في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تحركاً متزايداً نحو ترسيخ اقتصاد المعرفة، ومواصلة تعزيز مكانتها باعتبارها مركزا للإعلام والترفيه، يتزايد الطلب على البرامج التعليمية المتخصصة عالية الجودة في مجال الإعلام الإبداعي.
وانعكاساً لهذا الاتجاه المتنامي، سجل معهد "إس ايه إي"، أكبر مؤسسة تعليمية في العالم متخصصة في الإعلام الإبداعي، عدداً قياسياً من طلبات الالتحاق خلال صيف هذا العام منذ افتتاح الحرم الجامعي رسميا في عام 2006، بنسبة نمو بلغت 116٪ في عدد المسجلين للنصف الأول من الفترة بين 2006-2010.
كما بلغ معدل الطلب على شهادات التخصص التي يقدمها المعهد، ودورات الدبلوم وشهادة التخصص في الهندسة الصوتية، والتحريك ثلاثي الأبعاد، وصناعة الأفلام الرقمية، والوسائط المتعددة، والصحافة الرقمية، المستوى الأعلى له مقارنة بأي وقت مضى.
وأشار بريدراج تونسيف، مدير معهد "إس ايه إي" بدبي إلى أن المعهد يهدف إلى تخريج قوى عاملة وكفاءات قادرة على التعامل مع هذه المنصات الجديدة بحرفية وإتقان من أجل تعزيز مكانة المنطقة في المستقبل باعتبارها رائدة الإعلام.
وقال: "شهدت منطقة الشرق الأوسط ثورة كبيرة في مجال الوسائط المتعددة خلال السنوات الأخيرة، حيث تزايد الاهتمام بعالم الإنترنت والهاتف المتحرك والمنصات الرقمية من أجل الحصول على الأخبار والدعاية والترفيه. ويدرك الناس الآن أنه لا بد من تعزيز مهاراتهم لكي يتمكنوا من التماشي مع أحدث التطورات في عالم التكنولوجيا الرقمية متسارع النمو. وقد ركزنا على تطوير دورات تدريبية جديدة حول مواضيع مثل الصحافة الرقمية وبرمجة تطبيقات الهاتف المحمول، حيث نقوم بتعليم الناس كيفية تسخير هذه القوى من وسائل الإعلام الجديدة بالطريقة الأمثل".
وأضاف: "ما وصلنا إليه هو مجرد بداية، وهناك مجال واسع للنمو خلال السنوات القليلة القادمة نظرا للحاجة المتنامية لمزيد من المحتوى الرقمي العربي". وأوضح تونسيف أنه حتى محطات البث الرائدة بدأت باستغلال هذه الفرصة، مثل خدمة "بي بي سي العربية" التي بدأت بالمغامرة في عالم محتوى الويب مع المسلسل الدرامي الذي يبث على الإنترنت والناطق باللغة العربية "شنكبوت".
ويرى تونسيف أيضا أن المنصات المتحركة تعد سبباً وراء هذا النمو المفاجئ. ووفقا لدراسة جديدة قامت بها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار (IAIGC) التي تتخذ من الكويت مقراً لها، تمتلك الإمارات أعلى معدل لانتشار الهاتف المحمول في العالم العربي، وأن الأمر ليس سوى مسألة وقت قبل أن تقوم شركات الاتصالات المتنقلة المحلية وموفري المحتوى بتجربة نفس مبادرات البث المتنقلة التي تجري في أماكن أخرى من العالم. فعلى سبيل المثال، انضمت ثلاث من أكبر الشركات البريطانية المتخصصة في مجال الهاتف المحمول إلى كل من "إريكسون"، و"بي بي سي"، وتلفزيون "سكاي" و"تيرنر" لوضع نموذج قابلة للتطوير للتلفزيون المتنقل.
وإلى جانب ذلك، فإن هناك فرق واضح من حيث التكلفة على هذا الصعيد، حيث أن تكلفة إنتاج المحتوى على الإنترنت تعتبر أرخص بالمقارنة مع وسائل الإعلام التقليدية، إضافة إلى جاذبية المحتوى الرقمي، في ظل الانتعاش الحالي الذي يشهده الاقتصاد العالمي. ويرى تونسيف أن هذا هو السبب وراء تزايد أعداد الطلاب الراغبين بالالتحاق بمعهد "إس إيه إي" والذي يقابله ارتفاع مماثل في الطلب على الخريجين المؤهلين لشغل وظائف في مجال الإعلام الإبداعي في مختلف أنحاء دولة الإمارات وعموم منطقة الشرق الأوسط.
وتابع تونسيف: "ليس هناك أدنى شك من أن قطاع الإعلام الرقمي والإبداعي في منطقة الخليج يشهد ازدهاراً كبيرا، وهناك رغبة كبيرة لدى الطلاب الآن للعمل في القطاعات الإبداعية. ويتمثل هدفنا الأبرز في إعداد وتأهيل الجيل القادم من مصممي الجرافيك، ومطوري صفحات الويب، واختصاصيي التحريك، والصحفيين الرقميين، والمخرجين لشغل مناصب في مجالات السينما والوسائط المتعددة والتحريك والصوت في مختلف أنحاء المنطقة".
ووفقا لـ مايك ويتاكر، المتخصص في أبحاث القطاع، نائب الرئيس لعمليات البث والتكنولوجيا في شبكة "أوربت شوتايم": "هناك طلب متزايد أكثر من أي وقت مضى على التعليم المتميز الذي يتوافق مع معايير القطاع في هذا العالم الرقمي المتغير باستمرار، وإنه لشيء رائع أن يقوم معهد ’إس ايه إي‘ بتوفير مجموعة من البرامج التعليمية التي تساعد على توفير المهارات اللازمة لتلبية متطلبات هذا القطاع. ومن المستحيل تطور القطاع دون توفر البرامج التدريبية المتطورة وتحت إشراف خبراء ذوو كفاءة عالية في مجال الإعلام الرقمي".
وأضاف: "لكي نتمكن من مواصلة ترسيخ مكانتنا الرائدة على الساحة التقنية فإننا بحاجة إلى جيل جديد، مثلنا، يمتلك الطموح للبقاء في طليعة ثورة الترفيه والاتصالات. ومن خلال فريقنا الذي يتمتع بالمهارة والكفاءة العالية والخبرة العملية، تمكنت شبكة ’أوربت شوتايم‘ من أن تقدم لعملائنا بعدا جديدا في عالم التلفزيون من خلال كونها أول شبكة في منطقة الشرق الأوسط تقوم بإطلاق الباقة الأولى والوحيدة في المنطقة من قنوات البث عالية الوضوح. وفي حين يعتبر العرض ثلاثي الأبعاد الثورة القادمة في عالم التلفزيون، سيكون بإمكان مشتركي ’أوربت شوتايم‘ التمتع بمشاهدة أفلام ثلاثية الأبعاد وهم في منازلهم، مع جودة صورة فائقة تناهز تلك التي تقدمها شاشات السينما".
وفي غضون عام على إطلاق برنامج الدفعة السنوية الثالثة في شهر يونيو، شهد معهد "إس ايه إي" في "قرية المعرفة" بدبي زيادة بمعدل ثلاثة أضعاف في عدد الذين التحقوا بهذه الدفعة، ونتوقع أن نشهد سيناريو مماثل في دفعة 31 أكتوبر القادم، التي ستكون الأكبر. وسيشهد شهر أكتوبر القادم الدفعة الأولى من طلاب دبلوم الصحافة الرقمية الذي تم إدخاله حديثاً، ويقدم للطلاب برامج دراسية تهدف إلى تزويدهم بالمهارات اللازمة لتحقيق النجاح في هذا القطاع المهني الجديد في سوق العمل الدولي.
كما يخطط معهد "إس ايه إي" لمواصلة توسيع شبكته من المعاهد الدولية، بهدف تلبية الطلب المتزايد على برامج الإعلام الرقمي التعليمية عالية الجودة- حيث يتجلى ذلك من خلال افتتاح فروع جديدة مؤخرا في صربيا، وتركيا، إضافة إلى خطط لتوسيع انتشاره في أسواق الشرق الأوسط عبر افتتاح معاهد في كل من لبنان ومصر.
ومن جهته، قال رومي هوات، التنفيذي الأول في مجموعة "إس ايه إي": "تعتبر الشرق الأوسط منطقة مهمة جداً بالنسبة لنا، ونرى أمامنا الكثير من الفرص للنمو هنا. وتتميز هذه المنطقة باعتبارها واحدة من أكثر مناطق العالم شباباً، ويمثل الطلب المتنامي في السوق للمحتوى الرقمي عاملاً مشجعاً للمضي قدماً في هذا المجال. وما من طريقة أفضل للاستفادة من الفرصة المتاحة، من رعاية وتدريب وتوظيف جيل جديد من خبراء الإعلام ورواد المحتوى الرقمي القادرين على ترك بصمة مهمة في العالم".
وأضاف هوات: "يحتاج العالم إلى المعلومات والأدوات الترفيهية على مدار الساعة، سواء كان الأمر يتعلق بالأخبار، أو الاهتمامات الخاصة، أو أسلوب الحياة، أو الأغراض الحكومية أو مصالح الشركات، وسوف يسهم دبلوم الصحافة الرقمية في إعداد هذا النوع الجديد من رواة القصص الرقمية من خلال تزويدهم بالمهارات التي تمكنهم من استغلال الطلب العالمي المتنامي على المحتوى الذي يقدمونه".
وتابع: "نحن على أعتاب عصر جديد في عالم الاتصالات العالمية، والصناعة، والتعليم وتوفير المحتوى، ويعتبر الطموح هو السمة الأبرز لهذا الجيل من خبراء الإعلام الجديد. ولا شك في أن الفرصة مواتية الآن لبناء مستقبل مزهر والمضي قدماً على طريق التميز والإبداع".

SAE