اضبطوا أسهم الخزانة

تاريخ النشر: 21 سبتمبر 2010 - 02:20 GMT
Emaar
Emaar

http://www.alrroya.com/node/96584
الثلاثاء, 21 سبتمبر 2010 الساعة 08:02
صلاح صبح
نعم. هي مجرد 200 ألف سهم باعتها الشركة بمبلغ لا يتجاوز 768 ألف درهم، وخسرت جراء عملية البيع نحو نصف هذا المبلغ بسبب فروق الأسعار، ولكن قرار البيع نفسه، والتخلص من أسهم الخزانة يعطي للسوق والمتعاملين أكثر من إشارة إيجابية في اتجاهات عدة.

والحديث هنا عن «إعمار العقارية»، وأسهم الخزانة التي كانت قد اشترتها قبل عامين في خطوة لم يحالفها التوفيق في ذلك الوقت. كانت النوايا طيبة والهدف يبدو نبيلاً، لأنه استهدف مساندة سهم الشركة في وجه الانهيارات الحادة التي طالته في بداية الأزمة المالية العالمية، وعصفت به كغيره من الأسهم العقارية حول العالم، ولكن تكلفة هذه المساندة كانت باهظة، إذ حصلت الشركة حينها على موافقة من «هيئة الأوراق المالية والسلع» على إعادة شراء 10 بالمئة من أسهمها بقيمة تصل إلى 3.5 مليار درهم تقريباً بأسعار تلك الأيام الخوالي، وفي وقت كانت "إعمار" تعاني من نقص حاد في السيولة.

وخيراً فعلت إدارة «إعمار» بعدم إتمامها لشراء كل الكمية، واكتفائها بالـ200 ألف سهم، أي 0.003 بالمئة فقط من أسهم رأسمالها، وإلا كانت تكبدت خسائر طائلة، إذ اضطرت إلى إعادة بيع هذه الأسهم في السوق المحلية قبل حلول أكتوبر المقبل، أي قبل  مرور فترة العامين التي تنص عليها القواعد المنظمة لقيام الشركات بإعادة شراء أسهمها، والبديل الآخر الذي لم يكن ليرضي أحداً هو «إعدام» هذه الأسهم، وتخفيض رأسمال الشركة بنفس النسبة.

وبالعودة إلى أصل القصة، نجد أن قرار مجلس إدارة الشركة الصادر في سبتمبر 2008، والقاضي بشراء أسهم الخزانة، جاء متناقضاً مع الاستراتيجية الاستثمارية لـ«إعمار»، والتي تركز على التوسع الداخلي والخارجي، كما أنه لم يراعي وضع السيولة لديها في ظل بداية أزمة مالية عالمية استهدفت في الأساس الشركات العقارية، وكانت «إعمار» عبر ذراعها الأمريكي «غون إل هومز» إحدى ضحاياها.

ويبدو أن القرار حينها جاء انفعالياً وعاطفياً بغرض دعم ومساندة سهم الشركة الذي تعرض لضربات قاسية منذ بداية النصف الأول من العام 2008، ولكنه لم يحقق الغرض من ورائه، لأن طوفان التراجعات الحادة في الأسواق المالية كان أقوى من أي «مسكنات» أو أي محاولات للتلاعب بآليات السوق.

وتثير أسهم خزانة «إعمار» الجدل من جديد حول دور مجلس إدارة أي شركة متداولة ومهامه الأساسية، وما إذا كان الأفضل للمساهمين –صغارهم وكبارهم- تركيز المديرين على الأنشطة التشغيلية للشركة، والتفاني في البحث عن فرص توسعية، وتدعيم موقفها المالي بما يحقق أفضل ربحية ممكنة، أم التركيز على أداء السهم فقط، واعتبار صعوده المعيار الوحيد للنجاح، وهبوطه بمثابة فشل يستدعي سرعة التحرك لإنقاذ الموقف حتى ولو بإجراءات قد تضر أكثر مما تنفع على المدى الطويل، أو قد تندرج تحت بند الغش والتدليس، كحال بعض الشركات التي تحصل على موافقات على إعادة شراء أسهمها ثم لا تشتري شيئاً.

المنطق يقول إن الأفضل هو التركيز على تحسين الأداء التشغيلي للشركة، بغض النظر عن حركة السهم، وتذبذبه صعوداً أو هبوطاً، وبالتأكيد إذا تحسنت ربحية الشركة سينعكس ذلك إيجابياً على تداولات أسهمها، ولن تكون الإدارة في حاجة إلى أي أساليب –ملتوية كانت أم ذات صبغة قانونية- لـ«تبيض» وجهها أمام المساهمين عبر «تضخيم» قيمة السهم حتى يصبح «فقاعة» قابلة للانفجار في وجه الجميع، كما حدث في حالات عدة خلال السنوات الأخيرة.

ويبقى أن تعيد الجهات الرقابية وعلى رأسها «الهيئة» النظر في جدية و«دوافع» الشركات في الإقدام على تقديم طلبات للحصول على موافقات لإعادة شراء أسهمها حتى لا يساء استخدام هذا الحق كما حدث مراراً في فترات سابقة.

«إعمار» بإقدامها على «التخلص» من أسهم الخزانة بغض النظر عن الخسارة التي منيت بها، صححت مسار استراتيجيتها الاستثمارية، وهي خطوة جيدة تماثل امتناعها أكثر من مرة عن صرف توزيعات أرباح للمساهمين رغم إلحاحهم في الجمعيات العمومية، ويبقى أن تكتمل الصورة بالتركيز "التام" على الأنشطة التشغيلية للشركة، وأن تحذو باقي الشركات المدرجة حذوها حتى تتحول «إرهاصات» التماسك التي تشهدها الأسهم حالياً إلى انطلاقة صحيحة، وجديدة للسوق.

للتواصل مع الكاتب:

sobh2020@yahoo.com
 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن