين اكتشفت الشدفات وجود الكتلة السرطانية عن طريق الكشف الذاتي، ما يدفعها إلى تشجيع النساء على المواظبة على إجراء الفحص .
وفقا للحلبي نجح البرنامج الأردني لسرطان الثدي الذي بدأ عمله في العام 2006 في تخفيض نسبة المصابات بسرطان الثدي في المرحلتين الثالثة والرابعة الأشد خطرا من 70 % قبل تنفيذ البرنامج إلى 35 %.
حاجة المصابات بسرطان الثدي إلى الدعم النفسي افتقدته ربيعة الشمري (55)، الشمري اكتشفت إصابتها بالسرطان في العام 2006 لتكتشف إلى جانب مرارة الإصابة مرارة الخذلان.
تقول الشمري التي كانت مقترنة بزوج يحمل جنسية جيبوتي ولديها منه ولدان " اتهمني زوجي الذي هجرنا أنني أدعي الإصابة بالمرض من اجل إثارة شفقته حتى يعود إلى الأسرة".
الشمري التي شفيت من المرض شفيت من إحساسها بالخذلان بعد انفصالها عن زوجها في العام 2007 بحكم قضائي بسبب الغيبة والضرر، لتحمل على عاتقها مسؤولية تربية أبنائها الذين أصرت على بقائهم معها، أمر كلفها كل ما تملك ودفعها للعمل وانتهى ببيعها لبيتها.
الشمري دفعها الخذلان لتكون أكثر قوة ، تقول" جفاء زوجي واستغلاله لم يهزمني بل جعلني أكثر قدرة على التحدي".
دكتور علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية حسين الخزاعي يرى أن " أغلب مشاكل المصابات بسرطان الثدي اجتماعية وليست طبية قائلا في تصريحات سابقة "هن لسن بحاجة إلى شفقة بل إلى مساندة ودعم اجتماعي حقيقي".