الشركات في محافظة هاتاي (أو لواء الإسكندرون) في جنوب شرق تركيا حتى وقت قريب كانت مسرورة جدا مع إلغاء نظام التأشيرات بين تركيا وسوريا ، والتي أدت إلى الارتفاع الهائل لعدد الاشخاص الذين يمرون من خلال المعابر الحدودية بين البلدين.
ازداد عدد عبور الأتراك الى سوريا بنسبة 99% من 733132 زائر في عام 2009 إلى 1459580 زائر في عام 2010. وكانت النسبة للأتراك الذين يزورون سوريا تتمثل فى 59% من السياح و 40% من خلال التجارة عبر الحدود و 1% منهم لديهم رخص الإقامة.وفي عام 2010 ارتفع عدد السوريين الذين زاروا تركيا إلى 900000 بزيادة 76% مقارنة بعام 2009.
ومع ذلك فإن 6% فقط من السوريين القادمين إلى هاتاي يبقون في هاتاي أما الباقين فيفضلون السفر الى اسطنبول على متن طائرة أو عن طريق البر. وأولئك الذين يبقون فى هاتاى تكون زيارتهم لزيارة الأقارب أو لإجراء صفقات تجارية عبر الحدود، حيث يقيم السوريين في هاتاي من الخميس إلى الأحد من كل أسبوع كلما تواجد مصدرا للرزق فى قطاع الأعمال في المدينة.أما الآن فقد إعترى الناس القلق الشديد بشأن وقف هذا التدفق من الأتراك والسوريين عبر الحدود.
ونظرا للاستثمارات التي أقيمت والقروض التي حصلوا عليها كان من المتوقع زيادة عدد السياح السوريين والأتراك ولكن بات رجال الأعمال فى قلق شديد حيال منشآتهم الخاملة. وعلى الرغم من إنخفاض عدد السياح والزائرين الأخرين فى هاتاى منذ بدء الإضطرابات فى سوريا فى شهر مارس 2011 فقد بدأت الطبقة المتوسطة السورية فى نقل بعض من ثرواتها إلى تركيا عبر هاتاي. وفقا للاحصاءات التي تقدمها وكالة التسجيل المركزية (MKK) لم يكن هناك سوى 542 من المستثمرين الجدد الذين دخلوا بورصة هاتاي العام الماضي لكن عدد الاستثمارات الإجمالية من هاتاي ارتفع من 392 مليون ليرة تركية إلى 611 مليون ليرة تركية.ومن هؤلاء المستثمرين الجدد البالغ عددهم 542 من هاتاي فقد قام 538 منهم باستثماراتهم في غضون الأشهر الستة الماضية.
وبالنظر إلى بورصة اسطنبول فقد إرتفع مؤشر (IMKB-100) بنحو 17% في الفترة نفسها مما يوضح ضخامة الأعداد الكبيرة التى يلعب بها المستثمرون من هاتاى. فقد حصل كل مستثمر من هاتاى دخل سوق الأسهم على أسهم بقيمة 404 ألف ليرة تركية مما يعزز قيمة محفظة المستثمر في هذه المدينة بنسبة %50.والحقيقة أن مدينة (غازي عنتاب) و(شانلي اورفا) وأيضا المحافظات المجاورة لسوريا تعد من بين أكبر المحافظات قيمة لمحفظة المستثمر حيث تشير لقوة الزيادات فى تدفق الأموال السورية الى تركيا.
في نفس الفترة بلغت قيمة محفظة (غازي عنتاب) الاستثمارية 190 مليون ليرة تركية وفى عام 2010 ارتفعت إلى 293 مليون ليرة تركية مع 528 مستثمر. وفي (شانلي اورفا) ارتفع حجم محفظة الاستثمار من 35 مليون ليرة تركية إلى 67 مليون ليرة تركية مع 298 مستثمر.وعلى الرغم من الزيادة الصغيرة في عدد المستثمرين الجدد فقد تضاعفت محافظ هاتاي وغازي عنتاب وشانلي اورفا وهذا يشير إلى أن المستثمرين الأغنياء يتجهون إلى سوق الأسهم من هذه المحافظات.ووفقا لوكالة الإشراف وتنظيم العمل المصرفي (BDDK) وهى بمثابة إحصاءات الخريطة المالية التركية فقد شهدت ودائع العملات الأجنبية من الأشخاص الحقيقيين في تركيا عدم تغير ما بين مارس 2010 ومارس 2011 في حين كانت هناك زيادة في هاتاي 404 مليون ليرة تركية أى ما يعادل 228 مليون دولار.
ولا تزال تلك الزيادة مستمرة حيث يمكن النظر إلى زيادة مماثلة في المحافظات الأخرى المجاورة لسوريا مثل محافظة (كيليس) على وجه الخصوص حيث بلغت الزيادة 48% أعلى من هاتاي من حيث النسبة ولكن أقل من حيث الحجم. فقد تمثلت الزيادة في ودائع العملات الأجنبية للشركات في تركيا بنحو 36% فى حين كان 101% في هاتاي. وبالتالي بلغت إيداعات الأشخاص الحقيقيين والشركات في هاتاي حوالي 410 مليون دولار في البنوك خلال العام الماضي.ويتمثل تدفق الاموال من سوريا الى تركيا عادة عن طريق تجار المجوهرات أو أقارب في تركيا. حيث يتم تحويل المبالغ المودعة إلى صائغ في سورية ثم لصائغ آخر فى هاتاى مع عمولة قدرها من 3% إلى 5% أو تتم عبر الحدود من قبل الأقارب. ثم يتم إيداعها في المصارف التركية مع الإشارة إلى عناوين الأقارب في تركيا.وبناء على الحوادث المأساوية فى سوريا فإنه يبدو أن السوريين يحاولون إنقاذ أموالهم ومستقبلهم عن طريق هاتاى.
المصدر: موقع "نقودي.كوم"