لا وجود لفجوة غذائية في الإمارات

تاريخ النشر: 16 مايو 2012 - 02:15 GMT
ان الفجوة في السلع الغذائية الأساسية في الإمارات متشابهة مع بقية البلدان الخليجية والعربية
ان الفجوة في السلع الغذائية الأساسية في الإمارات متشابهة مع بقية البلدان الخليجية والعربية

أثارت قضية المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية في الإمارات، جدلاً كبيراً، وشكك خبراء ومراقبون في مجال حماية المستهلك، في قدرة أسواق الإمارات على الصمود لأكثر من 6 أشهر، عندما ينتهي المخزون الاستراتيجي من هذه السلع، معتبرين أن أولويات الأمن الغذائي تقتضي وضع خطط متوسطة وطويلة المدى لدرء المخاطر المحتملة، والتي قد تنتج عن وجود أزمات أو طوارئ، وتشكل عبئاً على الأسواق التي تستورد 90 بالمئة من احتياجاتها الأساسية من الخارج.

وفيما تعاني الإمارات إشكالية عدم القدرة على إنتاج السلع الغذائية الرئيسة محلياً، فضلاً عن غياب البدائل قصيرة المدى عند وجود أزمات أو طوارئ، اختصر المهندس حسن الكثيري، خبير قضايا المستهلك، ورئيس «شبكة المستهلك العربي»، أسباب اتساع الفجوة الغذائية في الإمارات، إلى الاهتمام فقط بوضع الخطط قصيرة المدى، في حين تحتاج المشكلة إلى خطط تكتيكية متوسطة وطويلة الأمد، فضلاً عن ضرورة تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمستثمرين وأصحاب الأراضي الزراعية في الوطن العربي سعياً إلى ردم الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

أزمة عربية

وبين الكثيري في تصريح لـ«الرؤية الاقتصادية»، أن الفجوة الغذائية العربية تناهز 216 مليار درهم (نحو 50 مليار دولار)، وهي عبارة عما تستورده البلاد العربية من أغذية من خارج العالم العربي، وهي أرقام آخذة في التزايد نتيجة زيادة السكان وتدفقات العمالة إلى بعض الدول الخليجية، مشيراً إلى أن الإمارات لا تغرد خارج السرب في هذه الإشكالية، كونها دولة غير زراعية.

وأشار إلى أن سد احتياجات الأسواق المحلية في الإمارات من المنتجات المصنعة محلياً لا يتجاوز 10 بالمئة، وغالباً ما يتم ذلك من خلال صناعات غذائية بسيطة، داعياً إلى إحداث حالة من التكامل الاقتصادي العربي، وزيادة الاستثمارات الوطنية في هذا الصدد في بعض البلاد العربية الزراعية والصناعية، إضافة إلى السعي نحو توقيع عقود متوسطة وطويلة المدة مع مزارع ماشية ودواجن ومنتجات غذائية ومصانع للإنتاج الغذائي والمعلبات، تصل إلى 15 و20 عاماً، وليس أشهر معدودة.

ولاحظ أن الفجوة في السلع الغذائية الأساسية في الإمارات متشابهة مع بقية البلدان الخليجية والعربية، وهي تصل إلى 90 بالمئة، في حين تبلغ نحو 10 بالمئة من السلع غير الأساسية، لافتاً إلى أن التكامل يحتاج إلى وعي من قبل المستهلكين أنفسهم، بأهمية الترشيد في الإنفاق الاستهلاكي الغذائي، حيث يقلل ذلك من الفجوة التي صنعت تلك المشكلة.

تحديات

من ناحية أخرى اعتبر حسن إبراهيم النعيمي، مدير المكتب الإقليمي لدى «الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي»، وهي منظمة عربية معنية بالاستثمار بالقطاع الزراعي والثروة الحيوانية والداجنة، ومقرها دبي، أن التحديات التي تواجه الجهود المبذولة في هذا الإطار تفوق بكثير تلك الجهود، لافتاً إلى أن دول الخليج العربي على سبيل المثال تحتوي على بيانات وأرقام مفزعة في ما يتعلق بمعدلات الاكتفاء الذاتي من الغذاء، في وقت تحقق فيه تلك الأسواق طلباً مرتفعاً جداً، نتيجة الزيادة في عدد السكان.

ولخص النعيمي أبرز المعوقات في أنها تتمثل في صعوبة بيئة الاستثمار، والبنية التحتية، وتشتت الجهود، فضلاً عن غياب التنسيق بين الدول العربية، مشيراً إلى تأسيس الهيئة لـ«المرصد العربي للأمن الغذائي» نهاية العام 2011، والذي يعنى برصد أسعار السلع الغذائية الرئيسة محلياً وعربياً، ووضع الإنتاج الزراعي العربي، وتوقعات الفجوة الغذائية.

وتوقف النعيمي عند ما حققته الإمارات من نسبة في الاكتفاء الذاتي من الصناعات الغذائية، والتي بلغت 36 بالمئة منذ مطلع العام الجاري، والتي فاقت السعودية التي حققت 22 بالمئة، وبلدان أخرى لم تصل سوى إلى نسبة 10 بالمئة، داعياً إلى ضرورة وضع خطة متكاملة على مستوى البلاد العربية تديرها الحكومات بالتعاون مع القطاع الخاص لردم الفجوة الغذائية وفق منظور متوسط وطيل الأمد.

ورأى أنه من الضروري توجيه الأموال والجهود والأفكار نحو الاستثمار الزراعي، واستغلال الطاقات والإمكانات البشرية والمالية والجغرافية الهائلة في الوطن العربي، خصوصاً وأن الحبوب وحدها تمثل نحو 50 بالمئة من الفجوة الغذائية، تليها اللحوم الحمراء والبيضاء، والألبان والزيوت والسكر وغيرها.

غياب التخطيط

ولاحظ الدكتور جمعة بلال، رئيس مجلس إدارة «جمعية الإمارات لحماية المستهلك»، أن أسواق الإمارات تفتقد إلى سياسة واضحة للأمن الغذائي، على الرغم من أنها تحتوي على جميع السلع الغذائية، مشيراً إلى أن المواد الغذائية التي تستوردها الإمارات تبلغ أكثر من 90 بالمئة من احتياجات المستهلكين، ما يعني أن الأسواق المحلية تعتمد على النسبة ذاتها من الخارج في تلبية احتياجاتها من الغذاء، وهو مؤشر خطير خصوصاً في حال الأزمات والطوارئ.

واتهم رئيس جمعية حماية المستلهك ما سماها «منظومة الأمن الغذائي العربي» بأنها تعاني من سوء التخطيط، باستثناء بعض الدول التي تمتلك خطط متوسطة الأجل للأمن الغذائي، من دون أن يسمي تلك الدول، مشيراً إلى أن متوسط الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك للسلع الغذائية في البلاد العربية يدور حول 75 بالمئة، وهذه النسبة تزيد وتقل حسب الإمكانات الزراعية في كل بلد.

وأشار بلال إلى المطالبات المتكررة من قبل «المجلس الوطني الاتحادي» بوضع خطة واضحة ومتكاملة لتحقيق الأمن والاستقرار على مستوى ملف الغذاء في الإمارات، معتبراً أن هذه المطالبات لا بد من أن تترجم إلى قرارات تصب في مصلحة المجتمع.

نفي رسمي

رسمياً، وعلى مستوى وزارة الاقتصاد، أكد الدكتور هاشم النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك في الوزارة، توافر السلع الغذائية الأساسية في أسواق الدولة، نافياً وجود فجوة غذائية على المديين القصير والمتوسط، معتبراً أن ما يثار من تصريحات حول الفجوة الغذائية غير دقيق.

وأشار النعيمي إلى وجود برنامج إلكتروني لرصد ما يدخل أو يخرج إلى الدولة من سلع غذائية، مؤكداً أن المتبقي منها في الأسواق يزيد على الحاجة المحلية، وبالتالي فلا داعي لهذه المخاوف، لافتاً إلى أن الحروب التي عصفت بالمنطقة خلال العقود الماضية لم تؤد إلى حدوث فجوة غذائية، ولم تسجل حتى نسبة واحد بالمئة من النقص في المعروض الغذائي في أسواق الإمارات.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن