فيما تزداد التقارير التي تكشف تورط مبعوث اللجنة الرباعية توني بلير في صفقات تجارية بدل أن يركز على مهمته الأصلية في المساعدة على تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي، كشفت صحيفة "ميل أون صنداي" البريطانية امس الأحد عن أن بلير شن حملة ضغط سياسية مكثفة لانقاذ صفقة تجارية للهاتف المحمول في الضفة الغربية، يملكها أحد زبائن بنك "جي بي مورغان" الأميركي الذي يدفع له مليوني جنيه استرليني سنوياً مقابل عمله كمستشار غير متفرغ فيه.
وقالت الصحيفة إن شركة الهاتف المحمول "الوطنية" اقامت شبكة جديدة لعلامتها التجارية في الضفة الغربية المحتلة، غير أنها كادت أن تنهار قبل اطلاق خدماتها مما هدد مصير استثماراتها البالغة 450 مليون جنيه استرليني، بسبب رفض الحكومة الاسرائيلية السماح لها باستخدام الترددات التي تحتاج لتشغيلها.
واضافت الصحيفة أن بلير حين وصل إلى الأراضي الفلسطينية عام 2007 كمبعوث للجنة الرباعية، لم تكن هناك سوى شركة واحدة للهاتف المحمول هي "جوال" تعمل في غزة والضفة الغربية، لكن الوطنية اشترت تراخيصا قيمتها 313 مليون جنيه استرليني من السلطة الفلسطينية لتقديم خدمة تنافسية جديدة في مجال الهاتف المحمول. وقد تحرك بلير بقوة بعد أن واجهت شركة "الوطنية" مخاطر الانهيار بسبب رفض اسرائيل منحها الترددات اللازمة لأسباب أمنية حيث قام عام 2008 بالتوسط بين الشركة وبين اسرائيل لتوفير الترددات التي تحتاج لها.
واشارت الصحيفة إلى أن "الوطنية" تمكنت من الحصول على قروض اضافية خاصة من برنامج وضعته الحكومة الأميركية لمساعدة المزارعين الفلسطينيين والشركات الصغيرة بقيمة 11 مليون جنية استرليني، على الرغم من الدعم الذي حصلت عليه من شركة اتصالات قطر "كيوتل" ومصارف مثل "جي بي مورغان".
وقالت إن منتقدين اشاروا إلى حقيقة أن جهات بارزة في السلطة الفلسطينية تقف وراء "الوطنية"، ومن بينها المستشار المالي للرئيس محمود عباس وأقرب معاونيه محمد مصطفى الذي يتولى رئاسة صندوق الاستثمار الفلسطيني بدعم من ياسر نجل الرئيس محمود عباس، الذين يرافقانه في كل رحلاته الخارجية. وبحكم منصبه فإن محمد مصطفى يتولى رئاسة شركة "الوطنية" في فلسطين.
ونسبت الصحيفة إلى المهندس الاسكتلندي ألن ريتشاردسون، الذي أسس شبكة للهاتف المحمول في العراق وتولى منصب المدير التنفيذي لشركة "الوطنية" في فلسطين حتى حزيران (يونيو) الماضي قوله إن بلير حاول بشراسة انقاذ الشركة منذ اليوم الأول لهذه المشكلة وكان ناشطاً جداً من خلال دوره كممثل للرباعية. كما نقلت عن مسؤول اسرائيلي وصفته بـ"البارز" أن بلير اثار مراراً وتكراراً قضية شركة "الوطنية" في اللقاءات التي عقدها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية.
واضافت أن ماثيو دويل الناطق باسم بلير رد على ما اذا كان بلير اعلن عن مصالحه في مصرف "جي بي مورغان" خلال لقاءاته مع الاسرائيليين بالقول إن بلير اثار قضية "الوطنية" بطلب من السلطة الفلسطينية انطلاقاً من دوره كممثل للجنة الرباعية، وليس لديه أي علم بأي صلة بين "كيوتل" و"جيه بي مورغان" والشركة، ولم يناقش هذه المسألة أبداً مع "جي بي مورغان" أو أن يكون المصرف الأخير اثارها معه.
واضاف دويل أي ايحاء بأن بلير اثار لأي سبب آخر غير مساعدة الفلسطينيين أو أنه استفاد بطريقة ما من "الوطنية"، هو غير صحيح وتشهير.
غير أن الصحيفة تشير إلى أن بلير يكلف اللجنة الرباعية سنويا لقاء إقامته في فندق "كولوني" بالقدس المحتلة 1.1 مليون جنيه استرليني سنويا لقاء حجزه عشرة غرف بشكل دائم في الفندق حيث يقضي فيها بضعة أيام شهريا لدى زيارته إلى فلسطين في إطار مهمته التي تقول مصادر فلسطينية مطلعة أن ما حققه منذ تعيينه في حزيران (يونيو) 2007 وحتى الآن كان محدودا جدا، أبرزه إقامة مشروع منطقة تجارية دولية قرب مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة جرى تعليق العمل فيها.
كما تشير الصحيفة إلى أن بلير لم يكتف بعمله لصالح مصرف "جي بي مورغان" وشركة التأمين العملاقة "زيورخ"، فقد استغل علاقاته مع الزعيم الليبي معمر القذافي لتوفير فرص استثمار لمصرف "جي بي مورغان" مع ليبيا، كما استغل علاقاته ودوره في الحرب على العراق للحصول على عوائد لقاء خدماته الاستشارية من العائلة الحاكمة في الكويت ودبي.
يذكر أن بلير أسس عقب تركه منصبه كرئيس للحكومة البريطانية في عام 2007 "مؤسسة بلير وشركاه للاستشارات" التي درت عليه عوائد بلغت نحو 15 مليون جنيه استرليني.