يسعى الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية إلى إدخال المزيد من الدماء الجديدة في حكومته للمساعدة في تبديد صورة الحكام الطاعنين في السن وتهدئة المنافسة المحتدمة داخل الأسرة الحاكمة.
والاستقرار السياسي في المملكة مثار قلق عالمي. فالمملكة تقبع فوق أكثر من خمس احتياطيات العالم من النفط الخام وهي العمود الفقري للسياسة الأميركية بالمنطقة ومن كبار أصحاب الأصول الدولارية وبها اكبر بورصة عربية.
وعادة لا تؤثر التغييرات على القمة على سياسة السعودية في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لكنها قد تؤثر على الإصلاحات التي بدأها الملك عبد الله البالغ من العمر نحو 86 عاما لتخفيف سيطرة رجال الدين على المجتمع وجذب المستثمرين للمساعدة في توفير فرص عمل للمواطنين السعوديين البالغ عددهم 18 مليون نسمة.
والكثير من الشخصيات البارزة في الأسرة الحاكمة في السبعينات أو الثمانينات من العمر في دولة لا يوجد بها برلمان منتخب أو أحزاب سياسية وحيث تطبق المحاكم المذهب الوهابي.
كما أن الكثير من التكنوقراط الذين يساعدون في تطبيق الإصلاحات متقدمون في السن أيضا.
وعلى مدى العامين المنصرمين عين الملك تكنوقراطا في بعض الوزارات أو في البنك المركزي او قطاع النفط الحكومي لدعم إصلاحاته لكن وفاة وزير العمل الشهر الماضي عن عمر يناهز 70 عاما كانت بمثابة تذكرة بأن هناك حاجة إلى دماء جديدة.
ومما زاد المخاوف إعلان الديوان الملكي في آب / أغسطس أن الأمير سلمان أمير الرياض وهو عضو رئيسي بالأسرة السعودية الحاكمة خضع لجراحة في العمود الفقري بالولايات المتحدة.
وكان هذا النبأ مفاجأة للدبلوماسيين لان الأمير سلمان الذي يبلغ من العمر نحو 74 عاما والذي تظهر صورته بشكل شبه يومي في الصحف السعودية هو أحد الأمراء البارزين الأصغر سنا الذين ينظر إليهم على أنهم يتطلعون للمناصب العليا.
وحتى الان تقتصر الخلافة على أبناء مؤسس الدولة الحديثة عبد العزيز بن سعود. ولم يعد هناك سوى نحو 20 منهم على قيد الحياة ويقول دبلوماسيون ومحللون ان بعضهم في حالة صحية سيئة.
ولتوسيع نطاق المرشحين للمناصب ستحتاج الأسرة الحاكمة إلى فتح المجال لما بين 600 و900 حفيد كثير منهم يشغلون مناصب في الحكومة أو قطاع الاقتصاد أو الإعلام.
لكن سايمون هندرسون الذي كتب عدة دراسات عن الخلافة السعودية قال إن هذا يثير خطر احتدام المنافسة داخل أسرة ال سعود.
وقال هندرسون الذي يعمل بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى "لا يوجد مؤشر على أن هذا سيحدث الآن. الأبناء ما زالوا يريدون أن يصبحوا ملوكا وأن يتركوا شيئا لأبنائهم أيضا."
ولتنظيم عملية الخلافة أنشأ الملك عبد الله "هيئة البيعة" لكن مهامها وسلطاتها الرئيسية غير واضحة.
ويقول دبلوماسيون إن الخلافة ستنتقل لمرة أخرى واحدة على الأقل لأحد أبناء عبد العزيز بن سعود وان وزير الداخلية القوي الأمير نايف وعمره نحو 76 عاما هو المرشح الأبرز بعد ترقيته إلى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء أثناء غياب الأمير سلطان ولي العهد لفترة طويلة بسبب مرضه العام الماضي.
وقال دبلوماسي غربي "هذا سيعطيهم مزيدا من الوقت للوصول إلى إجماع والى آلية بشأن كيفية دمج الأحفاد المنحدرين من جميع الأفرع الرئيسية."
ويشعر الليبراليون بالقلق على الإصلاحات إذا تولى الحكم الأمير نايف أحد أكثر الأمراء تبنيا للاتجاه المحافظ لكن المحلل السياسي تيودور كاراسيك يرى أن هناك آخرين في السباق مثل رئيس الاستخبارات الأمير مقرن الذي يبلغ من العمر نحو 67 عاما ويعتبر من الجيل الأصغر بين أفراد الأسرة الحاكمة.
وللأسرة الحاكمة سجل حافل من النجاحات في الاتفاق في الرأي مع رجال الدين الذين ساعدوا في تأسيس المملكة عام 1932 لكن دبلوماسيين قالوا إن التنافس بين الأمراء محتدم منذ سافر الأمير سلطان ولي العهد إلى الخارج للعلاج.
وقالت المملكة إن الأمير سلطان الذي يعتقد أنه في منتصف الثمانينات من عمره شفي. وقال دبلوماسيون انه كان يعالج من السرطان.
ويقول مسؤولون إن الأمير سلطان يمارس عمله على النحو المعتاد وتنشر وسائل الإعلام صورا له وهو يبدو بصحة جيدة لكن الدبلوماسيين يقولون انه لا يظهر كثيرا منذ عودته في ديسمبر كانون الاول.
ويقول دبلوماسيون ومحللون ان بعض مهام ولي العهد انتقلت فيما يبدو بشكل غير رسمي لأمراء آخرين في الوقت الحالي.
وبرز اسم الأمير خالد بن سلطان وعمره نحو 61 عاما ويشغل منصب مساعد وزير الدفاع منذ حرب حدودية مع المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن العام الماضي وقال دبلوماسيون انه مرشح لمنصب وزير الدفاع الذي يشغله والده منذ عام 1963 .
والأمير نايف وولده محمد البالغ من العمر نحو 51 عاما والمسؤول عن مكافحة الإرهاب ازدادا انخراطا في التعامل مع اليمن وهو ملف ظل في أيدي الامير سلطان لعقود.
ونجا الأمير محمد بن سلطان العام الماضي من محاولة اغتيال دبرها تنظيم القاعدة.
في الوقت نفسه رقى الملك عبد الله ابنه متعب وعمره نحو 57 عاما الى نائب قائد الحرس الوطني.
ويقول دبلوماسيون إن من بين الشخصيات الاخرى التي تجدر متابعتها في الأسرة الحاكمة أمير مكة الإصلاحي خالد الفيصل ابن الملك الراحل فيصل وشقيق وزير الخارجية المخضرم سعود الفيصل.
ويرى هندرسون انه حتى إذا برز أبناء سلطان ونايف وعبد الله وغيرهم فأنهم ما زالوا بحاجة إلى بقاء آبائهم في الحكم لترقيتهم وحمايتهم.
وتطبيقا للاصلاحات استعان الملك عبد الله بتكنوقراط جدد أبرزهم أول امرأة تشغل منصب نائب وزير التعليم.
وقال كاراسيك "على الرغم من أن الوجوه لم تتغير في وزارات الخارجية والمالية والنفط في الآونة الأخيرة فان من المرجح أن يكون الدور عليها بسبب أمور صحية إلى جانب التغيير الضروري."
وقد يتقاعد الامير سعود الفيصل الذي تولى منصبه عام 1975 لاعتلال صحته لكن دبلوماسيين يقولون إن أفراد الأسرة الحاكمة لم يتفقوا بعد على خليفة له.
وخضع الأمير سعود أيضا لجراحة بالعمود الفقري عام 2009 .
ومن الشخصيات المخضرمة الاخرى التي يعتبر من الصعب استبدالها وزير البترول علي النعيمي (75 عاما) الذي تولى منصبه عام 1995 .
ويرى محللون أن المرشح الرئيسي الأصغر سنا سيكون خالد الفالح رئيس شركة أرامكو عملاق النفط السعودية وهو منصب تولاه العام الماضي فقط.
ويمكن أن يكون من المنافسين الآخرين عبد العزيز بن سلمان نائب النعيمي وابن الأمير سلمان الذي يعمل بالوزارة منذ أكثر من 15 عاما.